حوار في الثقافة والسياسة من إعداد الإعلامي د. وسام حمادة

في زمن العولمة والإعلام المرتهن وترسيخاً لمفاهيم الثقافة والمعرفة الراقية والتي تعيش غربتها القاتلة تعيد مجلة كواليس وموقعها الإلكتروني نشر لقاءات ثقافية وسياسية كان قد أعدّها وقدّمها لفضائية الإتحاد الإعلامي، د. وسام حمادة عبر برنامج 24 / 24

ولقاء العدد مع الفنانة التشكيلية ” د. هند الصوفي “

عنوان الحلقة: ” تشكيل ما بعد الحداثة “

أغنية بعنوان: ” الرسامة “

كلمات الشاعر: ” المير طارق ناصر الدين “

ألحان وغناء: ” د.وسام حمادة”

 

الأغنية:

صار أوسع من سما حلمي

وأنت علم ما بيعرفو علمي

عم تكتبيني بلون مش موجود

وعم إرسمك بالحبر والكلمة

كيف مرسومة يا رسامة

واللون عم يربى ع إيديك

بنطرك أحيان لتنامي

وتحلم اللوحة بعينيك

وبصير إتمارى ع إيامك

وبجن يا منك أو عليك

خلصت وما خلصت أحلامي

كيف مرسومة يا رسامة

– عبر برنامج 24/24 نلتقي علّنا نُشكّل محطة لإطلاق العنان للفكر والرؤية من خلال ضيوف نحاورهم في السياسة ونناقشهم في الثقافة، وتأثيرهما المباشر على المتلقي.

أرحّب بضيفتي الفنانة التشكيلية والناشطة في شؤون المرأة والطفولة وحقوق الإنسان الدكتورة “هند الصوفي”.

الضيف: شكراً لكم على هذه الإستضافة.

– حين يُفكّر الفنان في الإندماج في عالم الفن يجد نفسه مندفعاً باتجاه المدى الأوسع الذي يؤهّله لأن يلج الزمان الفني كليّاً، ويبدأ البداية الجادة في التعاطي العميق في مسألة الفن التشكيلي، عندها نجد عناصر الروح ترتقي إلى مستوى المستحيلات.
وضيفتي تعاملت مع اللون من خلال موهبتها وحركتها الإبداعية المرتبطة بأكاديمية عالية ودراسات مُعمّقة، جعلت لوحتها ذات خصوصية وفرادة في عالم التشكيل، معارضها ذات دلالات خاصة تُحاكي القضايا الإنسانية بكلّ أبعادها، درست وكتبت، ناضلت ورسمت، والبوصلة الأساس الإنسان وإنسانية الإنسان.

أهلاً وسهلاً بكِ دكتورة هند في هذا اللقاء الذي سنُحلّق فيه نحو فضاء الفنون الجميلة، ونقطف بصمة بيضاء في هذا العالم الذي هو بأمسّ الحاجة اليوم إلى تشكيل لوني ليكسر حاجز آحادية اللوان.

أولاً أودّ أن أشكركِ على بذل التعب لتلبية هذه الدعوة عبر قطع مسافة طويلة من طرابلس إلى بيروت ليلاً لنكون سويّاً في هذا اللقاء.

الضيف: الشكر لكم، أنا أعمل نهاراً في بيروت ولكن اليوم أتيت ليلاً.

 

– حضرتكِ مواليد طرابلس وعملكِ ونضالكِ وحركتكِ الفنية والثقافية كلها في بيروت تقريباً أو معظمها.

الضيف: صحيح، أنا في الحقيقة كنت في بيروت ولكن حين تزوجت نُقل سجلي من بيروت إلى طرابلس، ولكني مواليد اللاذقية وليس لبنان، وبالأصل أحد أهلي سوري ولدينا الجنسيتين اللبنانية والسورية.

 

 

– على كلٍّ طرابلس هي الأكثر حظاً وقُرباً تاريخياً وثقافياً وإجتماعياً من سوريا.
دكتورة هند، حضرتك عضو مؤسس ورئيسة جمعية الفنانين التشكيليين والنحّاتين سابقاً، أكاديمية وسيرتكِ الذاتية تجعل المرء في حيرة من أين يبدأ، وأنتِ الكاتبة والرسّامة وصاحبة مدرسة جديدة تقريباً في عالم الفنون وسنأتي على ذكرها في هذا اللقاء.
أين تجدين نفسك أكثر بين كلّ هذه النشاطات أم أنها مجموعة تُكمل بعضها؟

الضيف: أكثر ما يُزعجني أن الوقت أقلّ مما أتمنى، ودائماً أقول لو أن النهار أطول لأُنهي أموراً أكثر، وليتني أستطيع تنفيذ كلّ ما لدي من أفكار، أهتم بأمور كثيرة بذات الوقت وأحبّ هذه الإهتمامات، فأنا أحبّ الفن والأبحاث، أي أنّني أكتب بشغفٍ وحبٍّ وأرسم بشغفٍ وحب، أناضل كثيراً لأجل القضايا الإنسانية ومن كلّ قلبي، لذا أتمنى أن يطول الوقت لأتمكّن من العطاء أكثر، ودائماً أسعى لأتعلّم أشياء جديدة وقد أذهب إلى التطرّف بحبّي للمعرفة ولإكتساب معارف جديدة.

