بين العَلمانية والعِلمانية ٠٠٠

 

وتعددت التفسيرات ٠٠ هو مصطلح من أكثر التعابير شيوعاً وتأويلاً وتطوراً منذ إنطلاقته مع الحضارة الإغريقية ٠٠ والذي عبَّر يومها عن إعتراض الفلاسفة على ما نُسِب من أساطير إلى الآلهه وإستثمارها من القادة والبشر٠٠ عندما كانت تعتبر السلطة والحاكم هما إمتداد إلهي ومقدس ٠٠٠
والعلمانية كما شرحتها الفلسفة الأبيقورية ( منذ 2300 عام تقريباً ) كانت تطالب بفصل الحُكم عن الدين ولم تقصد إنكار الآلهه ٠٠٠
وتقلّب المصطلح ٠٠ وعاد وظهر بقوة في التداول – مع تباينات في المدلول – عند بدايات عصر النهضة الأوروبية وفي خِضم الصراع بين الفكر والعلم من جهة ضد الكنيسة (محاكم التفتيش ) وسلطة الكهنوت ومنها اليعقوبية في بريطانيا والتي كانت تعتبر ان سلطة الملك مستمدة من الله والكنيسة ٠٠٠
وتراوح القصد من إستعمال هذا التعريف بين حركات إصلاحية تهدف إلى فصل الدين عن الدولة وإعتبارها سلطة زمنية وغير مقدسة ٠٠ وكذلك منهم من طالب بتحرير المجتمع من سلطة وتسلط رجال الدين ٠٠ وعند آخرين تَعَنْوَنَ هذا المصطلح كمذهب رافض للدين والماورائيات كما سوّق له أحد الفلاسفة الإنكليز ( جورج هوليوك 1850م ) مع تبني تفسير secularism وتفسيرها wordly – أي عالمي أو مذهب دنيوي عالماني – وضد الأديان وخاصة الدين الإسلامي لما له من خصوصية أكثر من غيره في ربط الدين بالسلوك الإنساني والإجتماعي اليومي للفرد ٠٠٠
وترسخ هذا التعريف في اذهان العرب المسلمين إلى اليوم ٠٠٠
وفي فترات لاحقة تم تحوير اللفظ عند أكثرهم لتصبح كلمة عِلماني هي المتداولة ٠٠٠
ومصطلح عِلماني هو مشتق من عِلم ٠٠ وهنا أصبح المعنى أي العِلم هو المتهم ومن ورائة العقل ٠٠ وأخذ رجال الدين التصويب على هذا الفكر وحمّلوه إلتباساً بمعنى الكفر والإلحاد ٠٠٠
ولم يتبرع أحدهم ليشرح أو يَفصٍل بين هذين التعبيرين لتبيان الفرق ٠٠ وكأنه راق لهم هذا التعميم وربما عن قصد ٠٠ وافتعلوا جبهة وأعلنوا حرباً أين منها داحس والغبراء ٠٠٠
وللتذكير ٠٠ إن أول من إستعمل هذا المصطلح أو دوّنه في شرقنا كان سايروس بن المقفع ( كاهن وكاتب قبطي بالعربية) في كتابه مصباح العقل في القرن العاشر الميلادي حيث كتب : أما المصريون فرأوا أن يكون الأسقف بالإسكندرية بتولاً لم يتزوج في حالة عَلمانيته ( أي عندما كان عَلمانياً وقبل أن يصبح كهنوتياً ) والعَلمانية هنا كانت تعني لا كهنوتي وليس لا ديني او ملحد ٠٠٠
ويستعمل هذا المصطلح اليوم في الكتابات وعلى المنابر وتتداوله ألسنة العامة ( مع بعض الخداع ) ربما عن جهل او بقصد للإتهام والتصويب على العلم والمثقفين والعقل ٠٠٠
والعِلمانية – كما تدل – تعني الإيمان بالعِلم ونتاجه وبالعقل وليس بالعاطفة والماورئيات أو الترغيب والترهيب أو الثواب والعقاب كما تُسوِق عقيدة معظم المذاهب الدينية ٠٠٠
ولم يخلو التاريخ الإسلامي من مدارس فكرية تدعو إلى الإيمان الواعي بالله وبعيداً عن الأساطير والخرافات وعبر العقل والمنطق والعِلم كإبن رشد والفارابي وابن سينا وغيرهم ٠٠٠
وما زالت المحاولات مستمرة ٠٠
وقد سبقهم الى ذلك سيد البلاغة الإمام علي قائلا :
ربي ما عبَدتٌك خوفاً من نارِك ولا طمعاً في جنّتِك بل وجدتُك أهلاً للعبادة فعَبَدتُك ٠٠٠
بقلم المهندس عدنان خليفة

شاهد أيضاً

٧ فوائد مهملة في المطبخ لن ترميها بعد اليوم.. يخلصك من الشعر الأبيض ويوقف الشد العضلي ويسكن الألم!!

٧ فوائد مهملة في المطبخ لن ترميها بعد اليوم.. يخلصك من الشعر الأبيض ويوقف الشد …