“مراد” نسف التحالف مع المستقبل وأطاح بـ”الفرزلي” لصالح “التيّار” مثبّتاً معادلة “الأمر لي” في مقابل تحالف “أمل” مع “المستقبل” و”الإشتراكي”

أحمد موسى

الواقع على قتامته، وطن مصلوب، فوضى قرارت، زمرة من المتآمرين، مافيات ومضاربين، أياد خفية تحركهم، وشعب في بلد تتقاذفه أهواء ومصالح مسؤولين، المواطن ليس له مكان في سلة عملاتهم الصعبة، ومدرج فقط على لوئحه الانتخابية التي سرعان ما يبطل مفعولها، وبالأمس القريب قالها الوزير السابق حسن مراد المرشح عن أحد المقعدين السنيين في دائرة البقاع الثانية التي تضم قضائي البقاع الغربي وراشيا، علانية لاءاته الثلاثة: “لا تحالف مع المستقبل، لا نرضى بتحديد الأحجام من أحد، ولا نقبل أن يصادر حق أحد”، لاءات أرفقها بتوكيد “أن الآلية التي اعتمدها إيلي الفرزلي في تقريب وجهات النظر للوصول الى لائحة إئتلافية موحدة كانت مخطئة ولم تقارب الحقيقة”، انما اعتمدت أسلوب “بوس الدقون”، هو دحضٌ لمفاعيل الفرزلي ونسفٌ لما كان “يسوّق له قبلان” المرشح عن المقعد الشيعي في الدائرة نفسها، وفق معلومات خاصة حصلت عليها “كواليس”.

المصادر نفسها كشفت لمجلّة “كواليس”، “أنه خلال اجتماعٍ جمع قبلان ومراد في دارة الأخير في بيروت، قدّم نواة لائحة من خمسة مرشحين مستثنياً مرشح الوطني الحر ومسوّقاً للفرزلي الذي تفتقد الكيمياء بينه وبين مراد على حساب مرشح الوطني الحر، فانتفض مراد رافضاً ـ الصيغة ـ من أساسها، مصمماً على مرشح الوطني الحر، وأن مراد هو من يسمي وهو الذي سيرأس اللائحة، وبالتالي هو “الآمر في التسمية وله حق النقض والرفض والقبول”، فضّ اللقاء على زعل، ووصل الوضع إلى اتصالاتٍ مكثفة على أعلى المستويات ومن الصف الأول، أجرها مراد، مُثبّتاً “الأمر لي”.

حسن مراد

فقد أطلق الوزير السابق حسن مراد سلسلة مواقف تصعيدية، بوجه تيار المستقبل والقوى المهللة للتطبيع، قاطعاً الطريق أمام أي حديث عن امكانية التحالف مع التيار الازرق في دائرة البقاع الثانية (البقاع الغربي وراشيا)، وذلك خلال احتفال حاشد لحزب الاتحاد في صالة القصر في الخيارة في البقاع الغربي، خلال قسم اليمين الحزبي لأكثر من مئتي منتسب جدد، بحضور النائب عبد الرحيم مراد، وشخصياتٍ سياسية وحزبية شكّلت “نواة لائحة” بالتأكيد ستكون برئاسته على عكس ما كان يشتهي مسوقون حلفاء لمراد، وضمّت طارق الداوود عن المقعد الدرزي، شربل مارون عن المقعد الماروني (تيار وطني حر)، جورج عبود عن المقعد الأرثوذكسي (مقرّب من الوطني الحر)، فيما كان لافتاً غياب المرشح الشيعي قبلان قبلان لأسبابٍ غير معروفة، أمر وُصف بـ”المقاطعة”، ريثما تتبلور الصورة أكثر، واللافت كان حضور “طوني سلوان” وهو المرشح السوري القومي الإجتماعي عن المقعد الماروني، أمر وضعه متابعون بأن المقعد الماروني يتأرجح بين الوطني الحر والسوري القومي الذي يبدو أن حظوظ القومي أوفر، على اعتبار أن الوطني الحر سيكون من نصيبه المقعد الأرثوذكس لصالح المرشح عبود، أما المقعد السني الثاني فسيسميه مراد وبالتالي لن تكون اللائحة ناقصة ولن يترك خط الرجعة سالكاً مع المستقبل خاصةً وأن مراد كسر الجرة مع “الأزرق” وعبره يكون وجه “صفعةً” لما كان يسوّق له الفرزلي انطلاقاً من مصلحته الخاصة تسويقاً للفوز بالمقعد النيابي.