 

– حضرتك خريجة فرنسا؟

الضيف: نعم أنا خريجة فرنسا “السوربون” وكنت هناك لأجل تحصيل شهادة الدكتوراه في الإقتصاد، وأتت الحرب الأهلية وكنت قد رُزقت طفلاً وأصبح الوضع صعباً، وهناك حين تتخصّص بالإقتصاد يُطلب منك أن تعمل في مؤسسة إقتصادية، وبما أنه من الصعب ترك طفلي لم أتمكن من المتابعة.

 

 

– ولماذا لم تدخلي مباشرة في مجال الفنون وخاصة أن فرنسا تحتضن كلَّ أنواع الفن والفنانين؟

الضيف: هناك نقلت وعَملت في البوزار لأنها تأخذ وقتاً أقلّ، وممكن أن أقوم بهذه الأمور في البيت وأنا بجانب الطفل، وهكذا بدأت الحكاية، فالدّنيا أحياناً تُخطّط لك حياتك وقد يكون توجّهك بشكلٍ آخر.
أكملت في الفنون الجميلة كي لا أشعر بالفراغ إلى أن يُصبح الظرف مناسباً لأُكمل الدكتوراه في الإقصاد، ولكن سرقتني الفنون وأكملت الدكتوراه في الفنون الجميلة.

 

– على كُلٍّ هو تخطيط لنا مصلحة فيه، فقد قمت بإضافة جميلة عبر إختصاصك في عالم الفن التشكيلي.

الضيف: حين عُدت إلى هنا وجدت نفسي أعمل في الفنون الجميلة وأكملت في هذا الإطار وغصت أكثر مع الفنانين اللبنانيين وبالأخص أن إختصاصي هو الحداثة العربية، فقد تعمقّت كثيراً لأفهم كيف نحن فهمنا الفن، لأن فنوننا غير فنون الغرب، فنوننا الموروثة لديها جمالية مختلفة ورؤيتنا وألواننا مختلفة، وكذلك منطقنا مختلف، كنت أتمعّن كيف فهمنا الحداثة الغربية ولحقنا بها، وهذا كان موضوع التحليل الجذري لهاتين الشخصيتين الموجودتين فينا، شخصية الحداثة الغربية وشخصيتنا الأصيلة التي ورثناها عن أهلنا بالإضافة إلى تراثنا وثقافتنا ومعتقداتنا، هذا الحزين كيف موروثاته تتفاعل مع بعضها لتُبرِزَ كلّ ما هو خاص فينا، وإلى أي مدى نجحنا أو فشلنا، وتحديد أماكن الفشل على الطريق هذا، والآن نتدارك الأمر وننتقل إلى مرحلة أخرى وهي مرحلة متقدّمة، ممكن أن نثبت ذاتنا بها بشكلٍّ مختلف إذا استطعنا أن نُكمل ونبحث ونتعب على أنفسنا.

– هل وصل الفنان العربي تحديداً إلى أن يُشكّل هوُيته الخاصة؟ أو أنه ما يزال يملك هذه الإزدواجية ما بين الأصالة والتي هي الموروث المشرقي وبذات الوقت ما تعلمونه، لأن معظم الفنانين التشكيليين هم خريجو المدارس الغربية والجامعات الغربية.
هل هناك إمكانية ليتمّ هذا التزاوج أو أنها ما زالت مجرّد محاولات؟

الضيف: لا أبداً، أنا بنظري هو مختبر يقوم بالعمل وأكيد سيؤدّي إلى نتيجة، نحن في المرحلة الأولى كان لدينا هدف أن نأخذ هذا التراث ونُكيّفه مع فكر الحداثة شكلياً، ولكن الآن تعمّقنا أكثر في المفاهيم والثقافة وشعرنا بأنّنا مختلفين ولدينا شيء نعطيه للعالم، خاصة أنه حتى العالم المتطوّر والمتقدّم علينا تكنولوجياً، وهو الغرب، وأنا لا أحبّ أن أقول متقدّم لأنه ربما متقدّم علينا تكنولوجياً ولكن فكرياً هم في تراجع وتدهور مختلف، نحن لدينا قيم رائعة ما زالت تحيا فينا، ونحن – متقدمين – عليهم بكثير من القيم، ونحن حالياً في مرحلة شعرنا فيها أنه حتى الغرب يحاول أن يحافظ على أصالته، وأوروبا نسبة لأميركا تُسارع وتقول أنا أريد أن أُحافظ على لغتي ووجودي وكياني المختلف عن أميركا وعن العالم الآحادي، ونحن أيضاً أصبح لدينا هذا الإحساس الذي لم يكن موجوداً سابقاً، وكذلك كانت فترة التطوّر السياسي الثقافي الإجتماعي مختلفة، حيث كان الخطاب العربي عامة هو أن القومية التي ستواكب الحداثة الحاصلة في أوروبا وفي الغرب وتريد أن تكون على قدر هذه الحداثة، فشلت في أماكن كثيرة لأنها لم تواكبها ولم تأخذ منها سوى الشكل، لم تأخذ الروح وحتى لم تُعطِ روحها لأنها لم تكن تعرفها، فشكلّت قطيعة مع الذات وجعلتنا نسقط ببعض المراحل، كنّا نرى أعمالاً جميلة جداً، فيها رموز شرقية وعربية وربما إسلامية ومسيحية مشرقية ولكن كانت بالشكل أكثر مما كانت بالروح، لأننا لم نكن نعرف شيئاً عن ذاتنا، وللأسف أنا دائماً أقول، الذي جعلنا نتعرّف على ذاتنا ليس نحن بل الغرب، هو الذي درس حالنا أكثر منّا.

