الفلم الروسي الشهير “النجمة “

الدكتور سلمان صبيحة


بالأمس زارني صديق الدراسة وتذكرنا تلك الأيام التي قضيناها في روسيا وموسكو تحديداً خلال الفترة من عام 1988 ولغاية بداية عام 2004 وقد تذكرنا كيف حضرنا في موسكو بصالة سينما “فيتيز” الواقعة على شارع “الفولغنا القريبة من محطة مترو”بيلايفا” في نهاية عام 2002 الفلم المميز “النجمة” والإزدحام الكبير على ابواب صالة السينما وكان من الملفت عودة الشباب الروسي الى الروايات والأفلام والمسلسلات القديمة التي جسدت بطولات وتضحيات الأباء والأجداد من الذين كان لهم شرف المشاركة في الحرب الوطنية العظمى ضد ألمانية الهتلرية وحلفائها ضمن صفوف الجيش الأحمر السوفياتي او مع المقاومة الشعبية “الأنصار “..ولقد كان ملحوظا الإهتمام الواسع والكبير بفيلم “النجمة” والإقبال الجماهيري عليه أثناء اعادة عرضه في روسيا وموسكو تحديداً بحلته الجديدة وازدادت في تلك الأيام مبيعات أشرطة الفديو وارتفعت نسبة المشاهدة على الانترنت لهذا الفيلم الرائع والمأخوذ عن قصة الكاتب الروسي العظيم إيمانويلا كازاكيفتش “النجمة” حيث تم انتاج هذا الفيلم للمرة الأولى عام 1949. عن مؤسسة ليننفلم الوطنية للمخرج الكسندر إيفانوف ..
وأعيد إنتاجه للمرة الثانية عام 2002 للمخرج نيكولاي ليبيدوف ومن إنتاج كارن شيخنزاروف مدير مؤسسة “موس فلم” الحكومية للسينما بنفس الإسم “النجمة” ولكن بالإمكانيات والتقنيات الحديثة… القصة الواقعية حدثت ابان الحرب العالمية الثانية بين الإتحاد السوفياتي وألمانيا النازية في صيف عام 1944 في الغابات الكبيرة جدا في جنوب أكرانيا حيث كان الألمان يسيطرون على ذلك القسم ويحشدون وبشكل سري الكثير من القوات والعتاد هناك ، لكن هذه التحركات كانت غير معروفة بالنسبة للسوفيت (عدد تلك القوات ، المشاة ، الدبابات …الخ …وماذا سيفعلون ومتى سيهجمون …؟؟).
وقد أرسلت قيادة الجيش الأحمر الى العمق الألماني عدة مجموعات إستطلاعية وإستخباراتية عسكرية من أجل معرفة ماذا يخطط العدو وكانت هذه المجموعات تموت وتختفي وينقطع الإتصال معها قبل ان تنفذ المهمة ..وكانت آخر الأمال معقودة على اللتنانت ترافكين ومجموعته المؤلفة من ستة أشخاص.الذين ذهبوا لتنفيذ المهمة واستطاعوا ان يعرفوا كل التفاصيل ويرسلوها عبر أحهزة اللاسلكي إلى القيادة وبعدها يسقطون جميعهم شهداء من أجل إستقلال الوطن والدفاع عنه ضد أعتى قوى الشر والإرهاب في العالم آنذاك ألمانيا النازية وحلفائها الفاشيون… وبهذه المعلومات المهمة التي قدموها للقيادة تغير الوضع تماما على الجبهة .
الفلم يصور وكما في الحقيقة تلك اللحظات الحساسة التي يعيشها المشاهد على أعصابه المشدودة حتى نهاية الفلم بموسيقاه الرائعة ونهايته الأليمة بسقوط كامل المجموعة الفدائية شهداء…كان صوت مجندة استقبال اللاسلكي العذب والحنون وهي تنادي على اللتينانت ترافكين : ” من المركز الى نجمة هل تسمعني…حول “ولا أحد يرد وتعيد الإتصال مرات ومرات ولكن للاسف لا أحد يسمعها فقد استشهد الجميع…..هذا الصوت النسائي لرفيقة السلاح المشبع بالحب الوطني والحنين الإنساني الى رفاقها يجعل المشاهد مجبورا على ان تسيل الدموع من عينية بلا إرادة…
لقد شكل إخراج الفلم مع الموسيقى التصويرية والقصة الحقيقية لوحة درامية رائعة وملحمة من ملاحم البطولات ومثلا للشعوب المناضلة من أجل الحرية والإستقلال .
لهذا الفلم تحديدا أهمية كبيرة كونه تم انتاجه بعد فترة التسعينات ، حيث قام أنصار الإنفتاح مع الغرب بعد سقوط الإتحاد السوفيتي بحذف كل الأفلام السوفياتية التي تتحدث عن الحرب الوطنية العظمى واستعيض عنها بأفلام هليود الأمريكية والغربية العنفية الرخيصة .
في الأنترنت جرت مناقشة هذا الفلم بشكل واسع والكثير من الأشخاص كتب رأيه ووجهة نظره وكانت المفاجأة أن غالبية الشعب الروسي قيمت هذا الفلم تقيما وطنيا إيجابيا تلخص بما يلي :
” حب الوطن والإعتزاز به مغروس في كل شخص طبيعي أو عاقل وهذا الشعور والإحساس الوطني ان كان قد سهى أو كبى او هبط قليلا … فهذا الفلم ، وغيره من الأفلام الوطنية الهادفة ، يستطيع إيقاظ هذه الأحاسيس والمشاعر ويؤجحها ويهتم بها من جديد ..”.
كم هناك تشابه كبير بين البطولات العظيمة التي سطرها أبطال الجيش الأحمر السوفياتي وحلفائه وبطولات وتضحيات جيشنا العربي السوري وحلفائه وأصدقائه في حربنا الوطنية العظمى ضد الارهاب الفاشي والنازي في هذا الزمان…وكم من القصص والروايات التي حدثت تنتظر ان يتم إنتاجها وتحويلها الى أفلام ومسلسلات تجسد وتخلد البطولة والتضحية والفداء…المجد والخلود لشهداء الوطن والتحية
لكل وطني شريف يدافع عن عزة وكرامة ومجد الوطن .
يسعد صباحك سورية صبحك حلو …
عاشق أنا وعشق الوطن ماأجملو…🇸🇾🇸🇾🇸🇾
كما قلت سابقاً وسأقول دائماً: نصرنا هز الدني.

13/3/2021.

شاهد أيضاً

مستقبل الجامعات الأميركية والغربية.. قاتمٌ جداً!

             سليمان مراد  يُسوّق الغرب نفسه على أنّه معقل للحريّة …