«أحزاب السلطة» تتوحّد كلّ منها في لوائح للفوز بالأكثريّة النيابيّة «قوى التغيير» تخوض الانتخابات مُتفرّقة وقد لا تحصل على الأقليّة؟

كمال ذبيان

عندما انطلقت الحركة الشعبية الرافضة لزيادة الرسم على فاتورة «الواتساب» في 17 تشرين الأول 2019، قيل عنها انها عفوية تعبّر عن غضب «المواطنين لما آلت اليه الاوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وتوقع اللبنانيون ان تتوحد هذه الانتفاضة، في اطار برنامج موحد، وتفرز قيادة لها، الا ان ما حصل هو اقامة «مجموعات» ما سمي «ثورة» خيم لها، لكل منها مطالبها وارتباطاتها واهدافها، حتى وصل عددها الى حوالى 200 هيئة وحالة وتجمع وربما اكثر، فكانت شعاراتها متعددة، وقراءة كل مجموعة للوضع السياسي مختلف عن الاخرى، فمنهم من يراها بالنظام السياسي الطائفي، وبعضهم حمّلها للمنظومة الحاكمة، على مدى عقود دون استثناء أحد بعنوان «كلن يعني كلن»، كما ان البعض انحرف عن الحراك المطالب بمحاربة الفساد، ووقف الهدر واسترداد المال المنهوب، الى المطالبة بنزع سلاح حزب الله وتطبيق القرار الدولي 1559 والذي ينص على ذلك، حيث باتت المشاريع ضائعة في خضم صراع بين المجموعات، لمن تكون القيادة، ولمن يعود القرار، ولم تفلح جهود القيمين على «المجموعات الثورية» التغييرية في ان يوحدوا برنامجهم، وتكون لهم قيادة تؤطر المجموعات في عملية تغيير فعلية وحقيقية، الا ان ما حصل ان كل مجموعة اقتطعت لنفسها منطقة، واقامت لها خيمة، وتقدم لقيادتها افراداً «مهمشين»، صنع الاعلام منهم رموزاً، ومنهم من حاول «ركوب الثورة» وهؤلاء كثر، وابدى ثوار فعليون وحقيقيون ومناضلون قلقهم من اندساس متطفلين على «الثورة»، ومنهم من دفعتهم الاحزاب اليها، وبعضهم من هم من احزاب السلطة، مما افشل «الثورة» التي تراجعت، واصاب الاحباط المواطنين الذين صدموا من البدائل التي تقدم نفسها، حيث ظهرت الانانية والفردية والاستبداد، وأصحاب المشاريع الفئوية والمشبوهة، مما زاد من يأس المواطنين في التغيير، وبات شعارهم «كلن يعني كلن» ومن ضمنهم قوى وافراد في الثورة.

هذه القراءة لمن تابع التحرك قبل عامين ونصف العام، خلص الى نتيجة بأن ادوات التغيير صعبة في لبنان، مع طرح علامات استفهام حول أفراد قدموا أنفسهم «ثوريين»، لكنهم في الممارسة لم يبرهنوا بأنهم الافضل من اهل السلطة المستبدة. حيث تقول مصادر متابعة للحراك، بأن الشعارات جيدة، والمطالب محقة، والدعوة الى التغيير مطلوبة، لكن هذا الانقسام والتشرذم داخل صفوف «الثوار» هو ما ترك اليأس يتسلل الى الشعب الذي خرج لاسقاط النظام، والاطاحة بالسلطة الحاكمة، ليتبين له بأن الشارع لم يزحزح اركان الحكم عن مقاعدهم، لا بل ان الطبقة الحاكمة الفاسدة، باتت أقوى، وهي ستعيد انتاج نفسها في الانتخابات النيابية المقبلة، التي لم تغير الاحزاب الحاكمة، اسماً من مرشحيها، الا بعض الاسماء، فأبقت القديم على قدمه، في تحد لارادة التغيير الذي ينشده اللبنانيون، وقد بات الفقر يضرب حوالى 80 % منهم، قبل ان تزيد الازمات اكثر، حيث تنتظرهم مجاعة متوقعة، بحسب المسؤولين، كما تقارير دولية، لأسباب داخلية تتعلق بانخفاض القدرة الشرائية للمواطن، وعدم استقرار سعر صرف الليرة، ونهب اموال المودعين في المصارف، وتوقف عمل قطاعات واسعة، باتت تعلن افلاسها أو تراجع خدماتها، حيث فاقمت الحرب الروسية – الأوكرانية من حصول المجاعة في العالم، لن يكون لبنان بعيداً عنها.

من هنا، فان ما تسمي نفسها «قوى تغيير» لم تتوحد اثناء ظهور «الثورة»، وفق البعض، ويؤلفون قيادة بينهم، ويضعون برنامجاً بعيداً ومرحلياً، للانقاذ، وهم لم يفعلوا، حيث خذلت هذه القوى كل من اعتقد ان التغيير حاصل لا محالة، لم تتوحد ايضاً في الاستحقاق الانتخابي الذي هو احد اساليب فرض التغيير من ضمن النظام السياسي وبالوسائل الديموقراطية السلمية لا العنفية، اذ وحدت السلطة على مختلف احزابها وتياراتها، تحالفاتها، لخوض معركة الاكثرية النيابية، فان «قوى التغيير» ما تزال تتخبط، وان كان البعض منها نجح في اقامة ائتلافات فيما بينها، لكن تشكلت لوائح ضد بعضها، حيث يتوقع خبير انتخابي ان لا تحقق هذه القوى خرقاً كبيراً، بل محدوداً في دوائر معينة، للحصول على أقلية نيابية، قد لا تتعدى الخمسة في الحد الاقصى، وفق احصاءات لعدد من الدوائر، التي اذا لم تجتمع «قوى التغيير» في لائحة واحدة، فان حظوظها قليلة بالنجاح، وان تجربة العام 2018 تؤكد أن التشرذم هو الذي منع دعاة التغيير الى الفوز بمقاعد سوى تجربة النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان.

كمال ذبيان

شاهد أيضاً

ضاهر: “نطالب وزير الصناعة بالاعتذار علنا عن الإساءة لجدعون وتشويه سمعته”

قال النائب ميشال ضاهر في بيان صدر عنه: “بعد حوالى 11 شهرًا على إحالة المدير …