– ولكن مع الأسف الغرب درس حالنا بشكلٍ صحيح وأوصلنا إلى حالنا بطريقة تناسبه هو.

الضيف: في الفترة الأولى كانت تناسبه هو، ولكن الآن نحن عرفنا حالنا، والآن نحن في مرحلة ثانية، وهي أغنى، متطوّرة ومتقدّمة أكثر، وبنظري يجب لهذه المرحلة أن تُثمر خصوصيةً نتباهى بها، بعد هذا المخاض الفكري الذي نمرُّ فيه وبخاصة في ظلّ هذه الفوضى التي نعيشها، ونكون مشاركين على الصعيد العالمي في الإبداع وليس فقط في اللحاق بهم.

 

– سنُكمل هذه النقطة عن النظرة التفاؤلية المثيرة جداً والتي تُعطي جرعة أمل، لأن معظم الضيوف الكرام وحتى المناخ العام غالباً ليس لديه في هذه المرحلة نظرة تتشابه مع نظرتكِ.
سنعود للحوار بعد عرض هذا التقرير الذي أعددناه عن مسيرة حضرتكِ وعن هذا الإنتاج الذي قدمتيه على مدار هذه السنوات.

التقرير:

لولا الفنون لما كانت هنالك حضارة أوثقافة على وجه الأرض…

هند الصوفي فنانة تشكيلية لبنانية من عاصمة الشمال طرابلس، حائزة على دكتوراه في علوم الفن وشهادة في العلوم الإقتصادية، عملت كأستاذة جامعية في عدة جامعات في مجال دراسات الفنون المعاصرة والدراسات في الفن العربي المعاصر، بالاضافة إلى مادة تاريخ الهندسة المعمارية وتاريخ الأثاث والمفروشات، كما عملت هند الصوفي على إصدار العديد من الكتب نذكر منها “الاتجاهات الفنية في العالم الغربي والعربي منذ القرن الخامس عشر”، وكتاب “الريادة في الفنون التشكيلية العربية”..
قُدّمت اعمال هند الصوفي في معارض عالمية كمعرض رواد الأعمال ومعرض بينالي الفن الآسيوي، وكذلك شاركت في معارض محلية كمعرض بغداد الذي أقيم في بيروت، ومعرض جبيل البلدي.
نالت هند الصوفي جائزة الأبداع 2013، من معرض الفن اللبناني المعاصر، تقديراً من وزارة الثقافة على أعمالها الفنية.
وكذلك شاركت في إنتاج الأفلام الوثائقية التي تظهر الواقع الاجتماعي وتبرز دور المرأة ، كفيلم المرأة في القضاء.

الضيف: شكراً على إعداد هذا التقرير.

 

 

– هو جزء متواضع من مسيرة طويلة، فمن يريد أن يتابع السيدة هند عليه أن يجد وقتاً كبيراً جداً للإطّلاع على نشاطاتها وأعمالها.
بالعودة إلى مسحة التفاؤل التي ندرت عند الكثير من الفنانين، وبخاصة أن الفنان التشكيلي هو ككلّ أنواع الفنون الجادة، مكسر عصا لواقع أمني إقتصادي تعاني منه المناطق، ومع ذلك السيدة هند ترى أن هناك إمكانية وأمل لهذه الأمة أن تتعلم من هذا الماضي.

الضيف: يجب أن تتعلّم، لا تعتقد أنّني لا أمرّ بلحظات من الإحباط مثل كلّ هذا العالم الذي يعيش هذه الأزمة، خاصة نحن أولاد حرب، في الحرب الأهلية كنّت في سنّ اليفاع – مرحلة الصِبا، وتعذّبنا كثيراً وكان معنا أولاد صغار وربّيناهم بالخوف، وفُرضت عليهم قيم غريبة اختزنوا جرّائها أسئلة تُفاجئك حين أصبحوا كباراً، وبدؤوا بطرحها، مثلاً حين يقولون، عندما كنّا صغاراً كنتِ تخرجين من المنزل وتتركيننا لوحدنا.
صحيح لأنّني أريد أن أقف عند الفرن وأنتظر دوري ولا أدري متى يأتي أحدهم ويرمي الواقفين بالرصاص، لا يمكنني أن أُضحّي بكم في ظلّ هذه الحرب العبثية، لذلك كنت أقفل عليكم الباب لأنّني كنت أخاف.
وهذا الخوف نُحاسب عليه!!!
لقد أمضيت مساحة كبيرة من حياتي في الحرب والمشاكل، وكذلك رأيت لبنان في عزّه، ولكن كنت صغيرة – لم أزل طالبة في المدرسة.
والآن أقول على قدر ما نكون متشائمين يجب أن نبقى متفائلين، وعلينا أن نفكّر دائماً ونناضل ونبحث كيف يمكننا جميعنا أن نتصدّى لكلّ هذا السواد الذي نعيشه ولكلّ هذه المؤامرات التي تُحاك لنا كلّما تحرّرنا من جهة تأتي لتقمعنا من جهة أخرى، فالأمور واضحة، كلّما تحرّر الإنسان العربي وأصبح هو من يُدير البترول الذي يملكه، تُسارع قوى الهيمنة الغربية لسلب مقدّرات الأمة، ولجرّها إلى حروب عبثية لا جدوى منها، أنظر الآن هذه الحروب التي نعيشها بين الأخوة وبين العائلات مشهد غير مقبول، نحن نريد التصدّي وخاصة في هذه المرحلة، وحين ترى أنه لم يبقَ عندك سبيل للعيش إلّا بالتصدّي، تقول، حتماً سأقوم بذلك لأجل أولادي ومهما مررت بلحظات من الضعف سأعود وأقوى. وأنا لم يمرّ في حياتي أبشع من المشهد الحالي، هذا العنف الذي نعيشه كلّ يوم باستطاعته أن يجعل منّا أناساً بلا إحساس، يجب أن تبقى على قيد الإحساس وأن تُجبر نفسك على ذلك وإلّا ستفقد إحساسك، وهذا الذي يتعرّض له الكثير من الناس حين يتركون أنفسهم ويذهبون إلى العنف لأنهم اعتادوا المشهد وأدمنوا على سماع أغرب الجرائم، ففي ذاك اليوم تآمرت فتاة على قتل أمها، وأولاد تآمروا على قتل أبيهم، هذا أمر غير طبيعي وكأنهم يتعرّضون لغسل دماغ.

