كتاب تقوى الصّوم

علي رفعت مهدي

من روائع الدرر والكتب التي حرَّرتها للسيِّد الاستاذ المرجع المجدِّد السيِّد محمّد حسين فضل الله: وقد عرّفت ُ عن الكتــــــــــاب بهذه المقدمة:


تقديم


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، وسلام على عباده الذين اصطفى برسالاته ورضوانه والتابعين لهم بإحسان الى يوم الدين وبعد …
بين ثنايا هذا الِّسفر التربويّ الانساني أسُسٌ عملَّيَّة لإسلامٍ حركيٍّ أصيل، دأب سماحة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، على تربية الجيل الاسلامي عليه منذ خمسين عاما، لتنطلق الحياة في آفاق الانسان روحية خالصة، استقت من معين النبوة الرسالية والامامة الهادية كل معاني التقوى الايمانية والتي شكلت زبدة التربية الانسانية الروحية والجسدية من خلال الصوم الذي شرعه الله تعالى ليكون سبيلا اليه، وزادا يحمله الانسان متقرباً بما فيه من عظات ودروس إلى دار الاسلام ناظراً لما قدمه لغده .
فلئن كان التقوى القصد من الصوم فإن ذلك يعني ان يكون للصائم زاد روحي يضاف إلى ما يحتاجه جسده من قوت يعزز صحته وبقاءه، في عمره فغذاء الروح عِلْمٌ حمله سماحة السيد منذ عشرات السنين وما زال _ وجاءت أسفاره الخالدة لتغني المكتبة الاسلامية عامة والعقول التقوائية خاصة، مستلهمة من رسالة النبي الأعظم والأئمة الهداة من أهل بيته اسمى ما يرفع النفس ويهذبها ويصقلها ويربيها وينميها، فإذا به ومن خلال شهر الله يفتح العقول والأرواح على مواقع الصفاء والنقاء مطلاً على معاني العدل والانصاف والتقوى والحق والباطل والغضب والانفعال وعناوين هذا الشهر المبارك الذي فرضه الله وآختصه من سائر الشهور كما جاء في الدعاء المأثور عن اهل البيت (ع): “اللهم وأنت جعلت من صفايا تلك الوظائف وخصائص تلك الفروض شهر رمضان الذي اختصصته من سائر الشهور وتخيرته من جميع الأزمنة والشهور وآثرته على كل أوقات السنة بما انزلت فيه من القرآن والنور وضاعفت فيه من الايمان ، وفرضت فيه من الصيام ورغبت فيه من القيام ، وأحللت فيه من ليلة القدر التي هي خير من الف شهر .( من دعاء الإمام زين العابدين (ع) في وداع شهر رمضان المبارك ) …
ان هذا البيان الرسالي نتاج يضاف ُ الى ما فاضت به قريحة سماحة المرجع السيد في أجواء شهر رمضان ،الاجواء التي انطلق فيها كل العاملين الباذلين في سبيل اسلام يفيض روحية يعطي للزمن حيويته وحرارته ، وللعبادة معناها وحركتها في الفكر وفي الحياة .
هذه المعاني الروحية التربوية هي ما استوحاه سماحته من لحظات هذا الشهر العظيم الذي اراده ان يستمر بايحاءاته وعطاءاته، لا ان يكون موسما كغيره من المواسم ، لأن الصيام فريضة فرضها الله تعالى حيث لخص علي امير المؤمنين هذه الفرائض بقوله : ” فرض الله الايمان تطهيرا من الشرك والصلاة تنزيها عن الكبر والزكاة تسبيبا للرزق، والصيام ابتلاء لاخلاص الخَلق، والحج تقربة للدين والجهاد عزاً للاسلام والامر بالمعروف مصلحة للعوام، والنهي عن المنكر ردعا ً للسفهاء، وصلة الرّحمِ منماةً للعدد، والقصاص حقنا للدماء وترك اللواط تكثيراً للنَّسل، والشهادة آستظهاراً على المجاحدات وترك الكذب تشريفا ً للصدق ، والسلام أماناً من المخاوف ، والأمانة نظاما ً للأمة ، والطاعة تعظيما ً للإمامة “… (نهاية الإرب ج 8 ص : 182).

جعلنا الله ممن يقيمون ويلتزمون الفرائض التي لخصها أمير المؤمنين علي ّ (ع) اساسا للحياة الإنسانية عامة والايمانية خاصة لنستلهم مما بينه سماحة السيد فضل الله دروبا تصل بنا الى الله تعالى عملًا بوحي الآية: [قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّه عَلَى بَصِيرَة أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّه وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ] لنبقى
مستقيمين في هذا الخط الرسالي ّ: [{ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }] ….
اللهم بصِّرنا بفرائضك واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه … والحمد لله رب العالمين .

العشرون من شهر شعبان 1423هــ 27 تشرين الأول 2002 م علي رفعت مهدي

شاهد أيضاً

الشارقة تتصدر المشهد اليوناني مع الاحتفاء بها ضيف شرف الدورة الـ20 من “معرض سالونيك الدولي للكتاب”

بدور القاسمي: لسنا مجرد ممثلين لدولنا ولكننا مسؤولون عن قصة إنسانية مشتركة ● عمدة مدينة …