السفير الأممي أبوسعيد لـ”كواليس”: فرضية الإرهاب وأبعاد استهداف بيروت

 أحمد موسى

“11أيلول لبنان” دمّر نصف بيروت موقعاً آلاف الجرحى والقتلى


عون “تخزين غير آمن” وابراهيم “خزّنت في المرفأ بعد مصادرتها” وضاهر “كانت محتجزة قضائياً”






وفي الرابع من آب أصبح للبنان 11أيلول، “2750 طناً من نترات الأمونيوم كانت مخزنة بطريقة غير آمنة في مستودع لنحو ست سنوات، في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت”، كانت كفيلة لتغيير معالم عاصمة الثقافة العربية ـ بيروت ـ بثوانٍ.

سلام لبيروت، ومسكن القلوب، سلام لها حين تأبى الا ان تكون عروس العواصم، ومرسى الامل رغم كل النكبات، وحين تنزف مرتين، مرة بابنائها الشهداء ووجهها الجميل المدمى بالاهمال، ومرة حين يجرحها من يدعي بلسمة جراحها بشيء من الحقد او كثير من الانصياع والارتهان.

القنبلة الذرية

غدا 6 آب، الذكرى الخامسة والسبعون على القنبلة الذرية على هيروشيما هذه السنة، للبنان حصة في هذه الذكرى، فهو يتذكرها مع اليابانيين وهو مثخن بجروح قنبلة ذرية من نوع آخر: قنبلة هيروشيما ألقتها الولايات المتحدة الأميركية على اليابان لدفعها إلى الاستسلام في الحرب العالمية الثانية، قنبلة مرفأ بيروت ألقاها “تحالف الإهمال” منذ عام 2014، تاريخ إدخال المواد الممنوعة والشديدة الإنفجار، وصولا إلى أمس، تاريخ انفجار ال 2750 طن من “نترات الأمونيوم” التي حولت العاصمة بيروت إلى مدينة منكوبة وأوقعت مئات الضحايا والجرحى وسببت خسائر مادية تحسب بمليارات الدولارات.

تاريخ وحضارة ومقاومة

سلام لبيروت ولأهلها الساكنين معها عمق التاريخ ومرارة الحاضر وروح المستقبل الذي يشبهها لا محال ـ عربية شرقية، قوية كيوم كسرت كل الغزاة لا سيما الصهاينة عند ابوابها وفي شوارعها، وحين تلملم جراحها على استحياء، وتعد شهداءها وهي تبكي مع انين الامهات المفجوعات. سلام لها حين تظلل الوطن بكل انواع الصبر والاحتساب، وتتأمل مع الايام كيف ان بعض الايادي التي كانت تخنقها قبل ساعات باتت تدعي اليوم مساعدتها وتبكي دموع التماسيح عليها دون استحياء، فيما اياد ممدودة لها في عز حصارها ولا تزال، تحمل لها كل الخير والدعم والحب قبل المساعدات.

استثمار

وفيما يسعى اللبنانيون للملمة جراحهم، ويتكاتفون يدا بيد لكنس ما امكن من الوجع والالم مع مخلفات الانفجار الكبير، يأمل آخرون وكعادتهم بالاستثمار السياسي والاعلامي للازمة، كما استثمروا ولا يزالون الازمة الاقتصادية واوجاع الناس بسحت سياسي ومالي.