 

 

– بات من الواضح أنه هناك مرض جمعي.

بكلّ الأحوال برأيكِ هذا المشهد كم هو مُحفّز للفنان لأن يُعبّر عنه؟

الضيف: الكلام المتواصل عن هذا المشهد ضروري، طيلة حياتي لم أغلق على نفسي الغرفة وأقول أنا فنانة أريد أن أرسم دون أن أرى ملامح الحياة، وقد استعمل هذا الأسلوب أغلب الفنانين الكبار، أما أنا لا أستطيع الرسم إن لم أشعر بنبض الناس وبنبض الشارع، كلّ لوحاتي انبثقت من هناك، من المشهد العراقي أولاً ومن قضية فلسطين ومن كلّ هذه القضايا، ومن الإذلال الذي نعيشه والحروب والعنف والقهر وعدم المساواة في هذا العالم وحجم هذا الإحساس يولّد لدي قضية في الفنون، قد يكون كلّ إنسان مختلف وأنا شخصياً أقول أنّني بحاجة لكثير من الوقت لأصبح فنانة كبيرة، عليَّ أن أصبح أنانية جداً وأجلس في الداخل وأُقفل الباب ولا أقوم بأيّ عمل سوى الفن، ولكن ليس لدي القدرة على عمل ذلك.

 

– هل يجب على الفنان الكبير أن يُغلق على نفسه!!!
طبعا ًأنا أرى عكس ذلك، إذ أنه حين يقع الفنان على نبض الشارع ودمعة الطفل المقهور ليُطلق صرخة ريشته ويُعبّر عن هذا المشهد حينها يرتقي الفنان بفنه ويستحق لقب الفنان الكبير.

الضيف: أنا لن أطلق أحكاماً ولكن هناك الكثير من الفنانين العظيمين جداً رغم كلّ ما يجري من حولنا، لديهم القدرة على الجلوس داخل غرفة مقفلة ليمارسوا فنّهم.

– كم يتحمّل من المسؤولية المثقّف بشكلٍ عام والفنان بما أنكِ متخصّصة في هذا المجال؟

الضيف: أنا أعتبر الفنانين هم تماماً مثل هذه الجماعة التي نُسمّيها مثقّفين، هم أهل رأي ويتحمّلون مسؤولية في التصدّي، وأنا أعتقد أنه بعد هذا السواد الأعظم الذي نعيش فيه وآحادية الألوان كما سمّيتها حضرتك لا بدّ من أن تنفجر الألوان، فبعد كلِّ شتاء هناك ربيع إن شاء الله.

 

– على كلٍّ نحن نتأمّل أن تتحوّل على يديْ الكثيرين مثل حضرتكِ هذه اللوحة إلى ربيع وأن يكون قريباً لأن المشهد أصبح مؤذياً جداً، ومنكِ نأخذ جرعات أمل وتفاؤل بأن غداً أكيد أجمل، لأن ما من شيء يبقى على حاله في كلّ الأحوال.

الضيف: الأفكار والآمال الجديدة لا تنفجر إلّا من وراء هكذا وضع متأزّم، ونحن نتمنّى أن لا يطول هذا الوضع وعلينا أن نتصدّى لكي لا يصل إلينا بشكلٍ مؤذٍ أكثر.

 

 

– حضرتكِ شاركتِ في الكثير من المعارض الدولية وفي لبنان وأقمتِ معارض فردية ومع زملاء لكِ، أين تجدين نفسكِ منسجمة مع المناخ الفني الذي من خلاله تريدين التعبير عن هذه الأحاسيس؟

الضيف: جميل جداً حين يُشارك المرء في معارض عالمية لأنه يشعر بكيانه، أي أنه أنا موجود هنا وأُقدّم عملاً مختلفاً، وأنا أحبّ أن أرى الآخر كيف ينظر إلى أعمالي، وهذه النقطة أراها جميلة جداً.

 

– هل وصل الغربي إلى أن يُقدّر أعمالاً كهذه ويُحبُّها؟

الضيف: هو يحب أن يرى أعمالنا وأفكارنا المختلفة ويحب أن يفهمها.

