حياد لبنان… من بكركي إلى باريس فنيويورك

وفق بعض العارفين فإن طرح البطريركية المارونية حول حياد لبنان قد أصبح في مراحل متقدمة، خصوصًا بعدما أطلع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال لقائه البطريرك الراعي، وحمله معه إلى باريس، كفكرة متقدمة تستأهل الدرس والمتابعة، تمهيدًا لعرضه كمشروع، بعد إستكمال دراسته من قبل اللجان المختصة، التي تضم رجال دين وعلمانيين من أهل الإختصاص، على الحكومة الفرنسية لتبنيه ورفعه إلى الأمم المتحدة لعرضه على هيئتها العامة.تؤكد مصادر لصيقة ببكركي أن البطريرك الماروني لم يطرح موضوع الحياد لكي يحيد عنه، وهو ماضٍ في هذا الطرح – المبادرة حتى النهاية ، لأن تراجعه غیر وارد، وھذا الكلام سمعه كثيرون من الراعي مباشرة، مشيرة إلى أن الرهان على تغییر البطريرك رأیه لن ینجح، لافتة الى التأیید الكبیر الذي یحظى به، والدلیل الزیارات السیاسیة والوفود التي زارت الدیمان ولا تزال، لأن الجميع، بإستثناء قلة، يعتبرون أن إلتزام الحیاد ینقذ لبنان.

وتعتبر هذه المصادر أن وجود معارضین للطرح البطريركي كالثنائي الشیعي وعدم وضوح نھائي في موقف “التیار الوطني الحر” هو أمر طبيعي في الجو الديمقراطي الذي لا يزال يعيشه لبنان حتى إشعار آخر، لافتة إلى أن “التیار أید الحیاد مع مطالبته بضرورة الجلوس حول طاولة حوار”. وترى أنه یحق لأي كان أن یعارض، لكن في الوقت نفسه لا یحق له فرض رأیه على أحد. “فبكركي تقدس الحریات، لذا لكل فریق حریته في الإختيار من دون أن يسمح لنفسه بأن یتحكم بالآخر”.إلى ذلك كشفت مصادر سیاسیة مطلعة بأن مشاورات الأیام الماضیة وتبادل الرسائل بین الراعي والرئيس ميشال عون والوزير السابق جبران باسیل وشخصیات مسیحیة أخرى وبعض أعضاء اللجنة المشتركة المشّكلة بین بكركي و”حزب الله“، أفضت الى ضرورة الحوار والنقاش الھادئ بعیدا من الإعلام في أبعاد ومغازي ونتائج طرح الحیاد وكیفیة تطبیقه وأهمية هذا التطبيق من عدمه. وقد نصح البعض بأن یكون ھناك لقاء قریب بین وفد قیادي من “حزب الله” رفیع المستوى والراعي مع عدد من المطارنة ومختصين للنقاش الھادئ وللتحاور في الطرح بعیدا من الإنفعال أو التّسرع. وتؤكد أوساط واسعة الإطلاع في تحالف “حزب الله” و٨ آذار أن الحزب وضع الحلفاء قبل أیام في صورة اللقاء، وأن ھناك تحضیرا للقاء بین الحزب وبكركي من دون الدخول في التفاصیل والشخصیات والتوقیت. وتقول إن صمت “حزب الله” وحركة “أمل” عن مقاربة طرح الراعي عن الحیاد في الإعلام مرده الى أسباب عدة منھا أن العلاقة بین الطائفتین الشیعیة والمارونیة وبین المرجعیتین الدینیتین ممتازة ولا تشوبھا شائبة، على رغم الإنقسام والخلاف على بعض القضایا الداخلیة ومنھا السلاح، وأي معضلة تحصل یتم حلھا بھدوء وبعیدا من الإعلام وبوعي ومسؤولیة ومن دون الإنجرار الى سجالات بلا طائل أو توتر في العلاقة بین جمهورالطائفتین. وحتى قضیة لاسا وھي قضائیة وعقاریة بحتة ولیست طائفیة أو سیاسیة كما ّصورھا خصوم “الثنائي الشیعي” تخضع للمراجعة الھادئة وھناك تصّورات عدة للحل.

يُرجّح أن يعقد اللقاء قبل سفر الراعي إلى الفاتيكان المتوقع في شهر ايلول المقبل، لأن الفاتیكان یقفل أبوابه في شھر آب، حيث ينتقل قداسة البابا إلى مقره الصيفي، حيث يخصص معظم أوقاته للصلاة والتأمل.ووفق بعض الترجيحات أن يصار تواصل بين الفاتيكان وباريس حول مشروع حياد لبنان، بحيث ستتحرك الدبلوماسية الفاتيكانية في إتجاه الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن من أجل تبني هذا المشروع وإقراره في الهيئة العامة للأمم المتحدة كصيغة ضامنة لمستقبل لبنان ووحدة أراضيه وشعبه.