مشاريع الوزراء الذين اقترحهم الحريري.. ما صفاتهم؟

ما الذي كان سيختلف في هذه التشكيلة الحكومية عن حكومة الرئيس حسان دياب؟

في التشكيلة الوزارية التي قدّمها الرئيس المكلف سعد الحريري، قبل اعتذاره، أسماء عديدة مستقلّة أو حتى تقف على مسافة من الأحزاب والتيارات الحاكمة. العديد من تلك الأسماء التي كانت “مشاريع وزراء”، تأسف لما آلت إليه الأوضاع في البلاد. وتتلقّى هذه الأسماء والشخصيات نقداً مكثفاً، محقاً في أحيان كثيرة، لكونها كانت مستعدّة للمشاركة في حكومة تديرها أحزاب المنظومة التي ساقت اللبنانيين إلى مذبح الانهيار، والأزمات المتنقّلة من الدواء على المحروقات والكهرباء وسعر صرف الدولار والخدمات الاجتماعية والواقع السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي ككلّ. هو نقد وانتقاد، لا ينبع في معظم الأحيان من منطلقات شخصية، إلا في حالات نادرة متروكة لهواة خوض المعارك الشخصية. لكن ما الذي كان سيختلف في هذه التشكيلة الحكومية عن حكومة الرئيس حسان دياب؟ دكاترة ومتخصصين مستقلّين، مرؤوسين من قبل السلطة الحاكمة وزعاماتها. اخترنا اسمين معروفين كمثال عن صورة تلك الحكومة التي ماتت قبل أن تولد.

فاديا كيوان
فاديا كيوان، تحمل دكتوراه دولة في العلوم السياسية من جامعة السوربون، ومؤسسة ومديرة سابقة لمعهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف. هي اليوم تشغل منصب المدير العام لمنظمة المرأة العربية. سيرتها الأكاديمية واسعة، وكذلك خبرتها في مجالات القانون والسياسية. تقول في اتصال مع “المدن” إنّ الاتصال غير المباشر بها تمّ “في كانون الأول 2019، نقل أحد الأنسباء رسالة من فخامة الرئيس ميشال عون تفيد بأنه يطرح اسمي للتوزير، وحينها قلت مشكورين جداً لكن في ظرف مماثل لا اعتقد أني قادرة على تقديم شيء”. وأضافت أنّ الرئيس الحريري تواصل معها في كانون الأول 2020، “وكان يضع تشكيلة وزارية من متخصصين ومن شخصيات تقف على مسافة من الأحزاب المتصارعة”. طرح الحريري على كيوان الموضوع، “وكان جوابي حينها أنّ التفاهم يجب أن يتمّ مع رئيس الجمهورية وأنه يجب إبعاد الحكومة عن الصراعات والنزاعات، وعلى الأرجح الرئيس الحريري استند إلى تشكيلة كان وضعها الرئيس عون واختار اسمي منها”. وخلال التواصل مع الحريري، اقترح الأخير عليها تولّي حقيبتي الثقافة والإعلام، وأعربت عن نيّتها تسلّم حقيبة التربية “وأكدت على وجوب أن تتركنا القوى السياسية نشتغل في الحكومة”. طرح الحريري تشكيلته، رفضها الرئيس عون، واستمرّت العرقلة في ملف تشكيل الحكومة. ثم تلقّت كيوان اتصالاً من أحد المقرّبين من الرئيس الحريري “وأبلغني أنّ توزيع الحقائب تبدّل وأنّ اسمي بات مطروحاً لوزارة الخارجية والمغتربين”.

