عودة (البيجو) إلى لبنان أصبحت ضرورية..

 

لا يستغرب أحدٌ هذا العنوان ونحن على بعد أيام من الاستقلال..
ولكن ما يحصل جعلنا نفكر بذاك الضابط الذي كان يحكم لبنان بإشارة واحدة من إصبعه!
قد يقول البعض إنني أرحب بالوصاية ولكني أعلم جيدًا كيف كان مسؤولو لبنان يرتجفون عندما يسمعون باسمه أو عندما يطلب من أحدهم الحضور إليه، وكنت شاهدًا على كثير من مسؤولين كانوا يسيرون على رؤوس أصابعهم كالطاووس خارج حرم وجوده، ثمّ ينقلبون أمامه إلى أقل من أطفال لم يبلغوا سن الرشد!!
نعم في هذه الحال التي وصلنا إليها، باتت سيارة البيجو بمثابة جهاز التنفس الاصطناعي الذي يحتاجه لبنان ليخرج من الغيبوبة إلى مسرح الحياة ونبضها، فتلك السيارة بيضاء اللون، كانت تحل أكبر مشكلة بمجرد وصولها إلى أي مكان مأزوم لتنعش الأمل باستعادة نبض الحياة إليه، فتتكامل الحياة في بلدنا الذي لم يعش يومًا على اكتفائه الذاتي بالحكم وتدبير شؤونه.
وكانت حكوماته تُشكّل باتصال يأتي بعده وزراؤها فرادى ليوقعوا على قرار توزيرهم، بعد أن يختم الاتصال بعبارة (هيك بدنا)…
وكان الأمن موجودًا والأمان مبسوطًا وكان كل مسؤولي لبنان ينتظرون رنّة هاتف ليقوموا بواجباتهم المطلوبة على أكمل وجه ويحضروا اجتماعاتهم ويتحملوا مسؤولياتهم دون إبطاء….
فهل فهمتم الآن أنّ حالنا إذا بقيت على هذه الرداءة سيطالب الشعب اللبناني كله بعودة مثل ذلك الضابط؟

سنوات لانتخاب رئيس… وشهور لتكليف رئيس حكومة… وأشهر للاتفاق على أسماء الوزراء.. ومتطوعون يقدمون أنفسهم دفاعا عن لبنان لم يثبتوا بسبب الخلافات..
وتجار يتحكمون ببلد من الدولار إلى علبة الدخان والدولة عاجزة عن محاسبة أحد من هؤلاء الفجار..

دولة وصلت للانهيار بكل القطاعات وشعبها يئن جوعًا وبردًا ومرضًا…وأمس رفعت دولتنا الدعم عن حليب الأطفال..فمن ينقذنا غير ورثة أبو عبده؟

بلد يحترق أخضره وأرزه وشجر السلام فيه ولا يوجد طائرة إطفاء بسبب سرقة مليارات الدولارات.

وأطفال تتوفر أكفانهم قبل أن يتوفر وقود تدفئة أجسادهم المتجمدة صقيعاً، لولا رحمة الله بتأخير الشتاء..
ولا تريدون منا عودة مَن كان يقول للمسؤول (تعال لعندي يا…) فيأتي إليه مسرورًا مبتسمًا منحنيًا.. أمرك مولاي..

موظفون رواتبهم لم تعد تكفيهم يومًا واحدًا، وأجهزة أمنية أفرادها يتألمون ودولتهم لم تحرك ساكنً، تجاه هذا الوضع الأليم…

رجال أعمال أتوا من الغربة واستثمروا في مشاريع ضخمة وفتحوا المستشفيات والمعامل وقدموا المساعدات يحاربون ويبتزون لأجل هذا وذاك…

كل ذلك هل كان يحدث عندما كنا تحت وصاية هذا الضابط ودولته التي فرضت الأمن والأمان في لبنان؟

أما التجاوزات التي كانت تحصل، فكنا نحن المسؤولين عنها وليس مَن حكمنا….

قد ينتقدني البعض.. ولكن أقبلوا مني هذا الكلام الواقعي…لأن حالنا لم تعد تطاق..
نحن بين قيادات اعتادت على التبعية..وحين أعطيناها المسؤولية دون حسيب ولا رقيب كان خراب البلد على يد مَن كان يقول لذلك الضابط أمرك سيدي كما تريد ….
اقرؤوا كلامي بموضوعية قبل أن تعلقوا…

بقلم نضال عيسى

شاهد أيضاً

التطبيع العربي: بين هزيمة الكيان الصهيوني وانتصاره

أ.د.فرح موسى*  عُقدت قبل أشهر القمة الإسلامية بوحي النصرة لفلسطين،واستمع العرب والمسلمون إلى خطاب الوحدة …