الفنان الموسيقي جهاد عقل تسلح بالموسيقى لزرع الفرح

بينه وبين آلته حال عشق مستمرّة، هي شريكة عمره والكتف الذي يستند إليه وقت الفرح والوجع. الفنان الموسيقي عازف الكمان جهاد عقل تسلّح بالموسيقى والإبتسامة لزرع الفرح بقلوب اللبنانيين التوّاقين إلى الحياة. “نداء الوطن” التقت العازف المتألّق فدار حوارٌ حول أوضاع البلد والفن والموسيقى.

يفضّل الموسيقي عازف الكمان جهاد عقل الإبتعاد عن الواقع في ظلّ الظروف الصعبة التي نعيشها بسبب جائحة “كورونا” والأزمة الإقتصادية والمشكلات المحيطة بنا، فلا يتابع الأخبار ولا يطّلع على الأحداث اليومية حفاظًا على ابتسامته، والإحساس الجميل الذي يزرعه لدى الناس ويوزّعه على الآخرين بكل محبة قلبية. برأيه، رسالته الأولى والأخيرة في الحياة هي زرع المحبة والإبتسامة بقلوب الناس. ويضيف: “لا شك في أنني أتأثر أحياناً، وأتعب نفسياً أحياناً أخرى، إنما أملك وسيلة هروب أساعد من خلالها الناس عبر تقديم ما يصنع إبتسامة وأملاً رغم كل الظروف الصعبة”.

ويشكر الرب على النعمة التي أغدقها عليه، أي إمتلاكه الوسيلة لترجمة أحاسيسه ومعاناته وفرحه من خلال الموسيقى. فيقول: “لو لم أكن عازفاً لكان الوضع صعباً جداً، لأن هناك كثيرين يعيشون مأساة إنسانيةً وكآبةً، لا أملَ لديهم بل خوفاً من المستقبل. لقد زرعوا فينا حياةً بلا أمل، إنما يلجأ الإنسان المؤمن دائماً إلى الله سبحانه وتعالى للدعاء والتأمّل بغد أفضل”.

عقل، الذي واظب على تسجيل مقطوعات موسيقية وعرضها لجمهوره الإفتراضي في فترة الحجر المنزلي، يقول إنه استغلّ تلك الفترة لقضاء الوقت مع عائلته بهدوء أكثر وبعالمه الخاص: “صحيح أن نشاطاتي ليست مكثّفة، إنما يملّ الإنسان من الروتين اليومي. أمضيت الوقت في الإستديو لتأليف الموسيقى والأغاني والعزف، كما مارست الرياضة. وإستغلّيت الظروف للنوم والإستيقاظ باكراً. إنّ اللجوء إلى الموسيقى هو الشيء الوحيد الذي يجعل الحياة تستمر بالنسبة إليّ”.

ونصح الناس بالإبتعاد عن الأخبار السياسية والأحداث، وأن يعقدوا آمالهم على ربّ العالمين والدعاء، كوسيلة للمحافظة على صحّتنا، التي لم نعد نملك سواها في هذا الوطن.

وعن إنفجار المرفأ وعزفه سولو “لبيروت”، يوضح أنه عبّر من كل قلبه للعاصمة التي يعشقها الجميع. ويقول: “هذا الحادث الأليم أثّر فينا جميعاً وفاجأنا، فهو من أكبر الإنفجارات عالمياً. صراحة، نأسف لعيشنا في وطن لا مسؤول فيه ولا من يتحمّل المسؤولية. أنظر إلى كل ما يحدث في حياتنا وأتساءل من هو المسؤول فلا أجد جواباً. ليرحم الله الضحايا، ويشفي الجرحى ويَلطف بالذين تشرّدوا وتدمّرت منازلهم في الوقت الذي لا نملك فيه إلا الصحّة والنفسية”.

ويشير إلى أن “الألم موجود في حياته منذ طفولته، لأننا أولاد الحرب عشنا ظروفاً صعبة جداً. يحتاج التعبير عن الألم والوجع بوسيلة أو بالموسيقى إلى قدرات عالية، فاستطعت من خلال الظروف الصعبة التي عشتها أن أُبدع. لكنني حملت الفرح من خلال هذا الوجع ليكون سلاحاً دفاعياً بوجه الألم الذي خبرته في حياتي”.

ويضيف: “خبرت طفولة قاسية بسبب ظروف الحرب التي كنّا ننتظر أن تنتهي إنما يعيش شباب اليوم بحيرة أكبر وبضياع، وهذا أصعب من الحرب. أدعوهم إلى الثقة بأن الأيّام لن تبقى على حالها وسيتحقق التغيير في المستقبل. هذا الوقت الضائع هو فرصة ليتمكنوا من زرع قوة داخلية يستفيدون منها علماً وإحترافاً مهنياً عندما تتغير الظروف”.

وعمّا إذا كان يفكّر بالهجرة، يجيب: “نعم فكّرت بالهجرة مراراً وأوكلت محامياً في أميركا وآخر في كندا محاولاً الإرتياح من الضياع واللااستقرار الذي أعيش فيه منذ أبصرت النور. لست مسؤولاً عن هذا الوضع بل “الأذكياء” الذين لم يعرفوا كيفية تأمين الإستقرار في البلد. ولكن رغم محاولتي الإستقرار في الخارج، غيّرت رأيي بعد التفكير، فألغيت معاملات الهجرة عائداً إلى الوطن، إلى الأرض التي خلقت فيها، والتي مهما كانت الظروف سيئة لا يمكنني الإبتعاد عنها لأسباب عدّة: أهلي، عائلتي، ومسيرتي المهنية التي زرعتها طيلة 50 عاماً. صحيح أننا نعيش هنا في لااستقرار لكننا نملك الحياة، فيما من يعيش خارج لبنان يملك الإستقرار دون الحياة التي نأتي إليها مرّة واحدة”.

شاهد أيضاً

غزة وحراك الجامعات الامريكية. الشعوب تتحد وتنهض لوأد العالم الانجلو ساكسوني.

ميخائيل عوض تطورت تشكيلات الوحدات الاجتماعية للبشرية ارتقاء من الجماعات البدائية في المشاعيات الى العائلات …