 

– برأيكِ وصل الفنان اللبناني تحديداً إلى المختلف على الغربي؟

الضيف: أكيد، لدينا أمور لا بدّ أن نكون مختلفين فيها، لا يمكننا أن نكون غربيين مائة في المائة، فإذا قدّمت عملك غربياُ مائة بالمائة سيتفرّجون عليه .. ويقولون هذا الفنان ليس لديه شيء يقدّمه لنا، ولكن حين تُعطي شيئاً من ذاتك لا يمكن إلّا أن ينظروا إليه ويتوقّفوا عنده.
هناك فنانون عرب على ذات أهمية استطاعوا أن يُبهروا الأجانب بعطائهم لأنهم قدّموا شيئاً خاصّاً جداً ومختلفاً كثيراً، وما الذي يصنع الفن في أيامنا، العمل المختلف، فلم يعد الفن هو النمطي الذي تراه في كلّ الأماكن، الفن ما هو مختلف عن الآخر وما هو غريب ولديه خصوصية معيّنة والذي يُخبّئ أشياءً ويُظهر أخرى ويضع أشياءً ويمحو غيرها.

 

 

برأيكِ واقع الفن التشكيلي اليوم في العالم العربي واللبناني في ظلّ هذا المشهد، فالذي يتابع يرى أن هناك عدداً كبيراً من الفنانين التشكيليين على مستوى العالم العربي – لهم حضورهم في الشارع الغربي أكثر بكثير ممّا في الشارع العربي، لماذا يعود سبب هذا المشهد؟

الضيف: نحن نعرف أن بيروت لم تعد مركزاً يصنع فنانين ويُظهر فنانين ويُخرّج فنانين، في الستينيات لعبت بيروت هذا الدور وكانت مميّزة فيه، وحين دخلت في مرحلة الحرب الأهلية ذهب كلّ دورنا، ونمت أدوار خليجية أخرى لديها قدرات واشتروا أسواقاً عالمية، مثلاً “آرت دبي” الذي يُقام كلّ سنة وأصبح العالم كلّه يذهب إلى هناك لأنها خلقت سوقاً فنيّة، نحن ليس لدينا سوق فنية، وحين تجد القليل من الأسواق الفنية، مَن يُقيمها؟ تُقيمها المعارض لأجل مصلحتها وبعض الكُتّاب الذين يوجّهون نقداً فنياً – وليسوا جميعاً نقّاداً فنيين درجة أولى.

 

– بالنسبة لواقع النقد الفني، كم هناك من إمكانية للنقد الحقيقي؟

الضيف: لدينا نقّاد ولكن الحقيقة يجب أن نُطوّر هذا الواقع أكثر وأكثر، هناك نقّاد جيدون جداً، ومنهم زملاء لنا في الجامعة، وأيضاً هناك نقّاد مبتدئون ودون ما دراسة، ونحن لا يوجد عندنا إختصاص إسمه نقد فني، ويجب أن نفكّر للقيام بهذا الأمر، لماذا؟ لكي نسدّ ثغرة غير موجودة في الخليج، فإذا هم لديهم إمكانية إنشاء معارض كبيرة، نحن نقوم بعملية النقد، فاللبنانيون دائماً يجدون عملاً في هذه الأماكن ويقومون بسدّ الثغرات، يمكن أن يصبح عندنا نقد فني يصدر من مجلاتنا وصحفنا ولو أن المعرض الأساس موجود في الخارج، وهذا الأمر جدير بأن نُفكّر فيه، وهو حاجة عملية وله دور لأن النقد هو من يصنع فناً وفنانين، وأن يكون هؤلاء النقّاد متعلّمين ومثقّفين فنيّاً وأن لا يكونوا أشخاصاً ملتزمي التجارة، أو يقيمون صالات العرض التي تنتج تجارة فنيّة، ويهمّها بيع الأعمال والتي تتفق مع أحد الفنانين وتسعى لاستغلاله، أو ربما لا تستغل، تبيع له أعماله على قاعدة الربح المشترك، أي أن هدفها الأساسي هو التجارة ربما أكثر من الثقافة الفنية.

 

 

– للأسف عالمنا العربي ما شاء الله عليه كلّ محيطه دائماً يدور حول الرقم قبل الثقافة والفن وقبل كلّ شيء، لذلك هذا المشهد قد يتكرّر كلّ فترة.

الضيف: أودّ أن أقول لك أنّه للأسف، الإمارات أخذت دور لبنان كلياً، لديهم ثلاث ظواهر ذات أهمية كبيرة إن كان دبي والشارقة وأبو ظبي، تجري عندهم أحداث فنية هامّة جداً، ولديهم تظاهرات فنيّة رائعة.

 

– نحن نهنّئهم لأنهم أقاموا هذه التظاهرات الفنية في الوقت الذي فيه فراغ عربي مُطبق على كلّ شيء ثقافي فهذا الأمر جيد جداً أن يكون هناك وعي في دولة الإمارات بهذه المسألة.

الضيف: دور اللبناني هناك بارز فهم يذهبون إلى الإمارات ويشاركون في المعارض والصالات اللبنانية لها حضور جيد، والقيمون على الصالات هناك أغلبهم من لبنان.

