@@@ المحافل الماسونية : ” الدونمة ” @@@

 

الحلقة السابعة والعشرون “الفصلةالأول” ##

حسين السيد عباس ابو الحسن

تطلق كلمة ” الدونمة ” التركية على اليهود الذين هربوا من اسبانيا على أثر الاضطهاد.الذي مورس عليهم من قبل محاكم التفتيش الاسبانية الى ” سالونيك ” فاحتموا بالدولة العثمانية التي احتضنتهم وقبلت دخولهم في الاسلام ، غير أنهم بقوا في باطنهم على ديانتهم اليهودية وأسسوا محفلهم الصهيوني الذي تحول الى داعم أساسي لجمعية ” الاتحاد والترقي ” وجمعية ” تركيا الفتاة ” المدعومتين من قبل المحافل الماسونية في بريطانيا ومنها انطلقت لتنتشر في البلدان التي استعمرتها وخاصة البلدان العربية . وقد تم تأسيس هاتين الجمعيتين بصورة سرية في عام 1889 م وانتسب اليهما معظم ماسونيي الدولة العثمانية ومنهم : الصدر الأعظم.مدحت باشا ورئيس الوزراء جاويد باشا والوزير رشيد باشا والكاتب ضياء بك كوك ألب وأحمد رضا بك رئيس مجلس شورى الدولة ثم أصبح رئيس مجلس الأعيان وحسين عوني باشا قائد عام للجيش لفترة وجيزة والضابط محمود شوكت باشا ووزير الحربية أنور باشا والسفاح جمال باسا والي الشام وعكا وبهاء الدين شاكر أمين عام الاتحاد والترقي وزميله في القيادة علي جمال عزمي وأعداد كبيرة من الذين تبوأوا مناصب قيادية في الدولة العثمانية في شتى الميادين ، وقد انتسبوا جميعهم للجمعيتين المذكورتين أو دعمهما من مواقعهم الرسمية . وكانت لبريطانيا الدور المميز في رعاية المحافل الماسونية كونها تحتضن ” الحاكمية العظمى للماسونية ” في العالم ، فعمدت الى احتضان الجمعيتين المذكورتين ودعمهما وتشجيع الانتساب اليهما وذلك في أواخر عهد.احتضار السلطة العثمانية أي منذ عهد السلطان عبد المجيد وأخيه عبد العزيز وحتى آخر سلاطين آل عثمان ..والجدير ذكره أن كلمة ” الدونمة ” تطلق على كل يهودي دخل في الاسلام والمسيحية ظاهريا وبقي على دينه اليهودي .

وقد تعاظم تدخل الدول الأوروبية في البلدان المحتلة من قبل السلطنة العثمانية خاصة منذ عام 1819 م بعد دخولها في مرحلة الشيخوخة .. وكانت لبريطانيا خاصة أطماعها للسيطرة على البلاد العربية تماما كما هو شأن فرنسا وايطاليا واسبانيا ، ومن أجل تمكين وجود.اليهود في بلاد السلطنة وهجرتهم الى فلسطين تمهيدا لاقامة كيانهم فيها ، علما بأن السلطان عبد الحميد الثاني رفض أية محاولة لانشاء وطن لليهود في فلسطين كما رفض الهجرة اليهودية المنظمة اليها بالرغم من محاولة المجرم الزعيم الصهيوني ” تيودور هرتزل ” واللوبي الصهيوني بالابتزاز ماليا وبالضغوط الخارجية ولم يحققوا مإربهم الا بعد أن سيطروا على حركة الجمعيتين المذكورتين وذلك بانتساب العديد من يهود ” الدونمة ” اليهما ودعمهما ماليا واعلاميا بصورة استهوت العديد من أصحاب المراكز العليا في السلطنة العثمانية .

ومن المعلوم أن هاتين الجمعيتين تبنتا فكرة ” العلمانية الملحدة ” تماما كما هي عقيدة الماسونية تمهيدا للانقضاض على السلطنة .. وقد تم خلع السلطان عبد الحميد بتوجيه من بريطانيا وبدعم من تحالف الدونمة والماسونية الصهيونية والجمعيتين المذكورتين ردا على عدم قبوله للهجرة اليهودية الى فلسطين وعدم قبوله بانشاء كيان لهم وتم تبليغه قرار خلعه بواسطة وفد تشكل من الفريق البحري عارف حكمت والأرناؤوطي أسعد طوبطاني والأرمني آرام أفندي واليهودي عمانوئيل قراصو وجميعهم كانوا أعضاء قياديين في جمعية الاتحاد والترقي .

