هذا هو حال وطني من يعينني على إستعادته 

جمال حسن


“لم يعد الموت مرعباً في وطني.. لأن الحياة أصبحت أشد رعباً بكثير، وطالت المسرحية ومات المشاهدون ولم ينتهي
العرض بعد!.. فصدور الأبطال تمتلئ بالرصاص، وبطون الخونة والناهبين والعملاء تمتلئ بالمال.. واللص عندما يكبر يصبح مسؤول”. وهنا يوصي منظر السياسة الأمريكية هنري كيسنجر الحكام بأن “سيطروا على النفط وسيسيطرون على الأمم .. سيطروا على الغذاء وستسيطرون على الناس، وإن التاريخ ذاكرة الأمم ومعمل التجارب البشرية، يحفل بمعادلات النجاح لمن يحسن صياغته”. لهذا نرى أن حكامنا وبدلاً من التوجه نحو شعوبها لتكون سنداً وحصناً منيعاً وداعماً أساسياً لحكمهم على أساس الدستور والمشاركة والعدالة والمساواة، يتجهون نحو القوى الكبرى والاستعمارية لضمان عروشها بالدفع لهم مما يتم نهبه وسرقته من المال العام ومن لقمة المواطن المفروض على أمره. ففي هذا المضمار تكمن أسباب هرولة وهلع الأنظمة الديكتاتورية المقيتة الجاثمة على صدورنا نحو ابتياع المزيد المزيد من أسلحة الخردة لمصانع السلاح العالمية التابعة للقوى السلطوية ضماناً لبقائها في سدة الحكم وكلام الرئيس الأمريكي السابق في خطابه لسلمان ليس ببعيد عنا. الرئيس الأمريكي السابق ترامب “قلت للعاهل السعودي الملك سلمان إنه لن يبقى في السلطة أسبوعين بدون دعم الجيش الأمريكي.. نحن نحمي عروشكم، لذا عليكم أن تدفعوا لنا أن أردتم البقاء في السلطة”. ما يعني بعد السلطة الحاكمة بشكل مريب عن الشعب وعدم وعيها من أنه “إذا كنت لا تعرف أين تريد أن تذهب فكل طريق سيذهب بك إلى لا شيء” – كيسنجر. فقد اكدت دراسة للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية “IISS” بلندن، أن “الانفاق العسكري للسعودية تجاوز 720 مليار دولار خلال السنوات الخمسة الماضية بعد مجيئ سلمان ونجله للسلطة، وأن الولايات المتحدة الأمريكية هي المورد الرئيس للسلاح الى السعودية، خاصة بعد تولي دونالد ترامب الرئاسة في يناير 2017”. كما تستورد السعودية الأسلحة من 22 دولة تضم امريكا، بريطانيا، فرنسا، إسبانيا، كندا، ألمانيا، ايطاليا، سويسرا، الصين، تركيا، بلجيكا، بلغاريا، جورجيا، هولندا، صربيا، جنوب إفريقيا، النمسا، فنلندا، روسيا، سلوفاكيا، كوريا الجنوبية، والسويد. فالكل في وطني يبكي على الوطن لكن لا أحد يزرع في رصيفه وردة، ويعيش الفرد أحلامه في اذهانه ويموت قبل أن يحقق حتى حلماً واحداً لنفسه، حيث القمع والكبت مطبقان عليه من كل صوب حتى بات الموت يضحك لنا ونستقبله بأحضانٍ راضية لتبكي علينا الحياة حسرة وندماً. وتمتلك السعودية الغنية بالنفط احتياطيات من النقد الأجنبي تتجاوز 500 مليار دولار، وتعد أكبر مصدر للنفط في العالم، إلا أنها الأكثر فقراً على مستوى الدول الخليجية، إذ بلغت نسبته نحو 25%، بحسب إحصاءات غير رسمية، في حين بلغت نسبة البطالة بين السعوديين حوالي 20% وفقاً لبيانات حكومية – وفق مجلة “فوربس” الأمريكية. اما صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية فقد قدرت في تقرير لها بأن نسبة الفقر في السعودية تصل الى حوالي25%، ومعدلات البطالة في تزايد مستمر مع تدني الوضع الاقتصادي في بلد الذهب الأسود، مشيرة الى أن أكثر من أربعة ملايين سعودي يعيشون على أقل من 530 دولارا شهريا أي (17 دولارا يوميا)، وأن الحكومة تخفي نسب الفقر”. وتزامناً مع هذا اعلن تقرير اقتصادي لـ “جمعية الملك خالد” الخيرية، خط الكفاية في السعودية للأسرة المكونة من سبعة أفراد، بنحو 12486 ريالاً (نحو 3323 دولارا) في الشهر، وما دون ذلك يدخل تحت خط الفقر. في