 

– فنانتنا التشكيلية الدكتورة هند الصوفي أنتِ قمتِ بالعمل على موضوع ما بعد الحداثة، والحقيقة نحن كمُتلقّين ما زلنا على درب الحداثة، ماذا تخبرينا عن هذه المرحلة، وهل نضجت فكرة الحداثة وتجاوزناها أو أنها أصبحت ملحقاً لمشروع ما بعد الحداثة؟

الضيف: الحداثة انتهى وقتها في العالم كلّه، وكلّ العالم داخل على مرحلة جديدة، من بعد العام 1960 تعتبر مرحلة ما بعد الحداثة، طبعاً ببعض المناطق يتأخرون قليلاً من عشرة أو عشرين لثلاثين سنة، ونحن دائماً كنّا على بُعد ثلاثين سنة من الغرب في كلّ شيء، ولكن لا يمنع أننا رجعنا، ما بعد الحداثة هي مرحلة أعَدْنا بها النقد الذاتي لكلّ أعمال الحداثة واستشعرنا أين أخطأنا وأين كان من المفترض أن نعمل بشكلٍ مختلف، وقلنا توقفوا لا يمكن أن نتمادى في الخطأ علينا أن نعمل بشكلٍ آخر، وبتقديري نريد أن نواكب العصر على طريقتنا، فحين تواكب العصر هناك خطأ، قد تذوب فيه نهائياً ولا يمكنك أن تُعطي شيئاً منك ومن ذاتك، وتُنتج أعمالاً جميلة ومواكبة للعصر ولكنها تشبه تماماً غيرك، وممكن أن تكون مختلفاً عن غيرك، ونحن متفقون أن المختلف هو الفن، وأنا إذا أردت أن أقوم بعمل يجب أن يكون مختلفاً وإلّا كان نمطياً وأصبح عملاً عادياً.

 

 

– ولكن المختلف بالمطلق أحياناً يوقعنا في مطبّ السلبية، وليس شرطاً أن يأخذ الإختلاف دائماً شكلاً إيجابياً، فكيف تتحدّد مسألة الإختلاف، إذ أن اليوم نجد الكثير من الفنانين قد طحنوا الفنون بشكل عام تحت شعار أنه يريد أن يكون مختلفاً، شكلاً وقلباً وقالباً، صوتاً ولحناً، وفي ذلك لعبوا دوراً سلبياً جداً.
من يُحدّد مسألة الإختلاف؟ وما هي المعايير لهذه المسألة؟

الضيف: لديك حقّ، نحن اليوم في مرحلة سقطت فيها كلّ المعايير وأصبح المنتج الأخير والنهائي للعمل هو من يُقرّر، ولكن من لديه مفتاح الصنعة ويملك المعرفة هو من سيسطع، والذي يُدجّل في الفن لن يظهر في حياته، هذا هو المختلف الذي يلمع ويبقى وتتأثر فيه غصباً عنك، فهمته أو لم تفهمه، فيه ما يجعلك تُحاكي عملاً ما، وتشعر أحياناً أنك لم تفهمه، وقد تتكلم مع غيرك لتصل إليه أو مع الفنان أو تقوم بعمله أنت، أحد الكُتّاب يقول (ما يعمل العمل الفني ليس الفنان، هو عين المشاهد) أي الذي ينظر إلى العمل ويقول هذا كذا، وليس الفنان، مثلاً أنا قدّمت عملي برؤيتي الخاصة، ولكن أصحابي حين يرونه يقولون هذه اللوحة جميلة وتعني كذا وكذا، أنا أتركهم ولا أقول لهم ماذا تعني من وجهة نظري لأن الذي يعنيني قد لا يعنيهم، وكلّ شخص يرى في العمل الفني شيئاً ما يُخاطبه شخصياً، لذلك عين المشاهد التي تقوم بالعمل الفني وهي التي ترى المختلف، والمختلف بهذا العمل يُلفت نظرها، والذي يشبهها أيضاً، يعني هناك حالتان لافتتان للنظر في العمل، ما هو .. الذي يُشبهني أنا وأجد نفسي فيه، فمثلاً حين تعزف أنت لحناً أعرفه أنا، تلقائياً أدندن معك ويُسعدني سماعه لأنّني أعرفه.

 

– وأحياناً قد لا نعرفه ولكن تجد نفسك تنساب مع هذا اللحن.

الضيف: صحيح، والمختلف يشدّك ويجعلك تبحث لتفهم أكثر، وهذه المرحلة التي ما بعد الحداثة أتت وفيها شيء من الثورة، وكلّ ثورة تخلق مفاهيم جديدة، فحين أتى الحاسوب خلق إشكاليات كبيرة، هل إذا اردت أن أقوم بعمل فني على الحاسوب يُعتبر عملاً فنياً! وبين نعم ولا أصبح هناك نقاش وسجال طويل عريض على مدى ثلاثين سنة تقريباً، وفي الأخير قرّروا أنه لا يوجد فرق بين من يستعمل الريشة أو القلم أو ال Mouse فكلّ هذه الأدوات تعطيك النتيجة التي تريدها ولكن بشكلٍ مختلف، وهذا هو المختلف هنا، واليوم أصبح العمل الفني مزيجاً من عدة عوامل بما فيها التأثيرات على الحاسوب، فهذه اللوحة التي هنا فيها قسم مشغول على الحاسوب وآخر على اليد.

 

 

– هذه اللوحة الرؤية المباشرة لها والواضحة فيها هي المرأة، وأعتقد أن المرأة لها حضور كبير في عملك.

الضيف: كما كلّ الفنانين، الرجال يرسمون النساء والنساء يرسمن النساء.

 

– يعني بالأخير حصة النساء هي الراجحة.

الضيف: لا، لأنها رمز وكانت كلّ عمرها رمزاً، رمزاً للعطاء وللأمومة وللجمال .. ورمزاً للأرض وللخير.

