ما بين الانسان العادي والغير عادي

 

الكاتبة ريف سليمان

منذ فترة تعرفت على رجل وسيم أحببت مواصفاته بغرض الزواج ، كنت أعتقد أن شهادة الماجستير و جمالي و موقعي في عملي كفيلين أن اربح تلك الصفقة ، لكن هو كان لديه أولويات أخرى …
بدأ يسألني عن هواياتي ! هل تشاهدي الأفلام ؟ لا ، هل تسافري ؟ لا ، هل تقرأي؟ لا ، هل صعدت جبل ؟ لا ، ماذا تعملي في وقت الفراغ إذا ؟
سكتت لبرهة وقال أنت إنسانة عادية ، سأكون مهتم أكثر لو كنت غير عادية ، نزلت تلك الكلمات مثل الصاعقة على رأسي ، كذا سنة قضيتها تحت تلة من الكتب ادرس و في النهاية أحصل على لقب عادية!؟
عدت للمنزل وأذكر أني لم أنم ، في الصباح حجزت طائرة إلى أوروبا وتنقلت بين عدة دول ، بعد عودتي فكرت بالإتصال به لكن قلت هذا لا يكفي لأصبح غير عادية ، لابد أن أقرأ ، إعتزلت البيت و قرأت العشرات من كتب الفلسفة و التاريخ و الإجتماع ، بعد أن إنتهيت قلت هذا لا يكفي ، أمضيت شهرا كاملا في مشاهدة أهم الأفلام ، وعندما إنتهيت قلت هذا لا يكفي ، تعلمت ركوب الخيل و الموسيقى و التصميم والتصوير وقمت بالعديد من الهوايات الخطرة ، وعندما إنتهيت قلت هذا لا يكفي ، علي أن أصعد لقمّة جبل ، وبعد رحلة شاقة لمدة اسبوعين ، وصلت للقمة ، مددت ذراعي ورفعت رأسي ، شعرت حينها أن هذا يكفي…
لكني فجأة لم أعد أرغب بالعودة له ، لقد أصبحت إنسانة غير عادية وأصبح هو عادي…الذي علمني أن لا أكون عادية.
الانسان قبل التجربة لا يمكن ان يتساوى مرة اخرى مع نفسه بعد التجربة .. التجارب تغيرك شئت او ابيت ..
يعتقد المرء بأن توأم الروح هو الشخص الأنسب له ، وهذا ما يريده الجميع. ولكن توأم الروح الحقيقي ليس سوى مرآة ، إنه الشخص الذي يريك كل ما يعيقك ، الشخص الذي يلفت إنتباهك إلى نفسك لكي تغير حياتك ، توأم الروح الحقيقي هو أهم شخص تلتقي به على الأرجح ، لأنه يمزق جدرانك ويهزك بقوة لكي تستفيق ، ولكن أن تعيش مع توأم روحك إلى الأبد ؟ كلا ، هذا مؤلم جدا ، فتوائم الروح يدخلون حياتك فقط ليكشفوا لك طبقة أخرى من ذاتك ثم يرحلون ، غير أن مشكلتك تكمن في أنك لا تسمح لتوأم روحك بالرحيل.

شاهد أيضاً

الموضوع في القراءة النقدّيّة عند ياسين النصيِّر قراءةٌ في كتاب الأب بالتبني

الاديب إبراهيم رسول الصفةُ التي تتصفُ بها كلّ الإصدارات النقدّيّة للناقدِ ياسين النصيِّر أنّها صفةُ …