مسابح عين المريسة جعلت منها ريفاً بحرياً على طرف بيروت (٢/٢)

 

زياد سامي عيتاني*

نستكمل في الجزء الثاني من هذه المعالجة التوثيقية إلقاء الضوء التذكيري على المسابح التي نشأت على إمتداد شاطئ عين المريسة:


*مسبح “الجمل”:
عندما تحولت الأملاك البحرية للواجهة البحرية لمنطقة عين المريسة التي تحيط مرفأ صياديها إلى أملاك خاصة، أنشأ جميل الجمل عام ١٩٢٩ أول مسبح خاص مجاور لميناء الصيادين، وبالقرب من عين الماء العذب (الحلوة)، التي كنيت منطقة دار المريسة بها، وصارت تعرف بعين المريسة، وما زالت، رغم أنها إدارياً ما زالت مسجلة دار المريسة.
وقد أسمي المسبح الجديد النشأة على إسه “حمام الجمل”، وضم إليه مقهاً خشبياً صغيراً، عرف أيضاً “بمقهى الجمل”، وفي وقت لاحق أنشأ غرف خشبية “كابينات” مخصصة لتغيير ملابس الزبائن، فضلاً عن الإستحمام بمياه العين المجاورة.
وكانت تمارس في “حمام الجمل” مختلف رياضات السباحة البحرية التي كانت معروفة في حينه، إضافة إلى ركوب القوارب و”الحسكات”، كما أن أبناء المنطقة كانوا ينظمون حفلات لرياضة كمال الأجسام والجمباز، ويستعرضون مهاراتهم وقوتهم البدنية، خصوصاً وأن أغلبهم تعلق بمختلف الألعاب الرياضية وتمرسوا بها، وكان من بينهم أبطال بارزين…
****
•مسبح “النورماندي”:
حتى العام ١٩٧٣، لم تكن عين المريسة منطقة مفصولة عن البحر كحالها راهنا. فقد كانت واجهتها تتكوّن من مرسى طبيعيّ، وشاطئ صخريّ تكثر فيه عيون المياه العذباء، وجامع عين المريسة، وبعض البيوت القرميدية التي تميزت بقناطرها، ومسبح “النورماندي” الذي كان وجهة أساسية لسكّان بيروت.
فقد أنشأ إبن عين المريسة وأحد وجهائها إبراهيم خليل غندور(توفي في حادث أثناء وجوده في لندن سنة ١٩٥٦)، مسبح “النورماندي” بالشراكة مع عادل فاخوري، لكنه وعاد ليستثمره منفرداً في وقت لاحق.
وتميز مسبح “النورماندي”، عدا أنه مخصص للسباحة والتشمس، بوجود أعداد من القوارب و”الحسكات” والزوارق الشراعية، التي كانت ترص على الشاطئ بشكل ملفت يجذب الناظرين، والمخصصة للإيجار بهدف التنزه، حيث كانت ركابها يجوبون الشاطئ الممتد من عين المريسة وصولاً إلى مشارف مرفأ بيروت، ذهاباً وإياباً، حيث كان أجار “الحسكة” لمدة ساعة بنصف ليرة، ومن لا يملك ثمن إستئجار قارب أو “حسكة” كان يستعين ب” شنبريار” دولاب شاحنة منفوخ بالهواء للجلوس بداخله في عرض البحر.
يذكر أيضاً أن شباب عين المريسة كانوا يتبارون فيما بينهم في مسبح “النورماندي” بالقفز من اليابسة الى البحر بشكل عروض “أكروباتية”، للفت الأنظار وللإستحواذ على الإعجاب.
يشار أخيراً إلى أن غندور، خصص يوماً في الأسبوع يكون رواد المسبح حصراً للنساء، وذلك منعاً لأي مضايقات من الممكن أن تواجهم، وذلك نزولاً عند رغبة وجهاء المنطقة والنافذين فيها الحريصين على التقاليد الإجتماعية، ومنها الحشمة و”السترة”.
ورغم العز الذي شهده المسبح طيلة سنوات طويلة، إلا أنه ومع البدء بتنفيذ وصلة الكورنيش، تمت أزالته، شأنه شان مسبح “الجمل”، ليزال معهما أيضاً معلمين تاريخيين من معالم عين المريسة هما عين المياه ومرفأ الصيادين، ليستمر ميناء “الفاخورة” مركزاً لتجمع الصيادين، ما زال قائماً رغم كل التغييرات التي أحدثت فيه على مراحل متلاحقة، ممتداً تحت الكورنيش، كما بقيت أيضاً أملاكٌ عامّة بحريّة بمساحة ١٧١٠ أمتار مربّعة في الموقع الذي كان يشغله مسبح “النورماندي”، إلى أن صدر المرسوم  ٢٠٨٤ القاضي بـ”إسقاط فضلة من الأملاك العمومية البحرية لحساب أملاك الدولة الخصوصيّة في منطقة عين المريسة العقارية”. واللافت في المرسوم، أن المساحة الشاسعة بحجم ١٧١٠م٢ قد سميت  بـ”الفضلة”!!! ليبنى على جزء منها فيما بعد برج “الأحلام”(!)…
****
•مسبح “الجامعة الأميركية”:
حولت الجامعة الأميركية في بيروت جزءاً من الشاطئ الصخري (المحازي لشارع باريس)، الذي يتوسطه “عامود الطيران المدني”(شيد سنة ١٩٣٣ لإرشاد حركة الطيران، والذي يرتفع فوق غرفة حجرية، وفي أعلاه مصابيح ترسل إشارات ضوئية لسلامة الطيران) والمواجه لمدخلها لناحية الكورنيش إلى مسبح خاص بها، ليكون مخصصاً لأساتذتها وطلابها، يتم الوصول إليه بواسطة نفق تحت الأرض، يربط الجامعة بمسبحها.
وكان هذا المسبح الخاص جداً (!)، مقتصر العمل فيه لبضعة أشهر فقط، لأنه لم يكن يحتوي لا على مطعم ولا على مقهى، ولا حتى حوض سباحة “بيسين”، كما أنه لم تكن تقام فيه أي أنشطة رياضية أو ترفيهية، بل كان مخصصاً للسباحة وحمام الشمس.
فكانت إدارة الجامعة تعمد قبل بدء موسم الصيف إلى تركيب “شوادر” قماشية مثبتة على مستطيلات حديدية على إمتداد الكورنيش المحاذي للمسبح، لحجب رؤية المسبح ورواده عن المارة على الكورنيش، منعاً لأي إزعاج أو تطفل.
ومع إنتهاء فصل الصيف، تزال “الشوادر”، ليتحول المسبح إلى مساحة خالية فارغة، مع الإبقاء على حظر النزول إليها، بما في ذلك لصيادي “القصبة”، الذين كانوا في ذلك الحين ينتشرون على طول صخور الشط…
****
*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.

شاهد أيضاً

ايسكريم الاوريو..❤️🍧

  #الطبقه الاولى علبة قشطه + ظرفين دريم ويب ونخلطهم ، نكسر ٤ اكياس اوريو …