ولم تكن ” الدونمة ” قادرة على السيطرة لولا تحول الجمعيتين الى حصان طروادة للماسونية برعايتها لتحالف يهود الدونمة والحركة الصهيونية ولولا اجتذاب الأعداد الكبيرة من الناقمين على السلطة العثمانية من فعاليات سياسية وعسكرية واقتصادية ومنهم ابراهيم شناسي وضياء كوك ألب باشا مما هيأ لها المناخ للسيطرة ومن ثم التمهيد.للضابط اليهودي الماسوني مصطفى كمال لاستلام السلطة التامة عام 1923 م حيث تحولت تركيا الطورانية الأتاتوركية فيما بعد.الى حليفة أساسية للعدو الاسرائيلي ومعادية للقضايا العربية القومية وخاصة القضية الفلسطينية .

ولقد تبين أن معظم الجمعيات التي نشأت في العهد العثماني في المناطق العربية وخاصة بلاد الشام كانت جمعيات ماسونية تعتمد.السرية في تحركاتها ومنها جمعية ” الحلقات الذهبية ” حيث سمي منتسبوها ” بالحراس ” وقد.كشف موسى الخوري ود. جميل جبر والشاعر خليل حاوي عن أن هذه الجمعية كانت مموهة بحيث لايعرف أحد.من هو مؤسسها وأن جميع أعضائها كانوا ماسونيين . والجدير ذكره أن الانتدابين الاستعماريين البريطاني والفرنسي استعانا بالكثير من أعضاء هذه الجمعية ليتسلموا مقاليد السلطة في أواخر عهد السلطنة العثمانية وبعد اطفاء جذوتها . وقد سمى كتاب ” صحوة الرجل المريض” لمؤلفه موفق بني مرجة بعض أعضاء مؤسسي هذه الجمعية ومنهم : جبران خليل جبران ود. نسيم الخوري ورشيد عبد النور وأسعد مدري ونجيب مشاقة وميشال نجم معلوف ود. جورج جريج والقس شبلي معلوف وجورج صوايا وخليل الحجار والياس صباغ ووديع شاكر وابراهيم خوري وميخائيل برني وفيليب نجم معلوف وموسى عساف وحافظ سعيدة وأدولف نحاس وابراهيم شناسي .. ومن هنا يتبين أن مخطط الماسونية العالمية كان يتمحور حول انشاء جمعيات سياسية بأسماء مختلفة أدبية واجتماعية ودينية بهدف السيطرة لاحقا على المفاصل الأساسية في أية دولة . وحتى تضمن دعم هذه السلطات لقيام دولة اليهود.في فلسطين . وقد تأكد.فيما بعد.أن جميع من تسلم السلطة في الأقطار العربية التي أسسها المجرمان ” سايكس وبيكو ” كانوا ماسونيين وساهموا الى حد كبير في تسليم فلسطين لليهود.بالتعاون مع الاستعمارين الانكليزي والفرنسي .

وقد نقل عن كتاب ” الموسوعة الماسونية ” لأبي راشد في مجلة النديم عام 1966 م أن معظم من تبوأوا السلطة القيادية الخديوية في مصر كانوا ماسونيين وباختيار بريطانيا الراعية الأساسية للمحافل الماسونية في العالم . وما حصل في بلاد الشام ومصر حصل أيضا في باقي أقطار المغرب العربي وليس من حاجة الأن لذكر أسماء القيادات السياسية من ملوك ورؤساء وقيادات سياسية وعسكرية …!!!!

فمن هو مصطفى كمال أتاتورك وكيف وصل الى السلطة في تركيا وماهي تشريعاته ؟

ولد مصطفى علي رضا عام 1881 م بمدينة سالونيك اليونانية التي كانت تابعة للدولة العثمانية وهو يهودي من مجموعة الدونمة وقد اعتنق الاسلام كوالده ظاهريا وبقي على يهوديته وتسمى باسم اسلامي ” مصطفى” . وقد رأى فيه الانكليز والجمعيات الماسونية ضالتهم بعد.دراسة شخصيته وطموحاته وممارساته وأمنوا له التغطية الكاملة والمساعدة حتى يترقى في السلك العسكري . وقد انخرط في المدرسة الحربية العليا عام 1893وهو لم يزل صبيا وتميز بنبوغه الدراسي فلقبه معلموه ب مصطفى ” كمال ” وفي عام 1905 م تخرج برتبة نقيب وخاض حروبا عديدة في البانيا وطرابلس ضمن الجيش العثماني قبل انضمام تركيا ” للمحور ” في الحرب العالمية الأولى وظهر من خلال أدائه العسكري كضابط مميز من الطراز الرفيع مما خوله نيل مرتبة جنرال عام 1916 م وهو لم يزل في عمر الخامسة والثلاثين . وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى برز كقائد كبير أثناء تحرير تركيا من سطوة الحلفاء فحاز على تأييد شعبي كبير جدا وساعده الحظ لأن يصبح قائد التحرير عام 1919م ضد اليونانيين والانكليز والفرنسيين والايطاليين وتم طردهم عام 1922م مما أكسبه شعبية كبيرة للغاية وقد تحققت له هذه الانتصارات بالاتفاق سرا مع الانكليز والماسونيين المنخرطين في الجمعيات المتعددة حيث استطاع أن يؤسس ” المجلس الوطني العظيم ” في أنقرة عام 1923م.ووقع معاهدة ” لوزان ” مع الحلفاء ليكرس نفسه قائدا لتركيا وأعلنها ” الجمهورية التركية ” بعد أن ألغى السلطنة العثمانية وجعل من ” أنقرة ” عاصمة لحكومته بدلا من اسطنبول وبدأ بسلسلة اجراءات قادت تركيا الى العلمانية الملحدة واللحاق بالركب الأوروبي الغربي . وقد اعترض عليه معظم المتعاطفين لبقاء السلطنة على اجراءاته فعمد.الى تطهير تركيا منهم وأعدمهم جميعهم .