قوافل مسؤولين

المسؤولون كثر في هذ القضية: وزراء أشغال، لجان أشغال نيابية، رؤساء أجهزة أمنية، خصوصا أن لديهم ضباطا من قبلهم في المرفأ، مسؤولو جمارك، قضاء، رئيس مرفأ، ووكلاء شحن.
وفوق كل هؤلاء، هناك رؤساء حكومات ووزراء وسياسيون تعاقبوا على تغطيتهم، فكانوا فوق المحاسبة “ويا جبل ما يهزك ريح.
من العام 2014 إلى اليوم: ثلاثة رؤساء حكومات، ثلاثة وزراء أشغال، أكثر من ضابط أمن مسؤول في المرفأ سواء من مديرية الاستخبارات أو من الأمن العام أو من قوى الأمن الداخلي أو من أمن الدولة، أكثر من ضابط في الجمارك مسؤول في المرفأ.
وفي القضاء، أكثر من مدع عام تمييزي، واكثر من قاضي عجلة. ستة أعوام وعلى رغم هذه القوافل من المسؤولين الحكوميين والأمنيين والقضائيين، تقبع قنبلة موقوتة في العنبر الرقم 12 هي عبارة عن 2750 طن من نترات الأمونيوم.
هؤلاء المسؤولون من سيحاسبهم؟ فمن هم في السلطة منذ عام 2014 ، تاريخ دخول الشحنة مرفأ بيروت، وصولا إلى اليوم، هم، إما حلفاء لهم وإما شركاءهم، وإما من معسكراتهم السياسية سواء من 8 أو من 14 آذار، فمن يحاسب من؟ من ينتج سلطة: لا من التي هي قائمة، ولا من التي كانت قائمة لمحاسبة الجميع من دون استثناء؟.

تحالف الإهمال

إنه السؤال الذي يطرحه شهداء “تحالف الإهمال”، يطرحه الجرحى الذين انقذتهم العناية الإلهية، يطرحه الذين خسروا منازلهم وجنى عمرهم، يطرحه الذين كفروا بهذه السلطة التي هي “الخصم والحكم”، يطرحه الذين كفروا بالسلطات التي سبقت لأنها لم تكن افضل حالا.

“بيروت ـ شيما”

معضلة، مطلوب لها، “محاسبة وتغيير” فلا تغيير من دون محاسبة ويكون البلد كمن ينظف وسخا بممسحة وسخة، من يملك الجواب فليقدمه، وفي الإنتظار، كيف افاقت بيروت المنكوبة؟.
انفجر في العنبر الثاني عشر، والعقوبة واجبة في العنبر نفسه، وهناك يجري إيداع المسؤولين عن جريمة ضد الانسانية منذ لحظة تخزين المواد المتفجرة عام 2014 الى لحظة العصف المدمر الذي حول مدينتنا إلى “بيروت ـ شيما” كما أطلق عليها، فالضحايا بالآف بين شهداء وجرحى ومفقودين وأشلاء صاروا ملح بحر، كلهم يريدون عقابا سريعا لن يحتمل “لجان تحقيق” وتوصيات مجلس أعلى ولا عصفا فكريا وزاريا وسياسيا وأخذ الحمض الواضح أنه نووي من دون فحوص انفجار يدمر جزءا من بيروت، ويأتي على مرفأها ويعطل حياتها ويدمي قلوب أبنائها، فقتلت حتى الآن 135 وجرحت ما يفوق الآلاف الخمسة، فضلاً عن فقدان العشرات وتدمير جزء من بيروت، يهزّها ولا يهزّ مسؤولا واحدا ليقتلعه من موقعه وكرسيه المضاد لنيترات الأمونيوم.

السفينة الغامضة

تقول السلطات اللبنانية إن الانفجار الذي هز بيروت الثلاثاء وقُتل فيه 135 شخصا وجُرح أكثر من 5000 آخرين، وقع في مخزن بمرفأ بيروت كان به مخزون كبير من مادة نترات الأمونيوم.
الرئيس اللبناني العماد ميشال عون قال، “إن 2750 طناً من نترات الأمونيوم كانت مخزنة بطريقة غير آمنة في مستودع لنحو ست سنوات”.
كما أشار مدير الأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، إلى “أن حاوية تضم هذه المادة الكيميائية سبق مصادرتها وخزنها في مخزن في المرفأ منذ سنوات”.
وأوضح مدير الجمارك في لبنان، بدري ضاهر، “أن الحاوية كانت محتجزة بأمر قضائي بناء على دعوى خاصة إثر خلاف بين المستورد والشركة الناقلة”.
وربطت تقارير بين هذه التصريحات وواقعة احتجاز سفينة شحن كانت محملة بشحنة من مادة نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت في عام 2013.

