ونتابع ألجزء الثالث والأخير من موضوع : ألحضور اليهودي والإسلامي في أوروبا ٠٠ وأخذ العبر ٠٠٠

بقلم المهندس عدنان خليفة

وكنا قد توقفنا عند خسارة تركيا الحرب العالمية الأولى وانسحابها من باقي دول البلقان وكذلك ومن الدول العربية التي خضعت بعدها للإنتداب الفرنسي والبريطاني ٠٠٠
وأصبح العرب بدءاً من التتريك ووصولاً إلى الحرب العالمية الأولى والثانية خارج المسرح الأوروبي والعالمي كحضور وحضارة ٠٠٠
بعد هذة المقدمة نعود إلى الحضور اليهودي ألذي خضع إلى ما يشبه الأساطير ٠٠ بدءاً من الغيتوهات أو التجمعات السكنية ألمنفصلة عن المجتمعات هناك التي أسسوها للمحافظة على تفردهم وخصوصيتهم وممارسة طقوسهم والتي كانت مُستفزة للشعوب هناك ومَحطّ تَهكم ٠٠ وكذلك كان أحياناً يُفرض عليهم نظام العزل الإجتماعي مع حصار لتمييزهم السلبي عن المجتمعات ٠٠ وفي نفس الوقت شاركوا في تحالفات دينية وفكرية مع الإصلاحيين الأوروبيين ٠٠ وكم تعرضوا أو شاركوا بمؤامرات وتصفيات وإمتيازات ضاعت بين نظرية المؤامرة الكونية من قبلهم او عليهم ٠٠ ثم إنخراطهم في الأفكار الفلسفية والعلمية والسياسية و أحياناً عبر أخذهم دوراً ريادياً ثم ليعاد ويصوب على شيطنتهم ٠٠٠
وكان ملفتاً ومكلفاً انخراطهم في الثورة البلشفية فكرياً وسياسياً ولوجستياً ٠٠٠
وقد كان لهم بصمات في معظم ألعلوم الحديثة والفلسفات الأوروببة والأمريكية والكثير من الصداقات والعداوات ٠٠٠
وفي أوآخر القرن التاسع عشر ظهر إلى العلن بروتوكولات حكماء صهيون في روسيا القيصرية وقبلها أفكار ومشاريع نٌسبت إلى الماسونية وتحكي عن طموح يهودي للسيطرة على العالم والتي لم يتم تأكيدها أو نفيها وبقيت بين الحقيقة والخيال وضمن حلقات أو صراع الأنظمة والمخابرات الدولية ونظريات المؤامرة ٠٠ و تُركت الأمور بين مُصدّق أو مُكذّب وما تخلل ذلك من مجازر على اليهود وأحياناً كان يقال بأنهم هم من تسبب بها ٠٠٠
وما جرى في الحرب العالمية الثانية من إتهامات متبادلة لكل الأعراق وخاصة اليهود ثم من جرائم ضد الإنسانية وتصفيات وإغتصابات على الجبهتين ما يندى له العقل والجبين ٠٠٠
وانتصر محور الحلفاء أي أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا (حلفاء اليهود) ٠٠ وهزيمة المحور الألماني والإيطالي والياباني والتركي والإسلامي والعربي الذي خسر كل شيء مع المهزومين ٠٠٠
وكان بنتيجته تكريس الدولة اليهودية في فلسطين وتعزيز دورهم عالميا بسبب تعاطف العالم مع حجم تصفية أكثر من نصفهم في الصراعات العرقية ٠٠ وكذلك مشاركتهم الفعالة في الإنتصار وفي إختراع القنبلة النووية الأمريكية التي حسمت الحرب ٠٠٠
بالنتيجة و بعد صبر اليهود وتعرضهم لمجازر وإن كانوا متهمين مُرتكِبين او مظلومين ٠٠ فهم كانوا يمتلكون قوة فرضت نفسها على سياسة وتعاطف العالم ٠٠ مما عزز نجاحهم وفرض حضورهم ٠٠٠
والعرب المسلمون ما زالوا يفتشون عن جنس الملائكة ويسكنون التاريخ ويتخبطون بالإجتهادات وبالنَّص ويُنكّلون ببعضهم وبأبنائهم دينيا ومذهبيا وعشائرياً وسياسيا وإجتماعيا٠٠٠
لذلك ومع بداية القرن العشرين بدأ التسلل العربي والإسلامي الإفرادي إلى اوروبا ٠٠ ثم كان الهروب الجماعي ألكبير لشبابنا وأحرارنا ونُخبنا إلى الغرب وبالملايين بعد الحرب العالمية وخاصة بعد تحرير بلادنا واستئثار الأنظمة الإستبدادية الحزبية او المذهبية بالسلطة وفي المجتمع وبالمكاسب وإستعداء وإضطهاد أصحاب الرأي والإختلاف !!! ٠٠
وهروباً من البطش والفقر وجدوا في أوروبا المنقذ والحضن الرحب وفرص الحياة و أبسط مقومات المعيشة والعلم والإنتاج والطبابة والإحترام ما لم توفرها لهم دولهم او دينهم او مذاهبهم في أوطانهم !!!
وأصبح العرب المسلمون ( الفئة الفتية ) يمثلون اليوم ما يقارب 2% من الشعوب الأوروبية ٠٠٠
