«الحراك الشعبي» أظهر فشلاً في توحيد لوائحه كما في تشكيل قيادة وبرنامج له الإنتخابات النيابيّة كشفت تعدّد أهدافه كما في «ثورة بخيم كثيرة

فوضى تشكيل اللوائح للانتخابات النيابية لما سمي «حراك شعبي» هي استنساخ لما رافقه بعد واثناء انطلاق ما دعيت «ثورة» أو انتفاضة، إذ لم يكن من شكلوا هذا الحراك على توافق حول الشعارات والأهداف، كما على وسائل «التغيير»، فلم يخرج الحراك ببرنامج محدد وموحد سوى ببنود متفرقة في محاربة الفساد، واسترداد المال المنهوب، واسقاط الطبقة الحاكمة، ومنع وجود «دويلة» داخل الدولة، والمقصود بها حزب الله الذي يملك السلاح والنفوذ، وانكشف ما يعمل له بعض من تحركوا في الشارع والساحات وقطعوا الطرقات، اذ تعددت «الاجندات» الداخلية والخارجية، التي يعمل «الثوار» بها، لصالح مشاريع سياسية فئوية داخلية واخرى خارجية، تريد النيل من المقاومة وسلاحها، ليصب هذا الشعار في ما يطرحه العدو الاسرائيلي، وما تريده أميركا، والمطبّعون مع الكيان الصهيوني، وفق ما يؤكد مسؤولون في حزب الله، بان الحملة على المقاومة التي يقوم بها من يدعون «الثورة»، فانما يعملون لصالح خطط مرسومة لهم من الخارج، ولا علاقة لها بالاصلاح ومحاربة الفساد الذي يحمل لواء مواجهته حزب الله عبر تكليف النائب حسن فضل الله ، والذي عرض في اكثر من مؤتمر صحافي ومقابلة اعلامية الوثائق والمستندات والدعاوى التي تم تقديمها للقضاء في ملف هدر الاموال، والجهات المسؤولة والمتهمة به.

لذلك، فان فوضى الاهداف والشعارات هو ما ساد الحراك، الذي انطفأ منذ اكثر من عام، وخلت الساحات من اي تحرك سوى بعض الحالات الفردية والاستنسابية، واخرى تعمل لصالح مراجع رسمية وسياسية وحزبية، اذ تكشف المعلومات بان الاحزاب وغالبيتها مرت في السلطة، هي من كان يحرك التظاهرات وقطع الطرقات في عنوانها «التغيير»، وفي مضمونها الاستهداف السياسي من الاطراف ضد بعضها البعض، كما يكشف احد من شارك في الحراك منذ انطلاقته، والذي كان يصفه بالعفوي، ليعترف بعد فترة، من ان احزابا خرقته، واطراف يسارية دخلت عليه، وان قيادات في احزاب مارست السلطة على مدى عقود ظهرت امام الرأي العام بانها صاحبة دعوة للاصلاح، اضافة الى شخصيات سياسية قدمت انجالها للوراثة السياسية في اكثر من دائرة انتخابية.

من هنا، فان ما لم يفعله «الحراك الشعبي» في انتاج قيادة وبرنامج مرحلي اقله للتغيير، بسبب التشرذم الذي ظهر فيه هذا الحراك، الذي لا مثيل له بين كل الانتفاضات في العالم وثوراته، مما ادى الى اصابة غالبية اللبنانيين بالاحباط من امكان حصول تغيير في لبنان، بعد ان ركب موجة الغضب الشعبي «ما هبّ ودب»، كما يقول المثل الشعبي، وباتت الخيم المنصوبة في ساحات وسط بيروت، كما في عدد من المدن والمناطق لا تعد ولا تحصى، فانكفأ المشاركون في الحراك الى مناطقهم، وفقدوا الثقة بمن يدّعي تمثيل «الثورة»، وهو الخلاف الذي انتقل الى تشكيل اللوائح، التي ظهر العديد منها في كل دائرة، فزاد المواطنون قناعة بان التغيير بعيد المنال، طالما من يطرحونه مصابون بالانانية والفردية والتسلط والاستبداد، اضافة الى ان من قدموا انفسهم «تغييريين» لم يشهد لهم الشعب اللبناني على ممارسة تنهض بالمجتمع، ولم يقدموا على مشاريع سوى ما تلجأ اليها جمعيات خيرية كتوزيع ملابس وغذاء وادوية، التي تحول المواطن الى متسول وليس منتجا، فبدل السمكة اعطيه الصنارة، وفق المثل الصيني.

وخسر «الحراك الشعبي» معركته الثانية في الانتخابات النيابية قبل ان تبدأ ، بعد فشله في الاولى التي كان عليه وبعد 17 تشرين الاول 2019، ان ينكب من يعتبرون انفسهم قياديون فيها، او محركون لها، الى التوافق على قيادة تنظم التحركات، حيث حاولت بعض المجموعات ذلك، فنجح بعضها وفشل بعضها الآخر، وها هي الممارسة نفسها يقوم بها من يدعون بانهم «الثورة»، بحيث استمر التشرذم ولم تتوقف الاتهامات بين افرادها، اذ ظهر بان غالبية اللوائح التي تشكلت من «التغييريين» وهم منتمون الى الاحزاب ويلبسون قناع «الثورة»، وبعضهم من هو»طافش من حزبه»، كما ان هناك بدعة «اليسار» المتنوع الاسماء، موجود في كل لائحة، وفق ما يكشف من تابعوا تشكيل اللوائح.

ويدخل ما يسمى «الحراك الشعبي» الانتخابات النيابية، بلوائح عدة، وهو المشهد نفسه الذي كان وما زال منذ 17 تشــرين الاول، «ثورة في خيم كثيرة»، ولن تكون النتائج في الانتخابات النيابية ايجابية.

شاهد أيضاً

الشيخ اللحام يلقي محاضرة حول “مفهوم التراحم” ضمن معرض الكتاب الخمسين في مدينة طرابلس

بدعوة من رئيس الرابطة الثقافية في طرابلس- لبنان رامز الفري للمشاركة في فعاليات معرض الكتاب …