المرفأ والخيارات لإعادة الإعمار (3)

هل سيجد العرض الروسي آذاناً صاغية أو رجالات دولة تقبل بغض النظر عن الضغوط الامريكية؟!

الدكتور عمران زهوي

صحيح ان قيمة الخسائر في مرفأ بيروت قدرت بحسب شركات التأمين بحدود 3 مليارات دولار، إلا ان هذا لا يعني ان كلفة اعادة الاعمار ستبقى محصورة في هذا الرقم. ذلك لارتباطها بعدة متغيرات، أهمها: عدم تغطية شركات التأمين الخسائر بنسبة 100 في المئة. عدم تقدير البنى والتجهيزات بقيمتها الحقيقية. الاخذ بالاعتبار قيمة اعادة البناء بشكل افضل وأحدث. إذ لا يمكن اعادة المرفأ إلى نفس الحالة التي كان عليها. بل على عملية البناء ان تأخذ بالاعتبار فرصة خلق مرفأ حديث ممكن ان يخدم اهدافاً أوسع من الاهداف التجارية التي كان يخدمها سابقاً. التنافس على المرافئ كبير جداً في المنطقة، وموقع بيروت الاستراتيجي يؤهلها للعب دور مميز وفعال على المتوسط، فمرفأ بيروت بصفته ميناء لا بديل عنه والممر التجاري الاوسع على هذا الساحل وصولاً الى تركيا

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة خاصة بعد الاهتمام الروسي الذي اصبح لاعباً اساسياً في المنطقه بالاضافه الى دور الروس في تغذية اوروبا بالغاز، سيما ان المنطقه تحديداً (سوريا ولبنان) فيها كميات كبيرة من النفط والغاز، اذ في لبنان وحده هناك كميات كبيرة من الغاز والنفط وتحديدا نوعية الغاز الموجود حسب المسح في حقل قانا (عالي الجودة) الذي يبدأ من البلوك رقم 9 وصولاً الى بلوك رقم 72 الصهيوني بالقرب من حقل كاريش أيضاً المتنازع عليه تحديداً اذا اعتمدنا الخط 29 (خط التفاوض بعد تعديل المرسوم 6433) فمن هنا نرى الاهمية الاستراتيجية للروس وخاصة بعد نيل كل العقود للتنقيب من الدولة السورية وشمال لبنان .

والصراع القادم مع الامريكي هو من سيسطر على المنطقة ويدير عملية الاستخراج والنقل وهذا أيضاً يضرب نادي شرق البحر المتوسط المكون من (تركيا،اليونان، قبرص،مصر، والكيان الصهيوني) والخط الذي كان يريدون انشاءه وتكلفته حوالي 7 مليار والذي يحاول الامريكي من خلاله ايصال الغاز إلى اوروبا لمنافسة الغاز الروسي الا انه اصطدم بالبلوكات رقم 8,9 اللبنانية واذا كان هناك التفافة عن البلوكين ستصبح الكلفة اكبر ما يضيع على الكيان والامريكي منافسة سعر الغاز الروسي لذلك نشهد ما نشهده في ملف الحدود البحرية مع الكيان. والعرض الاخير من الروس للاستثمار في مصفاة الزهراني والذي بموجبه ستقوم المصفاة بتكرير حوالي 200 الف برميل من النفط الخام الروسي وسيغطي حاجة السوق اللبناني والذي تعطي من كل برميل نفط روسي (40% ديزل و30%بنزين و30% للكهرباء ) وبعقد على طريقك الBOT. لنجد ان الدب الروسي جاد جداً بدخوله الى الساحة اللبنانية للاستثمار، فهل سيجد لكل عروضه آذاناً صاغية او رجالات دولة تقبل بغض النظر عن الضغوط الامريكية ؟!