المطربة العظيمة دلال الشمالي ستبقى قامة شامخة وشخصية فنية نادرة

✍ بقلم د.جمال شهاب المحسن *

 

 

لن يؤثّر الزمن وتقلباته على محبة جماهير الزمن الجميل للمبدعة والمطربة اللبنانية والسورية والعربية الكبيرة دلال الشمالي التي ما زالت في عزّ عطائها حيث أكرمتني منذ أيام بإهدائي آخر أغنية لها إسمها (زمن) سجلتها هذا العام ، علماً أنها صاحبة أكثر من ثلاثة آلاف أغنية ومنها أغنية (لَهجُر قصرك وارجع بيت الشعر ) التي كتبها لها الشاعر السوري رفعت العاقل ولحنّها الملحن السوري زهير عيساوي وتعبت في نشرها من سورية الى كل البلاد العربية ، وكانت صُنِّفت المطربة الأولى في سورية مع أنها لبنانية الأصل والولادة ، وغنّت انطلاقاً من بدايات ستينيات القرن الماضي أجمل الأغاني والأناشيد والقصائد في المناسبات والمحطات الوطنية والقومية ومنها (أغنية من قاسيون أُطِلُّ يا وطني ) التي ما تزال متّقدةً في نفوس جماهير سورية والأمة في جميع أقطارها …

أمّا بشأن أغنية ( لَهجُر قصرك وارجع بيت الشعر ) فهي ليست لأحدٍ غيرها … وهي ليست من الفولكلور لأن صاحبتها تحديداً وحصراً دلال الشمالي ولها مؤلّف وملحّن ..

وعلى من يؤدّيها في بعض الحفلات الغنائية أن يرفع التحية عاليةً لها كائناً مَن كان ، وهذا هو أقلُّ الواجب والإحترام والتقدير والإمتنان في التعامل مع صاحبة الأغنية التي تصرّفت بكل سُموّ ولم ترفع أية دعوى قضائية وحق ملكية على هؤلاء ومنهم مطربون كبار …

ولِمَن لا يعرف فإنّ دلال الشمالي قد ألّف ولحّن لها كبار الشعراء والملحنين السوريين واللبنانيين والعراقيين والمصريين والأردنيين والعرب ومنهم الشعراء : نزار قباني ، خليل الخوري ورفعت العاقل والكثر غيرهم والملحنون : محمد خعبدالوهاب ، فيلمون وهبي ، سهيل عرفة ، زهير عيساوي ، ابراهيم جودت ، بليغ حمدي ، محمد الموجي ، علي إسماعيل ، حليم الرومي وتوفيق الباشا …

ألفُ تحيةٍ وسلام للمطربة المميَّزة دلال الشمالي التي عرفتها ميادين الفن والإعلام والوطنية حيث أنها من أفضل مَن غنّى القصائد الطرَبية بالفصحى فقال عنها الشاعر العربي الكبير نزار قباني : إنها أروع مَن نطق الحرف، وإنها عالمةٌ في مخارج الحروف وتشبيع الكلمة العربية …

وأنا بكل تواضع عندما سمعت مطربتنا العظيمة في ال(ديو) والحوار الغنائي الذي جاء في أوائل السبعينيات من القرن الماضي في سياق أغنية (لا خَبَر ) والذي هو من أروع ما أبدعه العملاقيْن دلال الشمالي وفاضل عواد للطرب العربي والذي يدخل إلى أعمق أعماق المشاعر الإنسانية الوجدانية قلت : يَشْدُوانِ معاً ألحانَ الأيام الجميلة
وما هو أجملُ في أنسام الروضةِ والخميلة

ويبقى أن نُلفِتَ إلى أنَّ المطربة العظيمة دلال الشمالي التي ستبقى قامة شامخة وشخصية فنية نادرة تُبدي أسفها لِما وصلت إليه حالة الأغنية العربية من انحطاط وتجارة على حساب الفن الحقيقي والأصالة ، مؤكدةً أن معظم الأغاني فقدت موضوعها، من حيث الكلمة واللحن والأداء، والسبب في هذا التدهور هو الاذاعات والتلفزيونات الخاصة التي انتشرت بهدف التجارة فقط.
أمّا بالنسبة للفن بشكل عام فهي تقول: هناك مؤامرة على الفن اللبناني والعربي، مشيرةً الى أن لبنان اليوم قد اجتاحته التجارة في المجال الفني وهناك مؤامرة لقتل الفن وقتل المواهب الكبيرة والأصيلة ونزع أذواق الناس ، لقد ضربوا الجيل الجديد ، حتى أن أكثر المسلسلات التي تُعرَض لا تشبهنا ابداً بل مجرد مسلسلات استهلاكية .

وهنا نلتقي مع مطربتنا الكبيرة والقديرة دلال الشمالي ، ونُعيد ذلك الى البؤس الثقافي العام المرتبط بما نحن عليه من تردٍّ في المجالات كافة وهذا موضوع واسع النطاق سنقاربه في الواقع والمرتجى قريباً وسننشر ما كتبناه مع الإضافات الضرورية ..

* إعلامي وباحث في علم الإجتماع السياسي