في مثل هذا اليوم سنة 2020 عندما كان العالم يمر بمرحلة “الخوف والأمن من الأختطاف”

د/رمزي السلطان ✏️📜

كان كل الخوف من ذلك العدوا الغير مرئي، وكنت حينها ولا زلت للآن أقدم الخدمة الإنسانية في ذلك المشفى، ليس لأني منتسباً للجيش الأبيض العالمي، إذ أصبح الخوف هو مصدر العدوى للبشرية وقتذآك، وكان يجد الإنسان كل الأعراض الصادرة من منظمة الصحة العالمية قد ظهرت عليه، فيذهب إلى تلك المستشفيات التي أخطأت في بداية الأمر بعدم تخصيص حجر صحي للمصابين، إذ هي التي استقبلت ضحايا الإنسان نفسه، هذا إن لم يكن له صلة بصنع الفيروس التاجي، في الحقيقة لقد عجز من صناعة ملايين بل مليارات اللقاحات ضد كوفيد-19 .
يحاول الكثير من عباقرة العالم بأن يثبتوا للكائن البشري براءة الطفولة، أقصد التهمة في منشأ ومختبر هذا الفيروس الذي شكل خطر الخوف والأمن من الأختطافات!
لقد كان كل سكان العالم سجناء في منازلهم، إذ أصبحت الشوارع خالية من المارة ماعدا اليمن، وكنت ضمن فريق الجيش الأبيض الذي تخلت عنه كل القطاعات الخاصة والعامة المحلية والدولية.
في هذا اليوم بالتحديد (عشية) الواحد والثلاثين من تشرين الأول للعام المنصرم؛ لم أُصاب آنذاك بعدوى جائحة كورونا على الرغم من مخالطتي للمرضى والمواطنين في أراض تهامة اليمن الشماء، وكنت أذهب صباح كل يوم الى مستشفى عبس، أذهب إلى هناك لأني عاهدت نفسي وعاهدت الله بأن أخدم هذا المجتمع اليمني، أبتسم في وجه الجيل المحروم من أبسط حقوقه الإنسانية!
لم تصيبني عدوى كورونا آنذاك والحمدلله لكن في ذلك اليوم داهمني أمرٌ آخر ألا وهو”اختطافي”
كان الجو حار، وشمس العصر في عبس تبدو كأنها شديدة الانتقام حرصاً على إصابة السكان بالعائل المسبب للعدوى_الخوف
خرجت إلى دوامي كالمعتاد وتركت صغيري عزام وعزمي يجهشون بالبكاء، قلت لهما سأعود لكني ذلك الأب الذي اعتاد مرافقة ولده كل عصر،
ما من يومٍ إلا ورافقني إلى مقر عملي_منظمة أطباء بلا حدود-عبس، يبحث عن مفتاح سيارتي الزرقاوية، أمشِ بهدوء،ثُمَّ أعود به للبيت فور اطمنانه أني سأكون هنا، وليس في أي مكانٍ آخر..
في عشية هذا اليوم بالذات من العام الماضي وبنفس هذه اللحظات تركته يبكي! بينما هناك من ينتظر خروجي بغية مرافقتي إلى ذلك السجن، لا أدري أين بالضبط لكنه في وطني الأصيل!!
– أنت رمزي سلطان
– نعم أي خدمات؟
ظل سؤالي طريقه، واتبعت نسمات ذلك الليل.
انتصفنا الطريق وقال أحدهم بالنيابة عنهم:
– لا شيء لكننا هم نفس الأشخاص الذين سألنا عنك طفلك الذي خر باكياً وامراءتك قائمة في محرابها لأداء صلاة ظهيرة الأمس، لقد تبين لنا أنك غير موجود بمنزلك، لذلك اتبعناك حتى هذه اللحظة من عام الخوف العالمي..
أربعة وخمسون يوماً، قضيتها وأهم ما أريد أن أقوله
هو أنني لا أتذكر فيها كيف كان يحيك لي المجتمع كل أساليب المكر والخداع، حتى أني عانيت من فيروس الخذلان الذي مصدره ومستودعه الرئيسي: المقربين والأصدقاء.!!
قمة الوجع أن تكون بحاجة إلى رؤية أحدهم لكن الخذلان سيد المواقف.
لا يهمني الأمر لكن طوال 54يوماً كان لا علاقة لي بما حملته على عاتقي من مصيبة التهم، وبالرغم من أني كنت مثقلٌ بآخر لحظة فارقت فيها طفلي عزام وعزمي إلا أنني تمنيت لو وافقته ومسحت على خديه وخرج معي في عشية تلك الليلة المشؤومة ، كنت ناوٍ للذهاب إلى شراء القات، إذ كنت قد خرجت للتو من مقر عملي في ذلك المكان الذي أرى فيه المرضى وأتذكر أن مصير الإنسان حفنة تراب!
تمنيت لو أخذت حبيبي (عزام وعزمي ) معي لكني تركتهما وخرجت..
ولو كان حاضر اللحظة لكان هو الشبل المحامي والطبيب المداوي لألم اللحظة ذاتها وليست الذكرى، كان سيربتُ على كتفي قلبي الذي ظل ينبض بسرعة الفوتون الضوئي كلما فتحت عيناي على ذلك الظلام الدامس!!
لا أدري ما الذي جعل أولئك المتبعون لخطى شخصي البريء والمسجون ظلماً وعدواناً أنهم أصابوا صغيري بتلك النظرة الخاطفة وذلك السؤال الغريب عني مع أن الكل يعرفني أين أعمل وأين أكون..
وبالمناسبة هنا وهناك في كل مجتمع تعرفت منه على أشخاص ما كان ظني من أنهم سيكونوا حاملي الإشاعة التي أصابتني لدرجة سجني ، ماظننت أني سأتذكر كل من تفوه بكلمة ضدي تبعاً لمختبر القضايا الجنائية التي تمتزج بساسة القبلية والقبيلة ناهيك عن تدني المدنية والمناطق القروية..
وأخيراً !.
علمتني الايام: أن سرعة انتشار أي سلبية تُحاك ضد أي شخصية يمنية قد تكون عادة حديثة لكنها من ظواهر المجتمع الذي ينهك نفسه بنفسه وتعتبر بالنسبة لي؛ درسٌ سيتجدد كل عام وأعرف فيها الصاحب والقريب ثم الغريب والحبيب ثم الإنابة إلى الله الحق سبحانه وتعالى…مع التضرع بالدعاء على كل ظالم وخائن ..والتبرئ من كل صديق مزيف يظهر صدق حبه ويبطن حقده وعداوته !.

تقبلوا خالص تحياتي القلبية محملة بباقة حب وتواضع وبراءة طفولة وطمأنينة دولية ثم الخوف كل الخوف من الأختطافات_من لم يزور السجن أنصحه بالزيارة لأن العدوا غير مرئي والظاهرة لا زالت تنتظر دورة الأيام ..

2021/10/31
د/رمزي السلطان ✏️📜

شاهد أيضاً

هذا ليس أنا

🌹موقع مجلة كواليس إعداد زهراء🌹 هذا ليس أنا و تلك لَمْ تكُن طبيعتي في يوم …