 

– حسناً، هذه اللوحة – الموجودة أمامنا – حين رأيتها كان لي فيها نظرة، والواضح أنه كان لديكِ هدف منها، لأنه لا أحد يرسم بدون هدف، فإذا أحببنا أن نعرف ما هو الدافع الذي أخذكِ إلى التشكيل اللوني وتناقضاته، فعادة معظم اللوحات لها خط معين يُظهر اللون الأساسي ومنه تتفرّع الألوان، هنا إذا أردت أن أنظر إلى هذه اللوحة يمكن أن يجذبني الأخضر أكثر من غيره، ولكن عملياً هناك خلطة ألوان تقريباً متوازية بالحجم، وفيها جهاز للصوت ونصّ مكتوب ووجه امرأة وسواد ومجموعة شرائط كهرباء، ماذا أردتِ أن تُعبّري من خلالها؟

الضيف: يمكن لأنّنا نعيش على العتمة كان لشرائط الكهرباء وجود في لوحتي وهذه الكتابات على الجدران وهذا الوجه للمرأة من وحي بداية الربيع العربي حقيقة وسمّيتها امرأة الربيع لأن النساء كان لهن دور كبير في فكرة الربيع العربي وكان لديهمن هذا الأمل ويردن التغيير وانطلقن.

 

– قبل أن يتحطّمن.

الضيف: للأسف .. والمرأة في هذه الأيام هي مزيج مختلف عن سابق النساء، مزيج جديد، فهي إمرأة متعلّمة ومثقّفة، تُتقن استخدام الحاسوب وناشطة على وسائل التواصل الجديدة والحديثة ومؤمنة أيضاً، وإجمالاً في عهد الحداثة أغلبية النساء كان لديهن تمرّد، وكنّ ينتمَيْنَ إلى تيارات حزبية، وكان هناك فصل عن الدين، أما في هذه الأيام اختلفت الأمور؛ وأصبحت تملك كلّ هذه الخلطة، فالمرأة هي مؤمنة وبذات الوقت حديثة ومتمسّكة بجذور وأصول وتريد أن تبني مستقبلاً مختلفاً، وكذلك لم تعد تُصدّق أمها وأهلها، فهي تعمل على رؤية جديدة وعلى فكر جديد وفي الشارع ومعها كلّ الوسائل الحديثة وتملك ما تملك، وهي ذاتها.

 

 

– لفتني ورقة الشجرة التي على خدّها، هل كان اللون الأخضر تعبيراً عن الربيع؟

الضيف: ممكن أن تكون الفكرة هكذا وكثيراً ما تمرّ بهذا الشكل وأحياناً أثناء قيامك بالعمل تظهر فكرة ما و تُعجبك وتُحبّها فتتركها، بعدها لا أعرف التكلم عن أعمالي ولا أحبّ أن أعطيهم معاني، غير أنّني انطلقت من مفهوم معيّن، وهذا المفهوم أدّى لهذا العمل المعيّن، حينها كانت هذه الرسالة موجودة فيه، والآن ممكن أن لا تفي بالغرض ولكن هكذا هي الأمور.

 

– سأدخل إلى موضوع التركيب والتجميع، واضح أنها فكرة جديدة، ما هي خبرية هذه الحرب الضروس التي نقلتها إلى هنا اليوم؟

الضيف: الفن الحديث يتبع كثيراً هكذا أفكار حديثة، تمزج ما بين الفنون، فأصبح الفن ليس رسماً لوحده ولا مسرحاً لوحده أو سينما فقط، فمن الممكن أن يكون صوراً وأصبح مزيجاً من كلّ الفنون.
أما هذا العمل تجميعي، الذي جمعته من بقايا الإنفجار الذي حدث بالقرب من منزلي وقد عشت هذه المأساة مع الكثير من الناس، فقمت بجمع قطع من السيارة التي تفجّرت، وهذا الذي على وجه المُجسّم قميص لأحد المصابين بحروق جرّاء الإنفجار، أتيت بالقميص وأدخلته بالجسم.
حقيقة معاناة .. حين ترى الأولاد بالرّغم من هذا العنف يسارعون لشراء السلاح.

 

– سابقاً كانوا يشترون سلاحاً من الألعاب، والآن هناك من يمدّهم بسلاح حقيقي مع الأسف.

الضيف: للأسف، في ظلّ مأساة الحرب والإقتتال الذي حدث في طرابلس في السنتين الأخيرتين، كنت أرى كيف يبتزّ المسلحون الأولاد بألفيْ ليرة لكي يُمسكوا السلاح الحقيقي ويُنادوا للإعلام ليُصوّرهم، كانت التجاوزات كثيرة، وكلّ هذا نتاج للمناخ المُتردّي.

 

 

– على كلٍّ هذه جزئية من حركة كاملة.

الضيف: صحيح، أنا أحضرت إثنين من أصل مجموعة من ستة مجسّمات.

 

– ولكن ألّا تشعرين معي أنها عنيفة؟ وهل يجب على الفنان أن ينقل الصورة حتى وإن كانت عنيفة أو أن يكون حادّاً؟

الضيف: ماذا يمكنك أن تُقدّم حين ترى وتعيش في عمق العنف!!

 

– أُحاول أن أُقدّم من ما تحدّثين عنه حضرتكِ من أملٍ وتفاؤل.

الضيف: صحيح، ولكن آنذاك بكيت كما الأطفال، وإحدى المحطات التلفزيونية أخذت منّي حديثاً لم أتمالك نفسي فبكيت، إلى أين يأخذوننا بهذا العنف، أنا ككلّ الناس، شاهدت الأطفال يبكون على الطريق وهي خائفون، وبائع البندورة طار من مكانه ورأيت مشاهد عنيفة جداً، ماذا يُمكن أن تقول أو تُقدّم في هذه الحالة غير التساؤل إلى أين!!!

