إيطاليا تستذكر قضاة سقطوا لتحقيق العدالة

وطنية – روما – طلال خريس: تستذكر إيطاليا اليوم، القاضيين جيوفاني فالكوني وباولو بورسيلينو وعددا من رجال القانون اغتالتهم المافيا قبل 29 عاما. وتنظم البلديات والمجتمع المدني لقاءات جماهيرية للمناسبة.

وقال النقابي البارز أنسو بارتسيالي في مقابلة مع “الوكالة الوطنية للاعلام”: “للنقابات العمالية والبلديات، كما للجامعات، دور أساسي في التوعية وخصوصا البلديات فهي من تدير المدارس حيث يبدأ العمل التوعوي. وتتضمن البرامج المدرسية مواد خاصة عن خطورة المافيا في المجتمع. وما نشهده اليوم من مشاركة جماهيرية، يدل إلى وعي السكان وإرادتهم القوية لمكافحة المافيا والجريمة”.

ويذكر “الفاجعة الجريمة التي أدت إلى مقتل القضاة” وقال: “يوم 23 أيار 1992، انفجر 1000 كيلوغرام من متفجرات تي.ان.تي. تحت أوتوستراد كاباتشي، وهي مدينة قرب عاصمة باليرمو في صقلية. هذا الانفجار أدى إلى مقتل قضاة رموز حاربوا على مدى سنين طويلة فسادا كبيرا هم القاضي جيوفاني فالكوني وزوجته القاضية فرانشيسكا مورفيل، وثلاثة من حراسه الشخصيين انتونيو مونتيناريو وروكو ديشيلو وفيتو سكيفاني. كرس فالكوني حياته لمحاربة المافيا، وكان يعرف دائما أنه سيموت بسبب حملته القوية عليهم، وفي النهاية حدث ذلك بالفعل، ففي 23 أيار 1992 اغتيل بسيارة مفخخة وهو أحد أهم المدعين في إيطاليا في وضح النهار من المافيا الصقلية. هذا بعد فترة طويلة من رئاسته للمحاكمة التاريخية ضد المافيا، وخلال تلك التجربة وعلى فترة طويلة من حياته المليئة بالكفاح، حارب فالكوني المافيا بكل قوته وكان دائما على يقين بأن مثل هذا المسعى الخطير الذي يسلكه سيكلفه حياته”.

أضاف: “في تموز 1992، اغتيل القاضي باولو بورسيلينو بانفجار سيارة ملغومة في باليرمو بعد أقل من شهرين على اغتيال فالكوني. عاش معظم حياته بطريقة غير سهلة، إذ كان تحت الحراسة الشديدة وكان مكتبه في سرداب محصن تحت الأرض. كل تحركاته كانت مخططة ومدروسة مسبقا من حراسه، وحياته كانت دائما في خطر، لدرجة أنه اتفق ومنذ البداية مع زوجته بعدم الإنجاب لأنه كان يعلم نهايته ولم يعتقد بأن العالم في حاجة الى مزيد من اليتامى. حتى حراسه صرحوا للاعلام بأنهم مؤمنون بقضيته جدا الى الدرجة التي جعلتهم يتأهبون للموت وبأي لحظة معه”.

وتابع: “فترة الثمانينات في ايطاليا وخصوصا في صقلية، كانت فترة الجثث الممتازة، وهذه الجثث تنتمي لشخصيات سياسية وقانونية وعسكرية مهمة ساهمت في إنهاء الفساد، ولا سيما الوقوف ضد المافيا. في العام 1983، اغتيل القاضي روكو شينيشي، وهو رئيس فالكوني في العمل. وفي العام 1982 اغتيل الجنرال الإيطالي كارلو البيرتو دالا كييسا، وفي العام عينه، اغتيل القائد الشيوعي بيو لا توري الذي أسس قانونا مهما في الدستور الإيطالي يجرم المافيا ويعطي الدولة الحق بأن تستولي على ممتلكات المافيا وأراضيها. وهناك ضحية مهمة للمافيا كان بييرسانتي ماتاريلا، شقيق الرئيس الحالي لإيطاليا سيرجيو ماتاريلا. المافيا بدأت حملة إرهابية لتخيف بها الدولة الإيطالية ولتحرص على رضوخ الحكومة لرغباتها، ولكن هنا أتى الدور الحقيقي لفالكوني. فبعد اغتيال صديقه ورئيسه وزميله شينيشي، بدأ فالكوني حربا حقيقية ليتصدى للمافيا التي اعتادت أن تنال رغباتها عبر التخويف والعنف والقتل والانتقام وسفك الدماء”.

وختم بارتسيالي: “التحقيقات التي قام بها هؤلاء القضاة الأبطال لم تذهب هدرا، بل أدت إلى توجيه ضربة مميتة للمافيا، أنهاها تقريبا في إيطاليا”. 

شاهد أيضاً

نبوءة الغراب بزوال الكيان

احمد الشريف  قبل فترة ليست بطويلة من حدوث عملية طوفان الأقصى يوم 7أكتوبر من العام …