ولن نطيل الحديث عن ممارساته واجراءاته التي مهدت له الوصول الى الرئاسة خاصة بعد.حصوله على تأييد يهود الدونمة والماسونيين والانكليز . ومن يرغب في الاطلاع بصورة مفصلة عليه أن يراجع كتاب ” صحوة الرجل المريض ” المدعم بالوثائق والصور ذات الصلة .

فما هي الاجراءات التي اتخذها مصطفى أتاتورك ؟

— الغاء السلطنة الاسلامية المسماة بالخلافة .
— الغاء المدارس الدينية .
— الغاء المحاكم الشرعية الدينية .
— الغاء الألقاب الدينية .
— الغاء الكتابة والتحدث باللغة العربية والاستعاضة بالأحرف اللاتينية امعانا منه في كراهيته للعرب وللاسلام وللقرإن الكريم .
— تبنى العلمانية الملحدة حيث حارب جميع المظاهر الاسلامية وحالة التدين وربط ازدهار البلاد بالتخلي عن الهوية الاسلامية قائلا : اننا لا نستطيع اتباع كتاب يتكلم منذ الف واربعماىة ستة عن ” التين والزيتون ” في الوقت الذي تقدم فيع العالم اشواطا كبيرة في شتى ميادين العلوم .
— منع الاحتفالات والأعياد الدينية الاسلامية .
— اعتمد اللباس الغربي بدلا من اللباس التقليدي تمشيا مع النمط الأوروبي .
— منع الحجاب وفرض السفورعلى النساء .
— اعتمد العلمانية مقابل التشريع الاسلامي في مسائل الحقوق والمواريث للنساء .
— استبدل القوانين الاسلامية بالقوانين الأوروبية مثل القانون المدني السويسري وقانون العقوبات الايطالي وقانون التجارة الالماني .
— منع تعدد الزوجات علما بأنه تزوج من أكثر من اثنتي عشر امرأة بصورة غير شرعية ولم ينجب وانما تبنى أبناء وبنات على الطريقة الغربية .
— تبنى مشروع قيام الكيان الاسرائيلي في فلسطين كوطن قومي لليهود وشجع الهجرة اليهودية اليها ومن بعده أصبحت تركيا حليفة لكيان العدو بعد انشائه .

ولم يكن مصطفى أتاتورك لينجح في اجراءاته لولا الأخطاء الجسيمة التي مارسها سلاطين بني عثمان طيلة حكمهم بحق الاسلام والمسلمين والبدع المنكرة التي شرعوها بواسطة رجال الافك والمنكر ممن يسمون بالمفتين او رجال الدين مثل ” تشريع حق السلطان في قتل أبنائه او أخوته أو أبيه أو أرحامه الأقربين بحجة المحافظة على وحدة السلطنة ” ولولا الجرائم المتوحشة العنصرية التي اقترفوها بحق المسلمين والمسيحيين والأقليات الدينية والأتنية مما أوسع الهوة ما بين السلطنة وعامة الناس وهيأ الأجواء للمعارضة في أن تقوى وتكبر اضافة الى سعي اليهود الزنادقة والغرب المستعمر الى القضاء على الاسلام وتشويه صورته وممارسة الأفعال الشنيعة باسمه .

يتبع الفصل الثاني من ” الدونمة ”

حسين السيد عباس ابو الحسن

شاهد أيضاً

*النهار: رفض “ناعم” من “الثنائي” للورقة الفرنسية*

  وطنية – كتبت صحيفة “النهار”: على وقع التطورات الشديدة التوهج والتضارب والتسارع المتصلة برفح …