في أجواء ليلة القدر

المرجع المجدّد السيد محمد حسين فضل الله 

إعداد وتنسيق د. علي رفعت مهدي


العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل لله (رض)
….. وفي هذه السورة المكية (سورة القدر)، حديثٌ عن إنزال القرآن في ليلة القدر الّتي هي من اللّيالي التي لا يستطيع أحدٌ أن يبلغ الدّرجة الحقيقيّة العميقة في تقدير عظمتها وقداستها، حتى إنَّ هذه اللّيلة الواحدة تفوق في فضلها ألف شهر، وتنفتح السّماء في أجوائها ليتنزّل الملائكة والرّوح، الموكلون بالمهمّات التي يكلّفهم الله بها من كلّ أمرٍ يتّصل بالحياة والإنسان، في ما يقدّره الله للنّاس في أرزاقهم وآجالهم وأحوالهم.
وهي ـ بعد ذلك ـ ليلة السّلام الذي يغمر الكون من خلال ألطاف الله وفيوضاته على عباده، والتي تستمرّ إلى مطلع الفجر.
ولكن، ما هو موقع هذه اللّيلة في الزمن؟
إنّ التّدقيق في الآيات التي تحدّثت عن نزول القرآن، يوحي بأنها من ليالي شهر رمضان، وذلك كما في قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}[البقرة: 185]، وقوله تعالى: {إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ* فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ* أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}[الدخان: 3ـ5] فإنّ الظاهر منها ـ بالمقارنة مع سورة القدر ـ أنّ المراد بها ليلة القدر.

وقد اختلفت الأحاديث في تحديدها، ولعلّ المشهور في أحاديث الإماميّة أنها ليلة ثلاث وعشرين، فقد جاء في رواية عبد الله بن بكير عن زرارة عن أحد الإمامين الباقر والصادق (ع) قال: ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة الجهني، وحديثه أنّه قال لرسول الله (ص): إن منزلي ناءٍ عن المدينة، فمرني بليلةٍ أدخل فيها، فأمره بليلة ثلاث وعشرين. وهناك رواية في «الدر المنثور» عن مالك والبيهقي بهذا المعنى، والمعروف عند علماء أهل السنّة، أنها ليلة سبعٍ وعشرين.
📖 تفسير من وحي القرآن، ج 24.

إعداد وتنسيق د. علي رفعت مهدي

شاهد أيضاً

بلياردو شرق أوسطي.. جدل الصفقة والهوس بالسنوار

يشتعل مجددا الجدال في الصحف الإسرائيلية بشأن أيهما الأولى تحرير الأسرى أم اجتياحرفح، فيما ركز جزء …