فما أعلنه مراد فتح أبواب معركة “كسر عظم” انتخابية، بعدما فشلت جميع مساعي نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي للتوفيق بين “تيار المستقبل” و”حزب الاتحاد” وخوضهما الانتخابات بلائحة واحدة ضد ما يسمى بـ”قوى التغيير”، معركة أرخت بضلالها على باقي الأطراف السياسية والحزبية والخصوم معاً، تاركةً حملاً ثقيلاً في المواجهة المفتوحة على أكثر من احتمال، معركة شضاياها أصابت “الأحلاف” قبل الخصوم، واضعةً الاستحقاق الإنتخابي 2022 أمام خلط أوراق بين الحلفاء ما يُؤجّج الصرع والمعركة أبعد من “كسر عظم” لتصل إلى “إثبات الوجود”. 

تحالفات على وقع التشرذمات

سلسلة مواقف أطلقها مراد خلال احتفال حزبي حاشد، لتأدية القسم الحزبي لنحو 150 منتسباً، بحضور فاعليات اجتماعية وسياسية، ومرشحين محتمل أن ينضموا الى لائحة “الغد الافضل”، عن المقعد الماروني شربل مارون (تيار وطني حر)، طارق الداوود عن المقعد الدرزي، وجورج عبود عن المقعد الارثوذكسي مقرب من الوطني الحر، بغياب واضح لمرشح حركة أمل الحاج قبلان قبلان المرجح ترشحه عن المقعد الشيعي، وقد غُيّب النائب إيلي الفرزلي (المقعد الارثوذكسي) الحليف التاريخي لمراد، هذا المشهد المُبكر على حسم التحالفات، فإن غياب قبلان مرشح حركة “أمل”، قرأه عارفون ومقربون من “أمل” عدم عودة المياه إلى مجاريها بين المفترض أنهما حليفين، الأمر الذي حوّل “اللقاء الصاخب” في دارة مراد في تلّة الخياط في بيروت إلى ردّة فعل عكس “الخلافات المستفحلة السرّية إلى علانية”، وجاء خطاب حسن مراد ليصب الزيت على النار، وليصيب منه مقتلاً أصابت شضاياه الحليف اللدود “أمل”، ليجزم واقع الحال ومفاعيل المواقف السياسية وفق رؤية العارفين وكأن أمل في البقاع الغربي “ذاهبة باتجاه التحالف مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي”.

مواجهة وكسر الثوابت

حرص مراد على استنهاض عاطفة محازبيه، مرة من خلال التأكيد على “الثوابت كضرورة خيار المقاومة والسلاح”، ومرات من خلال العناد والمكابرة، “نحن أهل البيت ومداميكه على ساحة التجيير الانتخابية”، منطلقاً من قاعدة استثنائية حسم الخيار والقرار “قرار المواجهة والمجابهة معاً”، ففي لقاءٍ ضيق ووفق متابعين ومقربين من مراد أعطى إشارة البدء بكسر الحصار والمواجهة “سنخوض الانتخابات بلائحة مكتملة، برئاسة حسن مراد، وتحت راية الغد الأفضل دون سواها من راياتٍ وألوان، نحن أصحاب اختيار الاسماء وليس غيرنا، أحلافنا ضمن الأمر لي، وتحت عباءتنا، فمن يريد الإنظمام إلينا أهلاً وسهلاً ومن لا يرغب مشكلته، فالحرب نزال ولتكن ونحن لها”، قالها وسارت كالنار في الهشيم، تاركةً خلفها نار أصابت لضاها “الأحلاف قبل الخصوم”، أمر وصفته مصادر مقربة من “أمل”، أن ما قصده مراد أصاب الحلفاء بالعموم و”أمل” بالخصوص والمباشر، تاركةً ندباتٍ في التحالفات وخلطٍ في الأوراق، ما يبعث قلقاً حول مصير لائحةٍ معيدةً إلى الأذهان التفتيش في أوراق تحالفات 2018 وما أنتجته من فرزٍ تحالفي و”مغامرة” في الحواصل، وبالتالي يكون مراد قدّم في منهجية الصراع الإنتخابي خدمةً بالمجان لجمع “أمل، المستقبل والإشتراكي والفرزلي” في لائحةٍ واحدة قد تصيب منها “القوات” جمعاً على حساب “الوطني الحر” وسط ترقب لـ”حزب الله” وما ستؤول إليه مفاوضات قادم الأيام، التي يتولاها “حزب الله” من بابه العالي (…)، لرأب الصدع على مستوى الوطن، وصولاً إلى تفاهماتٍ أوسع من “القطعة” وأصغر من “المحافظة”، كمقدمة لـ”تسوية سياسية انتخابية وزارية قضائية إدارية وتعيينية شاملة”.

