هل وزارة التّربية تظلم أبناءنا في الامتحانات ؟! ولماذا يدّعي بعض المدرّسين أنّ الوزارة ظلمتهم ؟!.

بقلم : أ. نبيل أحمد صافية*

ما من شكّ أنّ الامتحانات الموحّدة التي تجريها وزارة التّربية في سورية في مختلف الشّهادات التي تمنحها تسعى من خلالها لتكون هدفاً رئيساً لتقييم التّعليم في الوزارة ، ولتحديد المستقبل العلميّ والعمليّ لأبنائنا الطّلّاب عموماً ، وهي ترتبط بمواقف التّقويم والتّقدير فيها ، ومن هنا كان تحصيل الطّلّاب وما يتأثّر به من متغيّرات مجال بحث المختصّين في مجال علم النّفس التّربويّ وسواه من علوم نفسيّة وتربويّة ، ومن المعلوم أنّ الامتحانات تشكّل أحد الرّكائز الأساسيّة في التّربية ، والتي يتمّ من خلالها الكشف عن روائز العمل التّقويميّ في مجال الاختبارات التّقويميّة لأبنائنا الطّلّاب ، وإنّ الدّقّة في الأسئلة تعدّ من الأمور التي ينبغي مراعاتها لدى واضعي الأسئلة ، كي يتمكّن الطّلّاب من الإجابة على تلك الأسئلة بذات الدّقّة المطلوبة ، ويكون التّقويم لأدائهم ودراستهم دقيقاً أيضاً ، فهل تظلم الوزارة أبناءنا في ضوء ما سبق أثناء وضع الأسئلة أو مناقشة سلالم التّصحيح ؟ ، ولماذا يدّعي بعض المدرّسين أنّ الوزارة ظلمتهم ؟!..
سأسعى في مقالي الحالي الإجابة على السّؤالين السّابقين في ضوء الواقع التّربويّ ليس من منطلق الدّفاع عن الوزارة ولكن ليكون ما أذكره موضوعيّاً حياديّاً ، ولعلّ المتتبّع لأسئلة الامتحانات العامة الموحّدة التي تجريها وزارة التّربية يتبيّن أنّ الوزارة تكرّر أنماطاً محدّدة من الأسئلة كادت أن تكون متكرّرة ، وهي تقليديّة من حيث الشّكل أو المضمون في مختلف المواد ، وليس في مادة واحدة معيّنة ، وأستطيع أن أقول جازماً : كادت أن تكون متماثلة في كثير من أسلوبها ، وهذا يتكرّر في معظم الامتحانات ، وقَلَّ أن تتخلّى الوزارةُ عن أسلوبها أو تخرجَ عن إطار عملها ، وهنا لا أتحدّث عن مادة محدّدة ، وتعمد الوزارة عند وضع الأسئلة أن تتضمّن سؤالاً أو أكثر للطّلّاب المتميّزين ، وإن كانت في غالبها تُوضَع لمن كان في حدود الوسط أي تراعي مختلف المستويات والفروق الفرديّة بين الطّلّاب ، لأنّ هناك معايير محدّدة يتمّ العمل وفقها أثناء وضع الأسئلة ، وكذا الحال أثناء مناقشة السّلالم ، وهناك نماذج متعدّدة للأسئلة الامتحانيّة في بنك معلومات الامتحانات ، ولذلك فإنّ ادّعاء بعض المعلّمين أنّ الوزارة تسعى أن تظلم أبناءنا أو ( تضربهم في الامتحانات ) ، فهذا الكلام مردود على صاحبه ، ذلك أنّه يسعى _ من خلال كلامه _ أن يبيّن قوّة معلوماته وإيهام الطّلّاب أنّه أجاد العمل معهم أثناء تدريسهم ، لكنّ الوزارة ظلمتهم سواء في الأسئلة أم سلالم التّصحيح ، وقد غاب عن أذهان أولئك المعلّمين أنّ الوزارة تضع مجموعة من الخيارات الصّحيحة التي يمكن أن يكتبها الطّالب ليُمنَح الدّرجة المستحقّة للسّؤال ، وإن كان هناك بعض الأسئلة تكون إجاباتها محدّدة دون خيارات _ يمكن أن يذكرها الطّالب _ فيتمّ الالتزام بها ، علماً أنّ هناك أسئلة لها طريقة إجابة محدّدة وأسلوب تصحيح واحد لم يطرأ أيّ تغيير عليه من سنين طويلة خلت في مختلف المواد ، ولكنّ المعلّمين الذي لا يلتزمون بالتّصحيح ولا يمارسونه في المراكز المخصّصة لذلك في مختلف الامتحانات العامة تحت حججٍ وذرائعَ مختلفةٍ يقدّمونها ، فيدّعون أمام الطّلّاب أو أهلهم أنّ التّربية همّها ظلم الطّلّاب ( أو ضربهم ) _ كما يزعمون _ ، ولا يذكرون أنّهم قصّروا مع طلّابهم في الإعطاء ، ممّا جعل الأبناء يشعرون بالظّلم الذي كان مدرّسونهم سبباً فيه وليس الوزارة ، وهم الذين حمّلوا الوزارة ضعفهم وتقصيرهم لإبعاد الشّبهات عن أنفسهم .
