لبنان: لا بديلَ عن الحوار

المرجع المجدّد السيّد
محمد حسين فضل الله

بعين البصيرة ؛ وفراسة حدس المؤمن وصّف المرجع الراحل السيّد محمد حسين فضل الله واقعنا السياسي والإقتصادي المأزوم اليوم كما منذ سبعة عشر عامًا ؛ حين اطلّ على واقع لبنان عشيّة انتخابات عام 2005 ؛ حيث لا تزالُ ازمات هذا النظام وارتباطات اللبنانيين بالخارج تقذفُ بالشعب في لججٍ طاميَة ؛ وتدخلهم انفاق سوداوية . محذِّرًا كل اللبنانيين من ان تأتيَ اللحظة المأساوية [ قبل ان تأتيَ الأساطيل لتحملكم الى المهاجر ؛ والى متاهات الضياع ….] .
يقول المرجع السيّد في احدى خطب الجمعة ، تاريخ 1 نيسان 2005 :
أمّا لبنان الذي يعيش القلق الأمني ، والفوضى السياسية ، والسقوط الاقتصادي ، والذي يواجه الفراغ الدستوري ؛ ويدخل في المتاهات الضائعة بفعل الخطة الامريكية / الدولية ، فإنّه يتخبط في حالةٍ من الاهتزاز المتنوّع بأبعاده ؛ ولاسيما ان الذين يتنازعون البلد في طموحاتهم الانتخابية ، يتحاربون على اساس إسقاط كل فريق للفريق الآخر ، من خلال استغلال الفرص والظروف الدولية ، والغرائز الشعبية واللعبة السياسية الكيدية على صعيد الضغوط الحادة ، أمّا الشعب الذي يحاول كل فريق ان يستغل اسمه ، ويعتبره ممثلًا له على اساس العواطف والمشاعر المتوتّرة التي لا تخضع لحسابات دقيقة ، فإنه يعيش قلق الأمن والجوع والحرمان ، في خطوط معقّدة لا يعرف الشعب فيها ما هي خطة المعارضة في اصلاح الواقع للبلد ؛ وما هي خطة الموالاة في ذلك ؛ فلا يُسْمَعُ إلاَّ الصّراخ الذي تتنوع اصداؤه عند كل فئات الشعب .
ويتحدث الناس في همساتهم وحساسياتهم ان المعركة قد تنقلنا من موقع اقليمي للتدخّل الى موقع دولي ؛ بحيث نستبدل ضغطًا بضغط ، ولكن من وراء غشاء كثيف هنا ورقيق هناك ، ويضيفون ان البعض ممن يرفعون الشعارات الكبيرة في الديمقراطية والحرية والاصلاح كانوا سرّ مشكلة لبنان ، ويتساءلون : هل تاريخ الهدر والفساد والثراء الفاحش _ على حساب الشعب _ يعيدُ نفسه ؛ لأن القضية ليست تغيير القوانين لكن تغيير الانسان :[ إنَّ اللهَ لا يغيّر ما بقومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم ] (الرعد :١١)
إنّنا نقول للبنانيين جميعًا : لا بديلَ لكم عن الحوار المباشر ، حاوروا بعضكم بعضًا قبل الإنتخابات وبعدها ، وافتحوا قلوبكم للمحبة وللإعتراف بالآخر ، ولدراسة المرحلة بدقة ، وللتفاهم على رزنامة سياسية مرحليّة او مستقبليّة تشمل الحكومة والإنتخابات وغيرهما ؛ لأنَّ هذه السفينة التي توشِكُ على الغرقِ هي سفينة الوطن التي تحملكم جميعًا ؛ فاعملوا على صيانتِها لتجريَ بكم الى برِّ الأمان ؛ قبل ان تأتيَ الأساطيل لتحملكم الى المهاجر ؛ والى متاهات الضياع .
المرجع المجدّد السيّد
محمد حسين فضل الله
22 صفر 1426ه _ م 1 / 4 / 2005
اعداد وتنسيق علي رفعت مهدي

شاهد أيضاً

الأسد: موقف سوريا من المقاومة يزداد رسوخاً.. وستقدّم كل ما يمكن للفلسطينيين:

الرئيس السوري، بشار الأسد، يؤكد ثبات موقف بلاده من القضية الفلسطينية والمقاومة، على الرغم من …