خطيئة بلا حقيقة

صحيح أن مراد “شنّ هجوماً عنيفاً على السياسة الحريرية” من دون ان يسميها، محمّلاً إياها المسؤولية عن “الهندسات المالية المتبعة منذ ثلاثين سنة، ليقطع الطريق أمام أي محاولة جديدة لرأب الخلاف والتصدعات، ليستدرك ويعود بالحديث عن التحالفات الانتخابية” قائلاً: “لا نرضى بتحديد الأحجام من أحد ولا نقبل أن يصادر حق احد”، غامزاً أن الآلية التي اعتمدها “الفرزلي” في تقريب وجهات النظر للوصول الى لائحة إئتلافية موحدة كانت “مخطئة” ولم تقارب الحقيقة، انما اعتمدت أسلوب “بوس الدقون” و”شخصنة المصالح”، ليقول: “اسمعوني منيح.. الزمن الأول تحوّل.. واللي حاول البعض يعمله من 15 سنة، اليوم كبيرة عليه وعلى رقبته، نحن ولاد الأرض اللي ما تركناها”، غامزاً من قناة “المستقبل” قائلاً: “نحن لسنا مثل الآخرين محبطين مش عارفين شو رح نعمل”، حاسماً: “لن نقبل لأحد أن يملي علينا شروطه، نحن أصحاب خط واضح، هدفنا الناس ورح نبقى مع الناس، ومش مظبوط ما في بديل، ومش مظبوط ان البديل هو التطرف والارهاب”.

قرار وسط خلطة

ووسط تأكيدات “أمل” وقرار مركزي ومن الرئيس بري أفضى الى أن الحاج قبلان قبلان “مرشحها” عن دائرة البقاع الثانية، وأن “صيغة التحالف مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي أصبحت شبه منجزة”، لتضيف مصادر حركية  أن “حزب الله” غير ملزم بالتصويت لقبلان، وان الحزب لن يرشح شيعياً على لائحة مراد في حال حسم تحالف امل والمستقبل والاشتراكي، وبالتالي ابلغت قيادة الحزب بحسب المصادر نفسها قيادة أمل  ان الحزب سيترك للمحازبين والحركيين حرية التصويت لمن يجدونه مناسباً، على اعتبار أن لائحة مراد من دون حركة أمل قادرة على تأمين حاصل ونصف بأبعد تقدير، أما على الضفة الأخرى فيحسم التيار الأزرق ترشح النائب محمد القرعاوي، فيما ما زالت المشاورات جارية لإختيار مرشح عن المقعد السني الثاني، شرط أن يكون حزبياً ومن قضاء راشيا، وتشير مصادر مستقبلية أن التيار بصدد ترشيح حزبي عن المقعد الماروني، قطعاً لأي حديث عن تحالف بين القوات والمستقبل على اعتبار أن المستقبل قادر أن تأمين أكثر حاصل، يحفزه الفوز بالماروني الى جانب أحد المقعدين السنيين.

قوى مشرذمة

أما على ضفّة قوى الإعتراض المشرذمة، فهي تحتاج إلى توحيد صفوفها، فعلى مستوى المقعد الدرزي يهدفون إلى ضرب قوّة “الإشتراكي” التجييرية والتي ينطلق من خلالها النائب الحالي وائل أبوفاعور بما يزيد عن خمسة آلاف ناخباً من أصل عشرة آلاف ناخب، إذا ما أحسن ضبط التسرّب والمعترضين على آداء أبوفاعور وفق مقربين من الاشتراكي، فالاشتراكيون يشكلون في راشيا قرابة الـ65 في المئة من أصل 13 ألف ناخب، من هنا فإن أبو فاعور لا يزال رقماً من حيث الانطلاقة والحصول على الحاصل، لكنه يراهن على الشارع السني كتعويض عن التسرّب الإشتراكي الذي يقف حائلاً أمامه خوفاً من أن يكون أمام “كرة ثلج”، أما المرشح طارق الداوود فيقول مقربون أن قوّته “لا تتجاوز أكثر من ألفين وخمسماية” إذا ما أحسن جمعهم دون التسرّب لصالح “قوى التغيير” العاملة على “النيل” من أبوفاعور دون الإكتراث لأي مرشح آخر، وبالتالي يعملون على “إضعاف” أبوفاعور من دون تأمين الحاصل للداوود، وإذا أمكن تشكيل قوة ناخبة تعمل على تأمين حاصل لها على مستوى المقعد الدرزي إذا ما أجمعت قواها، لأن فوز السلطة يكمن في تعدد اللوائح الضعيفة وغير القادرة على تأمين الحاصل وبالتالي تتدنى نسبة الحاصل ما يرفع من حظوظ لوائح السلطة في الفوز.

شاهد أيضاً

تطبيق Truecaller.. حفظ للأرقام أم خرق للخصوصيّة؟

هل فعلًا يمكن لأي استخبارات التجسّس منه على مكالماتنا؟ وكيف يعمل؟   د. جمال مسلماني/ …