مدينتي تنتظر موتها المؤجل*

زياد سامي عيتاني

خرجت من بيروت إلى بيروت، أبحث عنها بين والصور المتناثرة والذكريات المنسية…
لا بيروت هي بيروت، ولا ناسها هم ناسها…
كل معالمها وملامحها وتفاصيلها تبددت وتبدلت وتغيرت!
وحدها الآلام والجراح والمأساة والمعاناة والأهوال المتجددة والمتمددة والمتزايدة صامدة ثابتة تكاثراً وتعاظماً!!!
باتت مدينة بلا حياة وبلا روح…
مدينة منكوبة، مهزومة، مخنوقة، مأسورة، محاصرة، محبطة، بائسة، يائسة، مستسلمة لقدرها ولموتها المنتظر!!!
لم تعد تتسع للحياة، للفرح، للعيش، للأمل، للشمس للنجوم!!!
باتت ساحة للإحباط، للحزن، للهزيمة، للسقوط للإنكسار، للباكين، للوجوه المتجهة والعيون الباكية، للتائهين، للمشردين والغرباء داخل مدينتهم، المعلقون بين حياة مهددة وموت منتظر!!!
إنها مدينة دون أن تكون مدينة، هي عنبر للجحيم، وحفرة للموت، وساحة تضيق بها المقابر، ومستشفى بلا أطباء، وشوارع لسيارات الإسعاف ودفن الموتى والجنازات والمتسولين، ولطوابير الذل والمهانة على أبواب المصارف!!!
إنطفأ ليلها، بهت نهارها…
أقفلت آفاقها…
يهاهجمها الموت، تداهمها الأوبئة والجوائح، تغزوها النوائب والنوازل، تحاصرها الأحقاد والشرور، يخيم عليها العوز والشقاء والعدم…
مدينتي.. فقدت ذاتها، وحلتها، وتاريخها، وعصرها، وزمانها، وهويتها، ووظيفتها، ودورها، ومجدها، وإزدهارها، وحاضرها ومستقبلها!!!
مدينتي.. تنتظر موتها المؤجل!!!

زياد سامي عيتاني
*مقتطفات من مقالٍ ينشر لاحقاً

شاهد أيضاً

ماذا وراء سحب الإدارة الأمريكية مشروع قانون مناهضة التطبيع مع سورية؟.

أحمد رفعت يوسف بشكل مفاجئ، وغير متوقع، سحب الرئيس الأميركي جو بايدن، قانون “مناهضة التطبيع …