الوقت ذاته حذّر البنك الدولي المملكة من خطورة ارتفاع نسب الفقر في السنوات المقبلة. أما تقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات فقد اشارت الى أن نسبة الفقر في السعودية تبلغ 12.7 % من إجمالي عدد السكان السعوديين.. ونظام الضمان الاجتماعي يمنح المستفيد منه مبلغ 862 ريالاً شهرياً تعادل 230 دولاراً شهرياً (7,7 دولارات يومياً)، ومستويات المعيشة في السعودية تفوق المستويات السائدة في معظم دول العالم الفقيرة. “الباعة الشرفاء في وطني مستهدفون، فيما باعة الوطن بالأمن والترف ينعمون.. ودعاة العدالة في السجون يقبعون أو تحت التراب مندثرون، فيما الجناة على العرش يتراقصون.. المساواة تتهم بالعنصرية والحرية بالتعصب، فيما الاستبداد يغتصب المصطلحات ويستنفر الكلمات بكل حرية دون مضايقات.. ويموت كل من يستحق الحياة على يد من لا يستحقها..!”. وكشفت بيانات الهيئة العامة للإحصاء عن ارتفاع معدّل التضخم بالمملكة العربية السعودية عند 5.3% خلال شهر أبريل 2021، على أساس شهري؛ وسجل الرقم القياسي لتكاليف المعيشة ارتفاعا الى 103.90 نقاط خلال أبريل 2021، مقارنةً بـ 98.71 نقطة خلال نفس الفترة من العام 2020. وأظهرت النتائج وفقاً لتقديرات مسح القوى العاملة الذي تجريه الهيئة بشكل ربع سنوي للهيئة العامة السعودية للإحصاء (GASTAT)، أن نسبة البطالة بين الذكور السعوديين 12.9% في الربع الأول من عام 2021، وبين السعوديات 24.4% خلال الربع الأول من العام الجاري، فيما تشير تقارير السوق الى أن نسبة البطالة بين الشباب السعودي تفوق بكثير ما هو معلن رسمياً. وخلال نظرته الى مستقبل المملكة يقول كيسنجر “إن السعودية مملكة عربية إسلامية تقليدية.. وانها ملكية قبلية، وثيوقراطية إسلامية.. وهذا الأمر سوف لا يستقيم لفترة طويلة، وستعصف بها الأحداث من كل صوب وحدب”، وهنا تكمن مخاوفنا من تجزئة بلاد الحجاز وفق الرؤية الصهيومسيحية الحاكمة على قرار الإدارة الأمريكية، وربما سنشهد في القريب العاجل ما حصل ويحصل في كل من سوريا والعراق. من هنا اتوجه لكل حجازي وطني شريف بأن نضع أيدينا في بعضها البعض للنهوض بمستقبل البلاد والشعب والأخذ به الى ساحل البر والأمان، قبل أن يقيم الطامعين بثروتنا وأرضنا وذخائرها مشاريعهم وخططهم الجهنمية.. وما يحدث اليوم في المهرة اليمنية والعمانية هو إنذار لكل انسان حر. ودعونا نعتبر من التاريخ فهو منجم زاخر بالحكمة وقد نجد فيها المفاتيح الذهبية لمشاكل حاضرنا.. لنعتبر من الفرقة والشقاق الحراب والتكفير ومصاديقها التي تتفشى في الشارع السعودي بدءاً بمناهجنا الدراسية وحتى دعايات الانفتاح الخداعي المنحرف المقزز النفاقي العاهر، ومروراً بفتاوى وعاظ العرش التي هي رسم رغبة الملك وبلاطه. لنقوم مع بعضنا البعض باستعادة وطننا بتشكيل حركة للإنقاذ الوطني (National Salvation) وتعبئة كل مواردنا وطاقاتنا وجهودنا من أجل إنقاذ الوطن الذي يغرق في أزماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، تلك التي تستهدفنا جميعاً دون إستثناء وخطرها محدق بنا. لنكون سداً منيعاً أمام السفهاء والمجرمين والطامعين الذين يحاولون خرق سفينة الوطن عبثا وفسادا واجراما لإشباع أطماعهم ونواياهم الشيطانية، ومن يصمت ولا يفكر بذلك فهو لا يعقل ولا يفقه ولا يبصر الحقيقة حيث إنقاذ الوطن مسئولية الجميع ومن يُغرِق سفينة الوطن سيُغرق بإذن الله في وحل العار والذل.

شاهد أيضاً

*النهار: رفض “ناعم” من “الثنائي” للورقة الفرنسية*

  وطنية – كتبت صحيفة “النهار”: على وقع التطورات الشديدة التوهج والتضارب والتسارع المتصلة برفح …