وسيبقى لبنان

طعان حبشي

…يُروى أنّ ثلاثة لصوصٍ علموا بوجود كنزٍ كبيرٍ عبارة عن خزنةٍ مليئة بالذهب والجواهر واللآلىء التي لا تُقدّر بثمن ، فترصدوها لفترةٍ طويلة ونجحوا في السطّو عليها ، فقاموا بتخبئتها في مكانٍ آمن تمهيداً لتقسيمها في ما بينهم ، وبينما كانوا جالسين مُبتهجين مُنتشيين بالقرب من غنيمتهم ، أرسل إثنان منهما الثالث لكي يبتاع لهم طعاماً ، وفي غيابه ضربهما الطمع فتآمرا واتفقا على أن يقتلا رفيقهما عندما يعود ويقتسما الكنز بينهما ، ولأنّ اللصوص هم من طينةٍ واحدةٍ ، تسري في رؤوسهم نفس الأفكار وتجري في عروقهم ونفوسهم ذات اللوثةِ من المُنكرِ والسوء ، فقد قرر الثالث بدوره وهو في طريقه أن يُسمّم طعامهما ويتفرّد بالخزنة وحده ، وعند عودته وبعد أن أكل مثيليه وشبعا سُماً عَمدا على الإجهازعلى رفيقهما فقتلاه ، وما هي إلا دقائق قليلة حتى فارق الثلاثة الحياة ، وبقي الكنز واحداُ مُتلألئاُ فريداً في قيمته ليعود الى مكانه ومكانته قبل أن تطاله يد الإجرام . فهكذا هو حال لبنان ، فكم وكم من الأيادي ، شعوب وأمبراطوريات ومُحتلّين ودول ومتآمرين من الداخل والخارج عاثوا فيه شراً وفساداً ، وطغياناً ، فاستباحوا أرضه ونكّلوا بناسه ومرّغوا عنفوانه ، وضربوا حضارته وإزدهاره وقاموا حسداً وكرهاً منهم بتغيير نظامه وإفشال ديموقراطيته وتسخيف طرق الحياة فيه ، واضطهاد شعبه والنيل منه ، بافقاره وتجوعيه ، ليس ، إلا لأنه مُتفوق وراقٍ وجدير بالحياة أكثر من بلدانهم وشعوبهم .

كلا وألف كلا ، فكلُ مَنْ وطأت رجله هذه الأرض المقدسة ولو لزمنٍ ، حتماً سيزول ويضمحل ويبقى لبنان عالي الرأس مرفوع الجبين شامخاً أبيّاً سرمديّاً ، قَبِل المتآمرون أو أبوا ، سيبقى منارةً مضيئة بفرادته وشعبه وتعايش طوائفه في محيطه والشرق ، ورسالة سلام للعالم أجمع .

شاهد أيضاً

رستم: “لتضافر جهود جميع أطياف المجتمع العكاري من أجل الإنماء في عكار”

استقبل عضو تكتل ” الاعتدال الوطني “النائب الدكتور أحمد رستم، في منزله في بلدة عين …