 

– يمكننا القول أننا بحضرة فنانة عالمية تقدّم أعمالاً معبّرة عن واقع نعيشه، لأنّ تعاطيكِ مع المشهد حقيقي ومؤثّر، وبموهبتك التي عبّرت عنها بكم كبير من الوعي، ونحن سعداء أن يكون بيننا هكذا فنانون.

الضيف: أنا رأيتها عنيفة كثيراً في الحقيقة وأثناء عملي بها كانت أعنف، ولكن أتى حفيدي الصغير وقال لي “تاتا” هذا اللون لا وكرّرها، فليكن أحلى وأزهى، حينئذٍ خفّفتها.

 

– مع أنّني راقبت بعض أعمالك ووجدت أن معظمها فَرِح.

الضيف: أنا أحبّ الأشياء الكبيرة والفرِحة، وأحبّ أن أعمل على سجاد الليمون.

 

– ما هو مشروع سجادة الليمون؟

الضيف: كنت أريد أن نقوم بعمل مهرجان لليمون في طرابلس، وطرابلس معروفة بالليمون، وكان هناك حدث ثقافي في المدينة، فقمت بعمل سجادة – خمسة عشرة متراً ب ثمانية أمتار في معرض رشيد كرامي وكانت من كلّ الحمضيات وسمّيتها طرابلس العطاء، وقد رُشّ عليها زهر الليمون وكانت موجودة عليها كلّ ألوان الليمون، البرتقالي والأصفر والأحمر، وكان منها الكبير والصغير وكلّ أنواع الليمون، ونحن لدينا أكثر من خمسين نوع مختلف من الليمون، وطبعاً تمّ تمويلها من الأشخاص الذين كانوا قيّمين على الحدث في معرض رشيد كرامي الدولي، وأنا قدّمتها للمدينة عطاء.

 

 

– طرابلس حقيقة تستحق أن تكون سجادة كاملة من الورد والليمون لأنها أبداً ليست كما هي الصورة النمطية التي يحاولون التعبير عنها، طرابلس هي ريشتكِ وألوانكِ وألوان كلّ من يُشبهكِ وهي الموسيقى والتراث وهذا التاريخ، والذي يُحزنني أن اللبنانيين أنفسهم هم من يعطون صورة النقيض لهذا الواقع، ولكن طالما هناك أمثال حضرتكِ فمن المؤكّد نحن سنكون متفائلين.
كان لدي أسئلة كثيرة ولم أسأل منها ولا سؤال، لأن حضرتكِ كفيلة بأن تُعطي الإجابات دون أي سؤال.
أودّ أن أسمع منكِ رسالة إلى زملائكِ ممن يُغلقون الغرفة ويتركون الشارع على هواه كما يقولون.

الضيف: نحن لدينا رسالتان يجب أن نقوم بهما، علينا أن نُطوّر الفن التشكيلي في لبنان ونسترجع دور لبنان في قيادة الفن التشكيلي في المنطقة كلّها كما كان سابقاً، ونستقطب كلّ الفنانين العرب بالمنطقة ممن لديهم بُعْدٌ جيد، علينا أيضاً أن نُناضل لنبقى ونصمد لكي يُكمل البلد بشكلٍ جيد، وقدر الإمكان أن نكون دُعاة للسلام وليس للتقاتل، وأنا أعتقد أنه بالفن وبالموسيقى وبكلّ الفنون يمكننا أن نصمد، فحضرتك عبر عودك ممكن أن تصمد وأنا لدي تجربة مع العود.

 

– كنت أريد أن نتكلم عن هذه التجربة الرائدة ولكن إن شاء الله سنستقطب هؤلاء الشباب الذين يتلقَون الإهتمام من حضرتكِ.

الضيف: نحن في جمعية الفنانين قمنا بترتيب حدثين على ذي أهمية، الأول هو معرض يُفتتح أوّل كلّ خريف لجميع الفنانين اللبنانيين الذي يعملون على الساحة، وهو حدث عالمي، والثاني حدث دولي للفنون الإختبارية، أي أن كلِّ فنان لديه شيء جديد ويحب أن يُطلقه يمكنه المشاركة في هذا المعرض وهو مفتوح لكلّ العالم العربي، وهذا يُعطي دوراً للبنان على الساحة العربية، والجمعية في أيادي أمينة الآن مع الرئيسة الجديدة وإن شاء الله هي ستُكمل المشوار وأكيد ستوصلنا إلى الأمام.

– أنا أتمنى لكم التوفيق وأشكر حضوركِ مرة ثانية وإن شاء الله نراكِ في لقاءات مقبلة وبهذا النوع من التفاؤل والنشاط.

الضيف: الشكر لكم.

– أشكر الفنانة التشكيلية الدكتورة “هند الصوفي” التي زيّنت بكلماتها وألوانها هذا اللقاء.

لمتابعة حلقة الفنانة التشكيلية “د. هند الصوفي

رابط صفحة اليوتيوب لبرامج ” د. وسام حمادة “
https://www.youtube.com/channel/UC0AuXJduId6PcXIkK9x1phw/videos

متابعة وإشراف: سهام طه
إعداد وتقديم: د. وسام حمادة

شاهد أيضاً

ضاهر:” تمنى على الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة وقف السجالات العدائية “

تمنّى النائب ميشال ضاهر على “الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة”، وقف “السجالات العدائيّة في ما بينها، وإيلاء …