ولحِق بهم بعدها جهابذة المذاهب والأنظمة والأحزاب والماورائيات والتنظير للتنغيص عليهم هناك ٠٠ ومعهم جوقة منابر وإعلام مسبقة الدفع وفرق التراشق والإتهام المتبادل بالمؤامرات والإرتهانات ٠٠٠
والخوف اليوم من أن يسببوا لهم كما حصل مع اليهود هناك أيام القرون الوسطى من حصار وعقوبات وممارسات أو ردّات فعل سلبية عرقية ٠٠٠
وبالمقارنة ٠٠
اليهود عندما تعرضوا أو أرتكبوا كانوا يستندون إلى تعاطف أو إنقسام دولي حولهم ديني وإجتماعي وفكري ٠٠ وأساساً هم كانوا جزءاً فاعلاً ومتجذّراً ومؤثّراً في الحضور والقرار وفي صنعه ٠٠ ويرتكزون إلى قوة مالية وعلمية وتنظيمية تاريخية وحضور جعل الغرب يعاني منهم ويحتاجهم ٠٠ ويكاد لا يستغني عنهم ٠٠٠
أين منهم عرب اليوم في أوروبا لا بل وداخل دولهم ٠٠٠
والعرب يستوردون اليوم كل مقومات الحياة والرفاهية حتى والنَفَس ٠٠ وزعماء البلاد والمذاهب في شرقنا يتمتعون ويستمتعون بإختراعات الغرب وعلومه ورفاهيته ودولاراته ويصورون للعامة شيطنتها ويطلبون من الرعيّة الإكتفاء بالدعاء والصلوات وبالرقية للعلاج ٠٠٠
ويريد اليوم هؤلاء الذين نصَّبوا أنفسهم وكلاء وأوصياء أو أدعياء بإسم الله أن يصدّروا إلى أوروبا مذاهبهم ونماذجهم وصراعاتهم القبلية وإقتتالهم على السماء ٠٠٠
وشرقنا يعيش اليوم ما يشبه محاكم التفتيش وإن بطريقة مبطّنة وغير معلنة وكأنه يتحين الفرص ٠٠٠
وهناك من يحاول تصديرها الى أوروبا التي أصلاً عانت ويكفيها ما عانت من هذة الهرطقات في مسيحيتها أيام القرون الوسطى وثارت عليها منتصرة لمصلحة العِلمانية والعلوم ٠٠ وكان لهم ديمقراطيتهم وتفوقهم ٠٠٠
ودول اللسانيات ودروس القواعد والصرف والنحو تفاخر اليوم بأنها تمتلك المواد الأولية في العقيدة والأديان والموارد الطبيعية والشِعر والبلاغة ٠٠ كمن يتكنّى أو يتباهى بشعرات بنت خالته ٠٠ أو جدّي أقوى من جدّك !!!…
مهلاً ٠٠ أليس الأهم اولاً الوصول إلى سن الرشد والبلوغ ؟!.
ودعوا البلاغة لأهل الإختصاص ٠٠ فالعقيدة ليست قصيدة ولا مصيدة !!!..
ألم تقرأوا الإمام علي سيد البلاغة حين قال : إعمل لدنياك كإنك تعيش أبدا ولآخرتك كإنك تموت غدا ٠٠ ( إنه التوازن وإعطاء كل حقل حقه ) ٠٠ وكل أقواله وحِكمه ٠٠ أو مدرسته التصحيحية في مقاربة النَّص والفكر الإنساني الإسلامي العاقل ٠٠٠
وكفى هرطقة وثرثرة ٠٠ ومن يعجبه النموذج الطالباني أو الداعشي أو الزرادشتي أو القبلي أو غيره فليذهب هو إليه ٠٠ ومن يستعجل الذهاب إلى الله فليتكل ٠٠٠
فأصبحنا بثرثرتكم نستحق الشفقة ونشحذ الرغيف والجنسية والإنتماء حتى للأعداء ٠٠٠
وإلى كل متنمّر ومنظّر ومسفسط على الشاشات ووسائل التواصل وخاصة في الماورائيات وكأنه يحاول وبتبجّح أن يستنبط ما كان يريد الله أن يقوله أو يقصده ٠٠ وكأن الرب أستودعه السر الإلهي وحصرية الترجمة !!!..
والعالم اليوم يحتاج إلى نماذج أنظمة ودول ناجحة ومؤسسات دينية ومجتمعية قدوة ٠٠ ومقدرات علمية إنتاجية وإختراعات ملموسة تراها وتستعملها ٠٠ وإلى حوار يستند إلى العقل والعلم وليس الى كتب تاريخ مشكوك بمصداقية أكثرها أو محاضرات في الإستظهار العربي !!..
ويقول أحدهم : إن الله سخّر الغرب ليخدم المسلين !!! ٠٠ وكذلك نساء الأرض والسماء لمتعته !!..
وهو يعرف بأن الحور العين هنا وهناك يغرمن بالحواريين الخَلوقين المُحبين الإنسانيين وليس بالقتلة أو الحاقدين ٠٠٠
وهو يعلم أنه وحتى حول العين لن يرغبن به ٠٠٠
يا جهبذ عصرك !!!
ويا سبع البرمبة والفياغرا !!!..
كم يحتاج الكون والفكر على الأرض وفي السماء لصمت أمثالك ٠٠
وأن تحترم العقل والدين والعلوم والآخرين ٠٠٠
منذ 2500 سنة قال سقراط لتلميذه ليختبر ثقافته ووعيه وأخلاقه :
تكلم حتى أراك ٠٠٠
ونحن نقول لك اليوم :
أعقِل وتَقدَّم حتى نراك ٠٠٠

 

شاهد أيضاً

*وزير لبناني سابق في حديث لِوكالة مهر:*

  ماجرى بعد السابع من أكتوبر حرٌك الضمير والصحوة الإنسانية العالمية  أكد الوزير اللبناني …