حشود اسرائيلية هائلة على الحدود.. هل تبدأ اسرائيل المعركة قبل ردّ “حزب الله”؟

منذ انتهاء الحرب في سوريا فعلياً وعودة جزء كببر من عناصر وقوات “حزب الله” وقياداته الى لبنان نهاية العام ٢٠١٧، بدأ القلق الإسرائيلي يأخذ منحى مختلفا، وبات مبنياً على مسارين، المسار الأول مرتبط ببقاء قوات من الحزب في سوريا ودورها، والمسار الثاني هو عودة الحزب بخبراته وامكانياته وقدراته البشرية كاملاً الى الحدود مع فلسطين المحتلة.


القلق من المسار الأول يقوم على نظرية فيها الكثير من الصحة تقول بأن وجود “حزب الله” في سوريا لم يعد يرتبط بالمعارك الداخلية بل بات جزءا من منظومة تدريب وإعداد لعشرات آلاف المقاتلين السوريين والعراقيين والأفغان والباكستانيين ليصبحوا جزءا من قوة هجومية هائلة. من هنا يبدأ القلق الإسرائيلي من وجود الحزب والحرس الثوري في سوريا حيث يتم نقل القدرات النوعية واعداد البنى التحتية القتالية من البو كمال الى الجولان وما بينهما.


اما القلق من المسار الثاني فيقوم على فكرة تقول بأن حجم النمو البشري والتقني والعملاتي (الخبرات) الذي عاد به الحزب الى لبنان اكبر بكثير من حجم النمو لدى الجيش الإسرائيلي.

على غفلة وجدت اسرائيل ان “حزب الله” تخطى مرحلة الإستنزاف في سوريا وعاد سليماَ الى لبنان، فكان لا بد من ضربه، ابتكرت اسرائيل نظرية المعارك بين الحروب بهدف ضرب القوة الهجومية التي يُعد لها في سوريا ومنع تراكم ووصول القوة الى لبنان. لكن السنوات الماضية اثبتت لإسرائيل فشل هذه النظرية او اقله فشل تطبيقها، فلم تستطع المسّ بالقدرات العسكرية لـ”حزب الله” في لبنان بسبب حزم الحزب بالحفاظ على قواعد الاشتباك السابقة، ولم تستطع ايضاً سوى ابطاء عملية التحشيد والإعداد في سوريا.

قبل اشهر، وبعد تيقن اسرائيل من فشل عملياتها التي كانت من خلالها تعطيل دور “حزب الله” من دون حرب شاملة، ظهرت نظرية تقول بأن كلفة الحرب الشاملة باتت اقل من كلفة الإنتظار ومشاهدة نمو “حزب الله” من دون التحرك. فكانت فكرة توجيه ضربة محدودة للحزب في الداخل اللبناني تستهدف الصواريخ الدقيقةن وعليه ان سكت الحزب او ردّ بطريقة شكلية تكون اسرائيل قد كسرت قواعد الاشتباك واعادت الحياة والفاعلية لنظرية المعارك ضد الحروب ويصبح قصف اهداف داخل لبنان امرا ممكننا ويؤدي الى عرقلة مراكمة القوة النوعية للحزب، وإن رد الحزب، تكون اسرائيل امام حرب كلفتها اقل من كلفة الإنتظار.

لكن وباء كورونا عطل فكرة الحرب بشكل شبه نهائي، لتعود اسرائيل بالتفكير بتفعيل المعارك بين الحروب لتكون اكثر جرأة، لكن عامل الوقت لا يلعب لمصلحة اسرائيل. فالانتخابات الاميركية على الابواب وليس معلوما إذا كان ترامب سيبقى رئيساً لذا فعلى اسرائيل الاستعجال.

في الواقع لم تكن اسرائيل قد بدأت بالتمادي بعد، وفي الواقع انها ايضاً لم تكن تريد قتل عنصر من “حزب الله” لكن الحدث حصل وبات لزاماً على الحزب الرد.

اليوم تحاول اسرائيل ضرب قدرة الردع لدى “حزب الله” من خلال التلويح بعملية عسكرية كبرى في حال قام الحزب برد مؤلم، وعليه حشدت اسرائيل قوات تفوق تلك التي حشدتها في حرب تموز، هنا بات لزاماً على الحزب الرد لأن عدم الرد يعني ان تل ابيب استطاعت ردعه من خلال التلويح بالحرب وستستخدم هذه الوسيلة دائما.. باتت الحرب اليوم اقل كلفة من عدم الرد.

وسائل اعلام اسرائيلية اكدت امس ان تل ابيب لم تعد راغبة بالاستمرار بالاستنفار الحالي في الشمال المحتل لانه مكلف ومستنزف للجيش الاسرائيلي، لذا فهي امام خيار توجيه ضربة استباقية لـ”حزب الله” تمنعه من القيام برده. 

شاهد أيضاً

الجميع يتاجر بفلسطين

جمال اسعد  يزخر التاريخ بحوادث ووقائع ميليودرامية تتخطى العقول وتتجاوز المعقول ولكن المشكلة الفلسطينية قد …