“إسرائيل في صدمة” بعد خطف ضابطين إسرائيليين خارج حدود فلسطين

يؤكّد محللون في الشأن الأمني والسياسي أنّ حلقة “ما خفي أعظم” التي بثتها قناة الجزيرة القطرية يوم الجمعة والمتعلقة بملف الأسرى والكشف عن خطف ضابطيْن إسرائيلييْن، شكلت صدمة لـ”إسرائيل” لم تفق منها حتى اللحظة، معتبرين أنّ أهمّ ما حملته الحلقة من جديد هو “التطور الجغرافي في الصراع”.

ويرجح المحللون، في أحاديث منفصلة مع وكالة “صفا” السبت، أن يكون الضابطين المختطفيْن خارج حدود فلسطين، وهو ما سيكون له تبعات كبيرة جدًا فيما إذا ثبت ذلك، خاصة وأن الجهات التي أصبحت تتبنى ملف الأسرى أصبحت متعددة وتضع “إسرائيل” في مأزق كبير.
وعرض برنامج “ما خفي أعظم” الذي تبثه قناة الجزيرة القطرية مقطع فيديو لحركة تطلق على نفسها “حرية” تبنّت فيه خطف ضابطي “موساد” إسرائيليين كانا في مهمات أمنية خارج “إسرائيل”.
وقال البرنامج إنّ “الجهة الخاطفة نشرت فيديو يظهر المخطوفَين الاثنين مع صور أوراق ثبوتية إسرائيلية ويعرفان نفسيهما بأنهما ديفيد بيري وديفيد بن روزي”.
وبيّن أن خاطفي الضابطين تكتموا على مكان الاحتجاز، وربطوا مصيرهما بالإفراج عن أسرى فلسطينيين.
ويقول المختص بالشأن الأمني والسياسي إبراهيم حبيب لوكالة “صفا”: “إن الرسائل التي خرجت من هذا البرنامج كانت عديد أولها رسالة شديدة اللهجة لإسرائيل بأن المقاومة الفلسطينية أو ربما أطراف أخرى مساندة باتت تمتلك أوراق ضغط قوية أخرى في ملف الأسرى”.
ويضيف “أيضًا هذه الجهات أرسلت رسائل بأنها تمتلك معلومات ربما تكون صادمة للمجتمع والشارع الإسرائيلي، مع العلم أن الشاباك وإسرائيل كقيادة تدرك أن الضابطيْن مختطفيْن لكنها تكتمت على ذلك وجاء البرنامج ليؤكد وجود أسيرين لدى جهات غير معلومة”.
والرسالة الثانية التي يحملها “ما خفي أعظم” من وجهة نظر حبيب، هي للأسرى الذين بها باتوا يدركون أن أكثر من جهة تُصرّ على فك أسرهم وتأييدهم والعمل على وقف الجرائم المرتكبة بحقهم، خاصة بعد مناشداتهم الأخيرة للقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف بالإسراع في إطلاق سراحهم.
ويعتبر حبيب أن الرسالة الثانية هي الأهم فيما عرضته الحلقة، بالإضافة إلى رسالة ثالثة للمقاومة الفلسطينية بأنّ جهات أخرى قد تكون عربية تساندها في هذا الملف.
وهناك رسالة رابعة هي للمجتمع الإسرائيلي مفادها أن قيادته تكذب عليه ولا تقول الحقيقة، وأن الجنود المأسورين لدى المقاومة ليسوا وحدهم المفقودين وإنما هناك أخرين تحاول “إسرائيل” التكتم عليهم.
لذلك يجزم المختص الأمني بأنّ الحلقة شكلت صدمة كبيرة لـ”إسرائيل” لم تفق منها رغم مرور ساعات على عرض الحلقة.
ويلتقي مع حبيب المختص بالشأن الإسرائيلي والسياسي عمر جعارة، ويقول: “إن العديد من القنوات العبرية كالقناة الـ12 والـ13 التي نتابعها كثيرًا لم تتطرق لما أعلن في البرنامج، وهو ما يعكس صدمة وإحراج سببه ما تم إعلانه في الحلقة”.
ويضيف في حديثة لوكالة “صفا” أنّ هناك تأثير لما تم الإعلان عنه في ملف الأسرى، موضحًا أنّ هذا التأثير مرهون بثلاثة عوامل “أولها ماهية شخصيتي الضابطين المختطفين ووزنهما، والثاني الأرض أو الدولة التي وقعه فيها الحدث، والثالث أنّ “إسرائيل” تتعامل مع دولة وليس منظمات في هذا الملف، وهو ما برز في صفقات التبادل الماضية التي جاءت برعاية دولية”.
