كم كان بالأمس رفيق الحريري مشرقاً…

 

كم كان مشرقاً وزاهياً وباسماً طيف رفيق الحريري في الذكرى ال١٧ لآغتياله، على وجوه الناس الطيبين الصادقين والمخلصين، الذين توافدوا إلى ضريحه، ليهدوه حبهم الأبدي في عيد الحب، الذي إنتزعه المجرمون القتلى من أفئدتهم…
أتوا من كل المناطق، متعبين مرهقين من آلام وأوجاع معاناتهم وهمومهم ومصاعب أيامهم.. أتوا مثقلين من إحباطهم ويأسهم.. أتوا حاملين معهم باقات الوفاء والإنتماء كأكاليل غارٍ، ممزوجة بعرق كدهم وكدحهم وعنائهم.. ليمنحوها لروحه الطاهرة، مقرونة مع ثواب فاتحة الكتاب بقوب صافية وخاشعة، وأعين دامعة…
كم كبر قلب رفيق الحريري بالناس الذين أحبهم بتفانٍ حتى الإستشهاد، رغم هذا الحزن المفجع، الذي لا قعر له، على ما آل إليه لبنانه الحبيب وشعبه الطيب، في زمن الردة، حيث الإفقار والإذلال، والتدمير الممنهج للمنشآت والإنجازات…
رأي فيهم؛ بساتين الليمون، والحقول الخضراء، وشتلات التبغ، وأشجار الصنبور، وشاطئ البحر، وأمواجه الزرقاء، ومراكب الصيادين، والباعة المتجولين، والطلاب المجتهدين، والشباب الطامحين، وأحلام الواعدين…
وزادت فرحته؛ عندما شاهد الساحة خالية خاوية من المخادعين والمنافقين والخوانين الغادرين؛ الذين تسللوا إليها مرات ومرات، متسترين بريائهم وكذبهم، منتحلين صفة الوفاء، التي هي منهم براء، حيث أن تاريخهم الأسود حافلٌ بالجحود والخداع والعقوق…
لكن، فرحته العارمة إمتزجت بغصة وحسرة في قلبه في تمام الساعة الواحدة إلا خمس دقائق (!) عندما حضرت عائلته الصغيرة: الشقيقة بهية والشقيق شفيق والإبن سعد، دون سائر أفراد العائلة، التي لطالما جمعهم على الإلفة والتكاتف والإخاء في حياته، ليكونوا قلباً واحداً عند وفاته، معتصمين بحبل الله وتعاليمه، ومتعاضدين متماسكين على الفضيلة لإكمال مسير البر والخير والعطاء…
أخفى دمعته، قبل مغادرة العائلة الصغيرة الضريح، وتغلب على حزنه العميق، وأعاد رسم البسمة على وجهه، سائلاً ربه الهداية والرشد وسواء السبيل، لكل من أضل الطريق(!) مستودعاً الله مجدداً لبنان الحبيب وشعبه الطيب، وداعياً لهما أن ينعما بالسعد والهناء…

زياد سامي عيتاني

شاهد أيضاً

هل هو القضاء والقدر فقط؟

كتب نبيه البرجي في صحيفة الدياريقول: إذا رددنا مثلما يردد الكثيرون “انه القضاء والقدر”، من …