أسماء وحكومة
بمعنى أو بآخر، تؤكد كيوان على أنّ أولوياتها، كمواطنة وكمسؤولة وكمتابعة هي إنقاذ البلد والمساهمة في هذه المهمة، من خلال منصب وزاري أو من دونه: “الموضوع ليس بالأسماء، اسمي لم أرثه”. هي حريصة على سيرتها وعلى مسيرتها وحتى على اسمها. “وقد طرحت مراراً استبعاد اسمي عن التشكيلة في حال كان يشكّل عائقاً أمام عملية التشكيل”. تقول إنه في موضوع الحكومة “الخلاف مزدوج، هو خلاف شخصي بين الرئيس الحريري والوزير جبران باسيل، وخلاف سياسي من خلال التشابك بالصلاحيات والجرح القديم على مستوى هذه الصلاحيات”. تضيف كيوان أنها “اليوم زعلانة، ليس لأني لم أوزّر، بل لأني مجروحة وكل اللبنانيين مجروحين، نريد حكومة تضع خطة للخروج من الأزمة وثمة حاجة إلى من يتحمّل المسؤولية”. ليس الوقت، على ما تقول، لطرح أزمة لبنان على المستوى الإقليمي ولا الوقت لتعديل دستوري، بل لاستعادة دور لبنان وموقعه وحلّ أزمته.

ناصر ياسين
ناصر ياسين، أستاذ السياسات والتخطيط في ​الجامعة الأميركية​ في ​بيروت​ ومشرف على مرصد ​الأزمة. تم الاتصال به لتولي حقيبة وزارية في خريف 2020 “في تشكيلة الـ18 وحكومة المهمّة بناءً على المبادرة الفرنسية التي نالت دعم المجتمع الدولي للخروج من أزماته”. يقول ياسين لـ”المدن” إنّ هذه المبادرة كانت تشكّل مدخلاً للحلول. ومن هذا المنطلق تمّ التفتيش عن اختصاصيين وتكنوقراط لتولّي المسؤوليات. يشير إلى أنهّ “في كل شيء ثمة مخاطر، وطبعاً أنا على يقين بأنه لا يمكن إسقاط هذه المنظومة بالضربة القاضية بل من خلال سياسة القضم، فيمكن تشكيل فريق يعمل على إيجاد الحلول”. يضيف أنه “بعد 17 تشرين، وصولاً إلى جريمة 4 آب، لست مقتنعاً بأنّ المجموعات قادرة على طرح بديل أو أن تنتج مشروعاً جدياً، المجموعات غارقة بقضاياها وخلافاتها الداخلية”.

شؤون اجتماعية.. والبيئة
طُرح على ياسين أولاً تولّي وزارة الشؤون الاجتماعية، “وفيها أحمل ملفين أساسيين هما المساعدات والحماية الاجتماعية، إضافة إلى ملف اللاجئين السوريين”. لكن بعدها عُرض عليه تولّي وزارة البيئة. لماذا قبل؟ لأنه ببساطة “لو بدأنا في معالجة الأزمة في أيلول الماضي بالشكل اللازم وفي مختلف القطاعات لما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم، ولكنّا في واقع أفضل بالتأكيد”. لماذا يشارك السلطة في حكومة اختصاصيين؟ “المخاطر كبيرة جداً لكن يجب أن نحاول. وكثر وجّهوا لي الملاحظات والنقد”. يضيف أنّ “الوزارة بتخسّرني أكثر مما تربحني. على المستوى المعيشي بطلع أفقر”، إذ يضطر إلى ترك وظيفته في التدريس وفي الاستشارات لتولّي المنصب. لكن هذا لم يحصل أيضاً.

معظم الأسماء الأخرى تتشابه سيرتهم وكفاءتهم مع كيوان وياسين. لكن، مرة أخرى تتأكد المعضلة أنها ليست في إيجاد كفاءات واختصاصيين وذوي نوايا حسنة، بل في استعادة الدولة من مصادرينها، واستعادة النظام الديموقراطي من معطّليه.

شاهد أيضاً

تصريح سعادة الدكتور علي عبيد الظاهري، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى جمهورية اليونان بمناسبة الشارقة ضيف شرف على معرض سالونيك الدولي للكتاب

تجسيداً  لروح التواصل العالمي أعرب سعادة الدكتور علي عبيد الظاهري، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة …