حوارٌ إداري

.

د.سلمان صبيحة

سألَته ابنته ،طالبة الشهادة الثانوية ، باستغراب و هي تبتسم :
– بابا هل صحيحٌ أنكم ستخضعون أنتم المُدراء المركزيون في الوزارات لامتحانٍ مِن قِبَل وزارة التَّنمية الإداريَّة؟
*- أجابها نعم.
-أجابت و هي تضحك قائلةً : ههييييي…معقول بعد كل هذا العمر من الإدارة و العمل و الشهادات العلمية العُليا أن تخضعَ أنتَ و أمثالك لامتحانٍ كهذا.!!!
*- احمرَّ الأب “الدُّكتور ” و هو الذي أمضى أكثرَ مِن نصفِ عمرهِ كقائدٍ نقابي و سياسي و إداري و الخاضع للعديد من الدَّورات في علوم الإدارة و غيرها و الحاضر لمئاتِ المؤتمرات و النَّدوات و ورشات العمل و الحورات و النِّقاشات داخل القطر و خارجه ، تلعثم و لم يعرف كيف سيُبرِّر لابنته هذا الموضوع لكنّه استدرك قائلاً :
لماذا الاستغرابُ يا حبيبتي…فالإنسان طالما هو على قيدِ الحياةِ بحاجةٍ دائماً إلى التَّعلم و التَّعليم المستمر…و هذا الذي نخضعُ له اليوم ليس امتحاناً بقدرِ ما هو قياس للمهارات القياديّة و السِّمات الشخصية للمرشَّحين.
– لا بابا…لا …أنا شفت ع “الفيس” أنَّكم ستخضعون لامتحانٍ كتابي و مقابلةٍ شفهية…
*- اي شو المشكلة بابا…هذا اسمه تطوير إداري و كسر للقوالب الجامدة و من حقِّ الجميع ممن تنطبق عليهم الشّروط أن يرشِّحوا أنفسهم لهذا المنصب أو ذاك…
– أنا لستُ ضدّ يا أبي…هذا عملٌ إداري فني و الإدارة هي فعل تراكمي و القيادة بالإضافةِ لكونها علم هي أيضاً موهبة و فن و صقل هل من المعقول أن يتمَّ اختيارُ الكوادرِ بهذهِ الطريقة ” خدني على قد عقلي.”.
*- لا بابا…عقلك الحمد لله كامل و علمي و منطقي و من حقك الطبيعي أن تناقشي و تعرفي فالمستقبلُ لكم يا بابا.
أنتم الشباب مَن سيُتابع المسيرة و التَّطوير الإداري و الاقتصادي و التغيّر هو سنَّة الحياة و الرَّاية سنُتقل من يدٍ لأُخرى و المنصب لا يدوم لأحد .
نحن عَمِلنا بظروف و أنتم ستعملون بظروفٍ أُخرى و بأدوات لا شكَّ ستكون متطورة عن أدواتنا ،المهم الإخلاص بالعمل و التَّقيُّد بأخلاقياتِ العملِ و السُّمعة الوظيفية الحسنة و أن تكونَ النتائج لصالحِ الوطن و المواطن…هذا بلدنا يا بابا و يجب أن نعمل لأجلهِ و لتطويره و تحسينه لكي يُصبح أفضلَ و أجمل…
من المهم يا بابا عندما يتقاعد المرء و يجلس بينه و بين نفسه و يقيّم المرحلة التي عمل بها أن يكون راضياً عن نفسه بأنَّه قدَّم أجملَ سنين عمره خدمةً للشعب و للوطن…عمل بضميرٍ و إخلاص لم يرتشِ و لم يبتز أحد أو يستغل منصبه لمصالح شخصية ضيّقة…
غداً عندما تكبرين و يتحدثون عن أبيكِ في المجالس العامّة ستشعرين بالفخر و الاعتزاز بأنَّ أباكِ عَمِل بكلِّ شرفٍ و إخلاصٍ و نزاهة.
-بابا “دمعت عيناها “…..أنا بحبك كتير …صحيح أنَّ وضعنا المادي سيء متلنا متل الغالبية العظمى من الشَّعب …لكننا أغنياءُ بالكرامة و عزَّة النَّفس و الشَّرف و الأخلاق و المبادِئ.
وفَّقك الله يا أبي…أنا لستُ بخائفةٍ عليك بل قلقلة عليك و على أمثالك فهذا الذهب العتيق أصبحَ نادراً الآن يا أبي…
*- لا تخافي و لا تحزني و لا تقلقي يا حبيبتي نحن في دولة مؤسسات و سورية دائماً ولَّادة للعلماء و الأدباء و الإداريين و المخلصين و الوطنيين الشرفاء و الأبطال الذين يفدونها بأرواحهم و دمائهم ، ثقي بأنَّه لنْ يَصح إلا الصَّحيح و سورية ستكون منارةَ الشَّرق إدارياً و اقتصادياً….يرونَهُ بعيداً و أراهُ قريباً جداً…أَوليسَ الصُّبح بقريب.
د.سلمان صبيحة.
18/12/2021

شاهد أيضاً

طريقة عمل الفراخ البانية

المقادير 1/2 كيلو فراخ صدور فيليه 2 بيضة 3/4 كوب دقيق 1 كوب زبادي 1كوب …