لماذا لا تملك واشنطن خياراً غير العودة للاتفاق النوويّ؟

ناصر قنديل

– يتزامن في 22 أيار المقبل الموعد المعلن من إيرانللانتقال الى مرحلة تخصيب لليورانيوم على درجة 40%،مع مرور ثلاثة شهور على دخول الرئيس الأميركي جوبايدن الى البيت الأبيض، والزمن القياسي بالنسبة لمهمةبحجم الملف النووي الإيراني، من موقع إدارة أميركيةتدخل للتوّ الى موقع القرار وتمسك بعشرات الملفاتالدولية والداخلية الضاغطة والملحّة، وهذا يعني أنانعقاد اجتماع فيينا الذي يجري تحت عنوان وضع خريطةطريق لعودة واشنطن وطهران الى التزاماتهما بموجبالاتفاق النووي، تعبير عن سرعة استثنائية بمفهومالعلاقات الدولية، مع التزام مبدئي من الطرفين الأميركيوالإيراني بالاستعداد للعودة الى التزاماتهما، وخلافهماحول كيفية هذه العودة، كما قال المبعوث الأميركيالخاص للملف النووي، روبرت مالي، مع اعترافه بأنمناقشة القضايا الخلافية من خارج الاتفاق كقضيةالصواريخ البالستية الإيرانية والنزاعات الإقليمية، يجب أنتنتظر لما بعد العودة الى الاتفاق الأصلي. وهذا الاعترافالأميركي يزيل أول عقبة من طريق العودة للاتفاق.

– الواضح أن النقاش الدائر في فيينا لا يتصل بمبدأ العودةالأميركية عن العقوبات، ولا بمبدأ العودة الإيرانية عنتخفيض الالتزامات بموجبات الاتفاق، فمن الزاويةالقانونية المبدئية يشكل الاتفاق مقايضة بين التزامين،أميركي برفع العقوبات، وإيراني بقبول ضوابط للملفالنووي، ونحن اليوم أمام إعلان متبادل لترجمة هذاالاستعداد، تراجعت لأجله واشنطن عن دعوات سابقةللرئيس بايدن وفريقه تشترط للعودة إلى الاتفاق ورفعالعقوبات باتفاق آخر، يضمن مزيداً من الضوابط التقنية،ويمتد لزمن أطول، ويطال تفاهمات أشمل نحو ملفالصواريخ البالستية الإيرانية وملفات النزاع الإقليمي،وهذا أكبر تحول يفتح الباب للعودة إلى الاتفاق النووي،لأن ما تبقى يقوم على قاعدة سياسية تتصل برغبة وقدرةالفريقين الأميركي والإيراني بتسهيل المهمة على الشريكالآخر في الاتفاق. فواشنطن تطلب من طهران، كما قالمالي، مساعدتها على تسويق العودة للاتفاق أمام الداخلالأميركي، بينما تتمسك طهران بمعادلة قانونيّة قوامها، أنطهران خفضت التزاماتها رداً على الانسحاب الأميركي منالاتفاق، ولم تنسحب من الاتفاق، بل أبقت بنداً من بنودهيجيز هذا التخفيض مقابل إخلال الأطراف الأخرىبموجباتها، ولذلك تتشدد طهران باعتبار العودة الأميركيةإلى الاتفاق، وترجمتها بإلغاء كل العقوبات التي صدرتبناء على الانسحاب الأميركي، لتتم مطالبة إيران من قلبالاتفاق ووفقاً لبنوده بالعودة الى موجباتها.

– في فيينا تشكلت لجان من المشاركين الدوليين مع كلمن الفريقين الأميركي والإيراني نسختان من لجنتين،واحدة للالتزامات الإيرانية وواحدة للالتزامات الأميركية،لإنتاج تصوّر تفاوضيّ مع الوفد الإيراني في ملفي العودةللالتزامات والتراجع عن العقوبات، ومثله تصور تفاوضيمع الوفد الأميركي المقيم خارج قاعة الاجتماعات لملفيالعودة عن العقوبات والعودة للالتزامات، والبدء بمحاولةتقريب التصورين سعياً لمنطقة وسط، والمقصودبالمنطقة الوسط هو تحديداً، ما هو حجم العقوبات الذييمكن التفاهم مع واشنطن على رفعها قبل العودةالإيرانية إلى التزاماتها، مقابل ضمانة المشاركين الدوليينبأن إيران ستعود، وتقبله إيران للبدء بالخطوة الأولى فيالعودة إلى التزاماتها، وما هي المدة التي تطلبها واشنطنوتقبلها إيران لاستكمال إنهاء العقوبات، قبل أن تُقدمإيران على الخطوة الأخيرة في العودة إلى التزاماتها.

– الطريق الذي فتح في فيينا محكوم أميركياً باللاعودة،وباب النهاية الوحيد له هو العودة إلى الاتفاق بأقلالمخاطر والخسائر الممكنة، وفقاً لمعادلة قالها كل منوزير الخارجية الأميركية توني بلينكن ومستشار الأمنالقومي جايك سوليفان، ومضمونها السباق مع الزمنللعودة إلى الاتفاق قبل أن تمتلك إيران المقدرات اللازمةلإنتاج أول سلاح نوويّ، طالما هي خارج الاتفاق، والموعدالأميركيّ المرتقب لذلك هو نهاية شهر أيار.

البناء

شاهد أيضاً

داهمني. الكرى ..

بقلم فايز ابو عباس داهمني. الكرى .. والفكر يهيم ملتهما ما بقي من وعيي يتيم …