ابوسعيد

مفوض الشرق الأوسط للجنة الدولية لحقوق الإنسان ومبعوث الخاص للمجلس الدولي في جنيف السفير الدكتور هيثم ابو سعيد قال في حديثٍ خاص لمجلّة “كواليس”، “إن ما جرى في الامس في مرفأ بيروت نتيجة انفجارين لمواد كيميائية هي كارثة إنسانية خصوصاً إذا ما توقفنا عن حجم عدد الشهداء والجرحى الذي وصل الى حولي 135 شهيداً وأكثر من 5آلاف جريح في وقت قصير جداً، يناهز اكبر الكوارث التي تحصل في الحروب”.
أضاف، “نحن في اللجنة الدولية لحقوق الإنسان نعتبر هذا الأمر بمثابة جريمة كبرى بحق الإنسانية وعليه يترتب أقسى أنواع المحاسبة القضائية دون هوادة، إذ أن أرواح الناس ليست ملكاً لأحد ولا يحق لأحد التحكم أو التلاعب بها”.

ولفت إلى أنه، “بناء على المعطيات الاثنين أي معطيات الأولية للدولة اللبنانية وأجهزتها الامنية أو ما لدينا من معطيات مكملة لها، يمكن القول إن هذا الفعل هو فعل إجرامي بامتياز وعن سابق تصور وتصميم ومدروس من قبل الجهات الأساسية التي خططت ونفذت هذا الأمر”.
وقال، “لا يمكن أن نفصل أي استحقاق محلي وإقليمي ودولي مع ما حدث في بيروت، وكيف اذا كان هذا الأمر يرافقه في الأيام القليلة المقبلة مشروع النطق بالاحكام النهائية المرتبطة بمقتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري وهو كان يشغل منصب رئيس حكومة لبنان.
من السخافة والبساطة أن نفصل بين الأمرين وكل العارفين في السياسة يحتسبون لهكذا أمور”.

بصمات إسرائيلية

وعما إذا كان التفجير يحمل بصمات استخبارية اسرائيلية او عودة لنشاط داعش، رأى السفير أبو سعيد، “أنه لا يمكن لنا أن تستبق أي تحقيق قائم على المستوى المحلي أو قد يكون هناك تحقيق ايضا على المستوى الدولي نظرا لما لنا من معطيات ترسانتها إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس ورئيس المجلس الدولي للحقوق السفيرة اليزابيث فيسلبرغر والمفوض السامي لحقوق الإنسان السيدة ميشال باشوليه، حيث وضعناهم بما وصل إلينا من معطيات”.
مشيراً إلى أن “قضية داعش في هذا الأمر قد يكون مرتبط بالتنفيذ المحلي، وهذا ما سيظهره التحقيق التي تقوم به الأجهزة الأمنية اللبنانية، ولكن نحن لا تستبعد اي فرضية ميدانية خصوصا أن كل المعطيات في الآونة الأخيرة تشير إلى عودة هذا التنظيم إلى الميادين العربية والإسلامية وبقوة”.

فرضية الإرهاب

وعن حجم المسؤولية التي تقع على الحكم في لبنان، أكد السفير أبو سعيد أنه “دعنا لا نستبق التحقيقات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية اللبنانية، وعليه سنتمكن من تحديد موقف معين”.
أما بالنسبة للحكم في لبنان فهذا أمر يعود إلى القضاء اللبناني وأجهزته الامنية والى وزيرة العدل الدكتورة ماري كلود نجم لتحدده وفقاً للمعلومات التي ستظهر، ونحن نواكب ونتابع معهم ذلك.
لافتاً، أنه “لا يمكن استبعاد فرضية عمل ارهابي سواء كان محلي أو دولي، وهكذا اعمال غالباً ما تكون بهذا الحجم مرتبطة بأجندة إرهابية دولية لا تقوى على ذلك أي جهة محلية أو إقليمية”.

شاهد أيضاً

حملة “بنك الدواء الخيرية” مبادرة ربيع وفراس الفردية لمساندة كل من يحتاج إلى الدواء

بالرغم من كل العواصف والهبات الساخنة المتتالية التي تعصف بلينان واللبنانيين منذ تشرين الـ 2019، …