ويوضح أكثر حول العامل الأول بالقول: “إذا كان الضابطان مهمان ومن رجال الموساد أو الشاباك أو يمتلكان معلومات حساسة لدى إسرائيل فسيحرك هذا إسرائيل نحو الملف، والعكس إذا لم يكن كذلك فقد تتبجح وتماطل كما تفعل اليوم في ملف الصفقة الثانية”.
ونقلت حلقة “الطريق إلى الحرية” تسجيلات حصرية لأسرى تعرضوا للقمع والتعذيب، ووضعوا في زنازين انفرادية وتم ضربهم وشتمهم.
وفي تسجيل حصري نقل أحد الأسرى تفاصيل ما جرى، ومما ذكره الضرب المبرح والتنكيل والإذلال والإهانة، وكان شعار السجانين “اكسر.. لا يوجد قانون”.
لذلك يعتبر جعارة أن الحلقة أرسلت رسائل للقيادة السياسية الفلسطينية ولفصائل المقاومة فيما يتعلق بملف الأسرى، مبينًا أن ما تم عرضه من جرائم وتعذيب وانتهاك لحقوق الأسرى يضع حملًا على القيادة السياسية وفصائل المقاومة.
ويفسّر “القيادة السياسية لا تفعل شيئًا بل إنّ الجانب الإسرائيلي لا يعتبرها شريكًا للسلام، والدليل أنه وعلى مدار 11 عامًا أحجمت قيادة إسرائيل عن اللقاء بالرئيس محمود عباس”.
أما فصائل المقاومة “فهي تفعل ما بوسعها لكنه غير كاف، ونتحدث هنا عن إنجاز صفقات التبادل والمقدرة على أسر المزيد من الجنود والإسراع في إتمام الصفقات بما يتناسب مع عذابات الأسرى وتعلقهم بها”، برأي جعارة.
ويتابع “قضية الأسرى هي من أطول التجارب الانتقالية في تاريخ حركات التحرر في القرنين العشرين والواحد والعشرين، وملف التبادل يشهد تباطؤًا يطيل العمر الاعتقالي للأسرى، في وقت يحتاج فيه هذا الملف للمزيد من الإنجازات”.
لذلك يعيد جعارة التأكيد على أن تحريك ما تم إعلانه في “ما خفي أعظم” لملف الأسرى مرهون بالعوامل المذكورة خاصة الأول والثاني.
ولم تصدر “إسرائيل” أي إشارة أو إعلان حتى اللحظة بشأن المخطوفين الاثنين منذ عرض حلقة “ما خفي أعظم”.
ويقول المحلل السياسي حسن عبدو: “إن الحلقة كشفت عن شيء مهم هو أن الفصائل وسعت دائرة عملها خارج فلسطين، وأن هناك لدى المقاومة أسرى في مناطق غير معروفة؛ مما يعني وجود تطور في ملف الأسرى على صعيد جغرافيا الصراع”.
ويلتقي مع حبيب في القول بوجود رسالة بإصرار المقاومة الفلسطينية على الإفراج عن الحركة الأسيرة من سجون الاحتلال، وأن هذا الملف يأخذ الأولوية في ملفاتها.
ويوضح عبدو أنّ الحلقة “كشفت عن نهج جديد وقدرات تمتلكها وهذا عامل مهم في قضية الأسرى”.
وعن تأثيرها في ملف صفقة التبادل يعتقد كل من عبدو وحبيب أنّه من الصعب الربط بين الضابطين المختطفين والأسرى الجنود لدى المقاومة بغزة، لأنّه لا يوجد معلومات واضحة حتى الأن فيما يتعلق بالجهة والمكان الذي تمت فيه عملية الاختطاف.
ويستطرد حبيب “كل شيء وارد لكن لا يوجد هناك إعلان واضح حول ملف الضابطين”، فيما يقول عبدو “لا زلنا في البداية ولا أعتقد بوجود ما يثبت أن حركة حماس هي التي تقف وراء خطف الضابطين في ظل عدم وجود معلومات كافية تربط بين الملفين”.
لكن عبدو يجزم بأنّ “حماس لديها الاستعداد الكامل لإتمام صفقة وفاء الأحراء الثانية إلا أن الاحتلال يماطل وهذا ما قد يدقع المقاومة وأطراف أخرى لخطف المزيد من الجنود أو الشخصيات الإسرائيلية الأمنية سواء داخل أو خارج جغرافيا فلسطين”.

شاهد أيضاً

الشيخ الرشيدي:”متمسكون بخيار المقاومة والبندقية، سبيلًا وحيدًا لاستكمال تحرير الأرض والمقدسات”

أكَّد نائب الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان الشيخ خضر الرشيدي: “أننا، كوننا لبنانيين، لا …