برسم وزير الصحة: صرخة أب في وطن ضاعت فيه الإنسانية

برسم وزارة الصحة ووزيرها الدكتور حمد حسن وبرسم المسؤولين عن المستشفيات الخاصة والمؤتمنين عن أرواح الناس والعِباد، أنا عزيز حمود والد الشباب الثلاثة ( يحيى، حسن وذولفقار) الذين شاءت الأقدار أن ينشب حريق في محلهم ومصدر عيشهم ورزقهم أثناء تنظيفه لإعادة العمل به بعد الإقفال المجحف الذي طال معظم اللبنانيين . فكان قدرهم بأن يحترقوا ثلاثتهم فاختار الله (يحيى) إلى جواره وسمح لنا بالباقين ونحن المسلمون بقضاء الله وقدره.

(نعم!!) لكن بإسمي وإسم عائلتي ومحبي يحيى حمود ومتابعيه على “تيك توك” وجميع وسائل التواصل الاجتماعي نرفع عتبًا قاسياً على وزارة الصحة ولوماً شديد اللهجة وصرخة ألم بوجه مستشفى الجعيتاوي الجامعي ونتهمها بالتقصير في تلبية نداء إستغاثة لإستقبال مريض ولتأمين سرير لحالة حرجة بحاجة لعناية قسم الحروق. أطلقنا طلب الإستغاثة عبر كافة الأحزاب والقوى السياسية وأشخاص نافذين من صباح الخميس الواقع
٢/١٨ /٢٠٢١ حيث كان الفقيد يرقد في مستشفى البقاع منذ مساء الأربعاء الواقع في ٢٠٢١/٢/١٧(حيث لا إمكانية لمعالجته بسبب حروقه التي وصلت إلى ال ٥٠٪ من الدرجة الأولى، الثانية والثالثة) ومستشفى البقاع غير مجهزة بغرف عازلة مخصصة للحروق. منذ ساعات الصباح الأولى بدأ الإتصال والتواصل مع الوزارة (وكان رد المعنيين بأن المسؤولين في إجتماعات ولا نستطيع التواصل معهم إلا بعد ساعات) ومستشفى الجعيتاوي حجتها أنه لا يوجد مكان ولا سرير شاغر وغرف العناية ملئه، وولدي يحيى في سباقٍ مع الألم والقدر وأنا لا حول لي ولا قوة وبانتظار رد إما من المستشفى أو الوزارة، وتم الرد بعد مرور ١٠ ساعات تقريباً (وهو الوقت الذي كان من الممكن تغيير الأقدار وإسعاف يحيى). نعم أتى الرد بعد كل هذه الساعات عبر مستشار نافذ بأن.. (أنقلوا الشاب فوراً بإسعاف إلى طوارئ الجعيتاوي حتى لو ما في مطرح، حطوا المستشفى تحت الأمر الواقع وفي حال الرفض الإتصال بي شخصياً).. وللصدفة أتى رد المستشفى تزامناً مع إتصال الشخص النافذ (في أوك صار فيكم تنقلوا المريض). الصليب الأحمر اللبناني لبّى ندائنا مسرعاً بإسعاف من عنده ويحيى في سباقٍ مع الوقت..(لو ردت الوزارة علينا من أول إتصال) !! لو أن مستشفى الجعيتاوي أعطت الموافقة منذ الصباح!! وأمنت السرير وما بين وزارة الصحة والمستشفيات الخاصة والحكومية كلام يطول، وحتى في هذا الوضع لعب اللاعب الأساسي دوره ألا وهو “التأمينات والأمواااال”، وبالرغم من كل ذلك قبلنا بالأمر الواقع ولعلّ القدر تغير . وصلنا إلى طوارئ مستشفى الجعيتاوي وجميع مقومات الحياة موجودة من (ضغط / أوكسجين / نبضات القلب) حسب ما وردنا من بداية الواقعة مرفقة بتقرير طبي لكلٍ من مستشفى البقاع الغربي – سحمر – ومستشفى البقاع – شتورة- والصليب الأحمر والجميع أجمع على أن حروق جسده لا تؤدي إلى وفاته. وكانت المفاجأة أن من كان بإنتظار يحيى عند قسم طوارئ مستشفى الجعيتاوي أطباء متدرجيين (ستاج) لا تتعدى أعمارهم ال ٢٥ سنة!! وأخبَرَنا أحدهم أنه بحاجة إلى إنبوب للتنفس (تيوب) بأقصى سرعة وقبلنا ذالك والعجيب بأن يحيى توفي بعد ثلاث ساعات ونصف دون وضع ذاك الإنبوب حتى أن كمامة تنفس جهاز الأوكسجين كانت قد نزعت عن فمه عند وصوله إلى الطوارئ على مرأى من أعيننا وعندما طالبت والدته بوضع الأوكسجين ليحيى رد طبيب (الستاج) “هذا شغلنا عملي معروف طلعي لبرا”. ولم يحضر الطبيب المسؤول عن الطوارئ أو أي طبيب مخول أو مختص بحالات الحروق إلا عندما وجِب تبليغنا بوفاة ولدي يحيى. إبني يحيى منذ تعرضه للحريق بقي بكامل وعيه وكان يجيب على جميع الأسئلة التي تطرح عليه، فماذا حصل خلال ثلاث ساعات ونصف في طوارئ مستشفى الجعيتاوي؟؟!!.. نحن نسأل.. ” لماذا لم يحضر طبيب مختص للكشف على حالة يحيى منذ دخوله إلى الطوارئ إلى أن تم إبلاغنا بالوفاة؟؟ لماذا تغاضوا عن تزويده بالأوكسيجين وكما يعلم الجميع أنه أهم عامل للنجاة في حالة الحروق والحوادث؟؟.. لربما تغير القدر! الأهم والأهم سؤالنا لمستشفى الجعيتاوي وللطبيب الذي لم يحضر إلا لإبلاغنا بوفاة ولدنا.. عن سبب التورم المفاجئ خلال عشر دقائق في الرقبة والرأس “ما هو المجهول الذي حصل خلال ما يقارب العشر دقائق؟!” بوجود المتدرجيين وغياب الطبيب المختص!
نرفع صوتاً ممزوجاً بلوعة فراق فرضها التقصير والإهمال واللامبلاة بحياة الناس ممن هم مؤتمنين على هذه الحياة وممن ملكهم القدر برقاب العباد فعذراً يحيى وعذراً من جميع المحبين.
ولكنّي بت أعلم جيداً انني واولادي واهلي ومثلي الكثيرين في بلاد اللاخير واللاانسانية في بلد الإهمال واللامبالاة في بلد باع أكثرهم دينهم وضميرهم ووجدانهم بأرخص الأثمان.


لا سامح الله من قصر بحقك
لا سامح الله من تقاعص عن تخفيف آلامك
لا سامح الله من عجل بوفاتك
هل من يسمع ندائنا؟ هل من يخفف آلامِنا؟
وللكلام تتمة…
أب في وطن ضاعت فيه الإنسانية –

أضم صوتي الى صوتك يا إبن خالتي العزيز يا أيها الأب الموجع والمفجوع على فلذة كبدك “يحيى “وجرحك يعانق جرحي.. ولكي لا يضيع الحق وهناك مطالب به ..
بإسمي وإسم كل أب عانق تراب أبنائه ظلمآ وإستهتارآ أطالب وزير الصحة اللبناني الدكتور “حمد حسن” بالتحقيق الرسمي والشفاف مع كل مسؤول في مستشفى الجعيتاوي بوفاة المظلوم ولدنا الحبيب (يحيى عزيز حمود)..

مدير مكتب موقع ومجلة كواليس باريس_ عيسى ريشوني

شاهد أيضاً

مؤسسات سلطة بوسائل عصابات ومافيات ..

كتب علي يوسف:  لبنان بات المكان الأمثل  لتتعلم كيف تمارس مؤسسات الدولة وسائل العصابات والمافيات …