رأس بيروت..

جمهورية بحرية مصغرة (٢/١)!!!
“الريفييرا” و”الحمام العسكري”

زياد سامي عيتاني*

الجهة السفلية من “رأس بيروت”، إلى الشمال من محلة “الروشة” وصخرتها الدهرية، تكونت “جمهورية بحرية” قائمة بذاتها، رسم حدودها عبر الزمن البعيد صيادو ميناء المنارة، وطورها فيما بعد، نشوء الفنادق والمسابح والمقاهي، فضلاً عن مدينة الملاهي، لتأخذ تلك الجمهورية الإفتراضية وظيفة وهوية سياحية كاملة متكاملة، ذات صلة بكونها منطقة بحرية شاطئية بإمتياز، حيث تجمع بين الصيد، والسباحة، والتمتع بالشمس، والرياضات والمسابقات البحرية، والترفيه والتأمل “بالأزرق الكبير”، خصوصاً وقت غروب الشمس…


فهذه “الجمهورية” التي تمتد من فندق ومسبح “الريفييرا”، مروراً “بالمسبح العسكري” وميناء المنارة، وصولاً إلى “قهوة شاتيلاً ومدينة الملاهي، وإنتهاءاً بمسبحي “اللونغ بيتش” و السبورتنغ”، تحكي قصة الماضي والحاضر، سيما وهي جزء من تراث المدينة وذاكرتها البحرية…
فالموج هناك يصافح الصخور من دون كلل، وتخضّب ملوحة البحر النسيم العليل، والهدوء سمة التأمل، لذلك فإن هذه البقعة المغطاة بشمس بيروت بكل رأفة ومودة تعانق الحاضر بالماضي، فلا يمكن المرء أن يقترب منها إلا وأن تنشط ذاكرته بأوقات قضاها هناك عبر مراحل متابعة من الزمن الذي لم يشيخ ولم يتعب…
****
•مسبح “الريفييرا”:
مسبح “الريفييرا” هو إمتداد بحري للفندق الذي يحمل إسمه، إلا أن الفندق شيد قبل المسبح بحوالي ١٢ سنة، حيث أن فندق “ريفييرا” أنشئ عام ١٩٥٦ عند منطقة جل البحر التي تشكل حدود منطقتي عين المريسة ورأس بيروت، وسمي بهذا الأسم تيمنناً بالشاطئ الفرنسي “ريفييرا”، وذلك على عادة كثير من التسميات على أطلقت على الفنادق والمسابح، في فترة الإنفتاح على الغرب مع بدء مرحلة الإنتداب الفرنسي. ثم حصل مالك الفندق على تصريح لتطوير وإستثمار الشاطئ المواجه للفندق في عام 1968، ليصبح مسبحاً خاصاً للفندق ورواده والمشتركين، يتم الوصول إليه من خلال نفق تحت الأرض يربط الفندق بمسبحه.
صحيح أنه في الماضي كانت شهرة الفندق تفوق شهرة المسبح نفسه، على إعتبار أنه كان مخصصاً فقط لنزلاء الفندق وعدد محدود من المشتركين، إلا أنه وبعد توفق فترة الحرب، أعيد تأهيل الفندق وتجديده، وإفتتاحه من جديد عام ١٩٩٣، (رغم أنه لم تلحق به أي أضرار من جراء الأعمال العسكرية)، الإ أن إدارة الفندق والمسبح إستفادت من التعديل على القانون رقم 4810 والذي ينطبق على الأملاك الملاصقة للبحر ويسمح بإستغلال الملك العام، فعمدت إلى إدخال توسيعات وتغييرات جذرية في المسبح، بعدما أنشأت ميناءاً خاصاً لليخوت السياحية على مساحة عشرة آلاف متر مربع، قادرة على إستيعاب إرساء حوالي أربعين يختاً، فتح عام ١٩٩٦.
ومع هذه التجديدات على المسبح بدأ يأخذ وجهة مختلفة عن الماضي، حيث بات مقصداً لفئة الميسورين من رواد السباحة ومحبي ركوب اليخوت وومارسي الرياضات البحرية، ومنها التزلج المائي…
****
•”المسبح العسكري”:
“الحمام العسكري” أو “المسبح العسكري” كان مركزاً عسكرياً صغيراً ورثه الجيش اللبناني من الفرنسيين بعد الاستقلال (1943) وبقي على الحال الذي كان عليها فترة طويلة.
فقد أنشأ الجيش الفرنسي النادي العسكري المركزي خلال الانتداب الفرنسي تحت اسم الحمام العسكري. وبموجب مذكرة خدمة صدرت بتاريخ 21 أيار 1975 ارتبط النادي العسكري المركزي بقيادة الجيش، وإداريا بمقر عام منطقة بيروت، وعدلت بحيث أصبح إرتباط النادي بقيادة الجيش – اركان الجيش للعديد – جهاز ادارة النوادي، وإداريا بمقر عام منطقة بيروت.
وقد تمدد النادي العسكري شيئاً فشيئاً حتى بات يحتل أكبر مساحة،
ومع كلّ توسعة له كاننت تتقلص مساحة الصيادوين ومساحة السبّاحين بالقرب منه، حتى لم يبق لهم أكثر من ميناء صغير صدر ترخيصه بمرسوم جمهوري في أواخر التسعينيات.
وبذلك، بات الحمام العسكري الأكثر تمدداً، خصوصاً وأنه مبني فوق البحر وليس على مقربة من الشاطىء، وتفوق نسبة الإستثمار السطحي فيه أكثر من 15%، ويضم “شاليهات” و”كابينات” وأحواض سباحة، ونوادي رياضية ومطاعم ومقاصف، فضلاً عن جناح خاص لقائد الجيش، علماً أن “المسبح العسكري” مخصص لضباط القوى المسلحة وعائلاتهم، دون العامة، إلا إذا إستثنينا ذووي المستويات العلمية والإجتماعية…
****
-يتبع: “السبورتنغ”.
*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.

شاهد أيضاً

سلسلة ثقافة الأدب الشعبي وثيقة إحياء الأصالة عن تراث (ج /٣٣)

الباحث الثقافي وليد الدبس الأدب الشعبي و صفر دائرة الثقاقة السياسية _ تعتبر الثقافة صفر …