جمال خاشقجي: كيف ستتأثر علاقات أمريكا بالسعودية بعد الكشف عن تقرير المخابرات الأمريكية؟

فرانك غاردنر
مراسل بي بي سي للشؤون الأمنية

قد يسعى ولي العهد السعودي إلى إقامة علاقات أقوى مع دول أخرى بما في ذلك إسرائيل


يمثل صدور تقرير المخابرات الأمريكية الذي رفعت عنه السرية بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي ضربة للسلطة والهيبة والمكانة الدولية لواحد من أقوى الرجال في الشرق الأوسط ألا وهو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وقد يكون لتلك الخطوة تداعيات على تعامل الغرب مع المملكة العربية السعودية لعقود قادمة.
وبعد الآن فإن تأكيد دور ولي العهد، المعروف بالأحرف الأولى من اسمه إم بي إس، في تلك الجريمة البشعة التي جرت وقائعها في عام 2018، سيجعل من الصعب أكثر من أي وقت مضى إقامة القادة الغربيين صلات علنية به كفرد.

حقائق عن المملكة العربية السعودية.

لعلاقة السعودية-الأمريكية تدخل مرحلة إعادة الضبط
ومع ذلك، ففي ظل الوضع الحالي يبدو أن ولي العهد محمد بن سلمان سيكون القوة المهيمنة على العرش السعودي لفترة طويلة جداً.
يبلغ محمد بن سلمان من العمر 35 عاما فقط ويتمتع بشعبية واسعة داخل المملكة وخاصة في أوساط الشباب، ويعود ذلك في جانب منه للوطنية وفي جانب آخر للتضييق الشديد على الحريات المدنية حيث أن انتقاد ولي العهد حتى الآن علناً أمر نادر.


توبيخ جو بايدن العلني لمحمد بن سلمان “مقامرة” – التايمز
وقد أشار الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أنه يريد التعامل مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وليس نجله ولي العهد محمد بن سلمان، لكن الملك وابنه يعملان بشكل متناغم وثيق للغاية، لذلك فإن هذا التمييز لا معنى له عملياً إلى حد بعيد.
ويبلغ الملك سلمان بن عبد العزيز من العمر 85 عاما، وهو في حالة صحية سيئة، وقد سلم بالفعل معظم سلطاته إلى نجله.

شريط تقشعر له الأبدان


لطالما كانت صلة ولي العهد بمقتل خاشقجي معروفة لمعظم وكالات المخابرات الغربية، ولكن لم يتم فقط الإعلان عن تلك الصلة.
وكانت جينا هاسبل، التي رأست وكالة المخابرات المركزية الأمريكية منذ عام 2018 حتى وقت سابق من هذا العام، قد سافرت إلى العاصمة التركية أنقرة حيث استمعت هناك إلى الشريط الصوتي المرعب الذي كان بحوزة المخابرات التركية، والذي يظهر لحظات الرعب التي مر بها خاشقجي داخل القنصلية السعودية حيث تمت السيطرة عليه جسدياً وخنقه من قبل عملاء أرسلوا من الرياض.
كما قدمت تركيا التسجيلات الصوتية السرية التي بجوزتها عما جرى داخل القنصلية السعودية إلى أجهزة الاستخبارات الغربية، رغم أن التجسس على الهيئات الدبلوماسية أمر مخالف للأعراف المتبعة لكن تم تجاهل ذلك إلى حد كبير.

وقال مسؤولون أمريكيون إن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية خلصت “بدرجة متوسطة إلى عالية من اليقين”إلى أن ولي العهد محمد بن سلمان كان متواطئاً.
ماهي ملفات بن سلمان الشائكة التي ينتظر موقف بايدن منها؟
لكن خلال وجود الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض ظل تقرير المخابرات الأمريكية طي الكتمان حتى لا يحرج حليفه المقرب في الرياض، لكن اختفى الآن ذلك الغطاء الذي وفره ترامب.
لم يكن المفضل لدى واشنطن
لم يكن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الخيار المفضل لواشنطن ليصبح الملك القادم. كان الرجل المفضل لدى واشنطن هو الأمير محمد بن نايف الذي كان الشخص التالي في ترتيب ولاية العرش حتى أطاح به محمد بن سلمان في عام 2017.

وكما هو معروف فإن محمد بن نايف قيد الاعتقال حاليا بتهم الفساد والتآمر ضد ولي العهد، وهو ما تنفيه أسرته.


وكان محمد بن نايف، لسنوات عديدة، أهم حليف لأمريكا داخل العائلة المالكة السعودية.
وكان محمد بن نايف يتولى منصب وزير الداخلية لسنوات عديدة وقضى بنجاح على نشاط القاعدة في السعودية وأقام علاقات وثيقة مع وكالة المخابرات المركزية من خلال رئيس استخباراته سعد الجبري الذي يعيش الآن في منفاه في كندا. ورفع جبري مؤخراً أمام القضاء دعوى ضد محمد بن سلمان تتهمه بإرسال فرقة اغتيال لقتله.


محمد بن سلمان ينفي إرسال فريق اغتيال إلى كندا لتصفية مسؤول سعودي سابق
إذن فإن لولي العهد الحالي سجل حافل لدى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
لا تزال الولايات المتحدة بحاجة إلى علاقة عمل جيدة مع الديوان الملكي السعودي نظراً للتهديد المستمر الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية والإرهاب الذي يعد تنظيم القاعدة مصدر إلهام له، لكنها تفضل كثيرا التعامل مع شخصية موثوقة ومستقرة مثل محمد بن نايف بدلاً من شخصية لا يمكن التنبؤ بها مثل محمد بن سلمان.

هدية لإيران


ويعد أي أمر يقوض الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والسعودية بمثابة هدية لإيران، منافس السعودية الإقليمي.

فعلى الرغم من سنوات من العقوبات خلص الخبراء مؤخرا إلى أن إيران باتت صاحبة اليد العليا في الشرق الأوسط حيث وسعت نفوذها الاستراتيجي من خلال الميليشيات التي تعمل بالوكالة عنها في لبنان وسوريا والعراق واليمن، تاركة السعوديين محاصرين.
وعندما أعلن الرئيس بايدن عن تعليق مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية التي تقود حربا في اليمن، سارع المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران إلى الاستفادة من ذلك، فقد تقدموا على عدة جبهات منذ ذلك الحين مدركين أن حظر الأسلحة يحد من قدرة عدوهم.
إدارة بايدن تستعد لنشر تقرير سري حول مقتل جمال خاشقجي
ومن المرجح أن يدفع كل ذلك القيادة السعودية، على المدى الطويل، نحو تنويع شراكاتها في مجال الدفاع والأمن وربما فتح أبواب جديدة أمام لروسيا والصين.
وقد تدفع أيضا بالرياض إلى بناء علاقات أوثق مع إسرائيل التي تشاركها المخاوف من التوسع الإيراني والانتشار النووي.

شاهد أيضاً

الفنان الفلسطيني سانت ليفانت يكشف عن أغنيته “قلبي ماني ناسي”

سانت ليفانت يقدم “قلبي ماني ناسي” بأسلوب موسيقي متنوع ومعقد رسالة عميقة ومؤثرة من خلال …