فلسفة الحُلم في لوحة بابلو بيكاسو

بقلم الدكتورة بهية احمد الطشم

لقد بلغ الاغراء مبلغاً كبيراً في استثارة قلمي وحثّ عقلي للابحار في لُجج البهاء المنبثقة من حنايا هذه اللوحة (لأحد ابرز عمالقة الرسم عبر ارهاصات العصور) بغاية اكتشاف معالم الجمال في خطوطها وألوانها.

• 

تحضر المرأة كشجرة مغروسة على ضفة نهر الابداع في أبرز لوحات بيكاسو ,الذي لم يتوانَ عن قطاف ثمارها اليانعة في هندسة خطوطه وألوانه البارعة. 

فعالم المرأة هو عالم الالهام المنسكب تحت ريشة الفنان ,حيث لا انقضاء لعالم السّحر المفعم بجمّ الأسرار في العلاقة الوطيدة بين ريشة بيكاسو والمرأة المُلهِمة لخلق أبهى وأهم اللوحات ابّان العصور.

لقد نامت ملكة اللوحة بعدما غَلبها النعاس على أريكة مزدانة بالألوان الدافئة (سيّما) اللونين  الاحمر والاصفر ,حيث انسدل شعرها الذهبي متغلغلاً قي ارجائها وبعلاقة حميمية بين اللونين لتُحاكي الألق الاستثنائي.

غفت المرأة الحالمة ,ولكن حلمها استيقظ بأقوى مونولوج ليجذب اللاوعي الى واجهة الوعي,اذ تحتضن جسدها وبنات أفكارها في آن.

وبموازاة سيرورة الحلم ,يعانق الطوق الملوّن جِيدَ المرأة الجميلة (وهي احدى النساء الملهمات  للرسام ), وينساب بحنين عارم على كتفها الملامس لرأسها (منبت أحلامها)….

وفي سِياق استقراء فلسفة ألوان اللوحة ,يعبّر اللون الابيض وهو سيّد الالوان واللغات في التعبير الأفصح  عن حنايا اللوحة عبر انسجام وتناغم المرأة الحالمة مع نفسها ومع حلمها الذي يراودها بانسيابية هادئة….

وكذلك يُضاهي لُدُن الازرق في وسط اللوحة عمق البحار بمنسوب الأسرار ,اذ كانت المرأة وما زالت بمثابة العالَم الذي تكتنفه الألغاز العديدة ….غالباً… وباعتراف ابرز علماء النفس سيّما مبتكرالتحليل النفسي سيغموند فرويد  الذي حكمَ  بأنّ المرأة لا تحكمها أصناف المعادلات الراسخة.

وضمن الاطار عينه,يلامس الأخضر عبَق التفاؤل والأمل في حقول الأحلام الوردية ,أمّا الورود البنيّة اللون والتي تزيّن الجدران ,فتتماهى مع لون الارض الخصبة مرتع الجمال والخير على حدٍ سواء.

اذاً….انتقلنا عبر ابعاد هذه اللوحة الى عالم بعيد الآفاق ,تدّوي فيه بروق السُطوع في الألوان الزاهية, فالمرأة الحالمة نجمة,الريشة مبدعة والألوان مُشرقة ,حيث التماس السنابل الخضراء هو شغف الرؤيا.

وتبقى متاحف بيكاسو المتنقلة (لوحاته)  ذات الأبعاد العالمية  منضوية على عالمٍ شاسع  من, مكامن الغموض حيث لن تنفك  عقولنا من الامعان في الاستقراء التحليلي لحناياها وابعادها.