ومن المعلوم أنّ الطّالب يكتب في الامتحانات ما يتمّ اكتسابه من خبراتٍ ومهاراتٍ قدّمها المعلّمون في العام الدّراسيّ بما أنّهم القدوة ، وكانت نتائجهم انعكاساً لما تمّ اكتسابه من تلك الخبرات والمهارات والعلوم والمعارف ، وانطلاقاً من ذلك فإنّ الوزارة لا تعمد لظلم أحد ، ولكن ينبغي على المعلّمين أن يعملوا لما فيه تحقيق النّتائج المتميّزة لأبنائنا بعد تحضيرهم الدّروس التي سيقدّمونها لطلّابهم ، ولكن هل هم يحضّرون دروسهم بالطّريقة الصّحيحة والمثاليّة ، وغالبهم يتأفّف من تلك المعاناة التي يعيشونها فيتمّ اللجوء للدّروس الخصوصيّة التي نأمل من الوزارة أن تعمل على تفعيل الملاحقة القضائيّة والمسلكيّة للمعلّمين المخالفين في المدارس العامة والخاصة والمعاهد ، وكذلك للمعلّمين الذين يخالفون التّعليمات الوزاريّة النّاظمة بإعطاء دروس في منازلهم أو في مكاتبَ يتم استئجارها لهذا الغرض _ وهي غير مرخّصة بطبيعة الحال _ .
وقد سبق أن أشرت في دراسة استراتيجيّة سابقة لتطوير وزارة التّربية عموماً وكان من ذلك الإشارة للامتحانات ، ووثّقتُ معايير التّطوير في الدّراسة التي بيّنت أهدافها وأهمّيّتها ، وكان عنوانها : ” آفاق تطوير وزارة التّربية في الجمهوريّة العربيّة السّوريّة ” ، الموجّهة لمقام رئاسة الوزراء والمحالة من رئاسة الوزراء للسّيّد وزير التّربية برقم 2025/ م . خ . ق تاريخ 8/8/2017 م ، وأتبعتُها بدراسة أخرى مسجّلة في رئاسة مجلس الوزراء برقم ( 2477م/خ/ق ) تاريخ 1/10 ، ومحالة لوزارة التّربية أيضاً ، وسجّلتُ الدّراساتِ التي قمتُ بإعدادها في مديرية حقوق المؤلّف والحماية الفكريّة أصولاً ضمن وزارة الثّقافة برقم 3911 لعام 2018 ، وجاء كتاب الشّكر من السّيّد وزير التّربية السّابق الأستاذ عماد العزب الذي وجّه تربية حماة للتّكريم برقم 2866م تاريخ 4/3/2019م والذي تمّ بتاريخ 14/3/2019م استناداً لما قدّمته من دراسة لرئاسة مجلس الوزراء حول تطوير وزارة التّربية ، وكانت دعوته الشّخصيّة لي لحضور مؤتمر التّطوير التّربويّ خلال الفترة 26 _ 28 من شهر أيلول لعام 2019م .
ونأمل من المعلّمين عموماً أن يعملوا لخير طلّابنا وأبنائنا بعيداً عن إثارة القلق في نفوسهم ونفوس ذويهم ، ولابدّ من تعزيز الاتّجاه الإيجابيّ من المؤسّسة التّعليميّة كي يكون الطَّالب أكثر تعلّقاً بها وبما يُقَدَّم من علومٍ ومعارفَ فيها ، وأن يتمّ ذلك من رياض الأطفال وانتهاء بمرحلة التّعليم الجامعيّ ، كما ينبغي الاستمرار في إعداد المناهج استناداً لنظام التّربية الشّموليّة ، وأن تُقَدَّم المناهج التّعليميّة والامتحانات بطريقة تجذب انتباه الطّلاب وتدفعهم للقراءة ، وأن تكون متناسبة مع قدرات المتعلّمين ، وأن تعَدَّ الوسائل والتِّقْنيات التّعليميّة المناسبة وتوزَّع على مدارس القطر ، وأن يتمّ إعداد المعلّمين إعداداً جيّداً بتدريبهم على أحدث طرائق التّدريس ، ليكون المتعلّم محور العمليّة التّعليميّة _ التّعلّميّة ، وأخيراً لابدّ من تثقيف الآباء والأمّهات وكذلك المعلّمين لبيان واقع التّعامل مع أبنائهم ، كي يعملوا على التّكيّف النّفسي لأبنائنا مع واقعهم دون إهانة أو زجر أو توبيخ أو تحميل الوزارة أيّ تقصير يقع من المعلّمين .

*الباحث التّربويّ ، وعضو الجمعيّة السّوريّة للعلوم النّفسيّة والتّربويّة
وعضو اللجنة الإعلاميّة لمؤتمر الحوار الوطنيّ في سورية

شاهد أيضاً

الخولي: “تصريحات فارهيلي غير مفيدة وحان الوقت ليتصرف الاتحاد الأوروبي بتعاطف مع لبنان”

إعتبر المنسق العام لـ”الحملة الوطنية لإعادة النازحين السوريين” مارون الخولي :”أن تصريحات المفوض الأوروبي لشؤون …