السيد فضل الله والأخـــــطبوط الأمريكي :

” في كل مصائبنا فتّشوا عن امريكا واسرائيل …

علي رفعت مهدي

” إنّها الاستراتيجيّة التي قضى المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله(رض) عمره وهو يعظ ويرشد ويوجِّه ويصوِّب عليها ؛ لانها كانت من وجهة نظره مشكلة كل الازمات والمصائب والمشكلات الواقعة على رؤوس الشعوب في العالم كلّه شرقه وغربه ؛ فأمريكا هي صانعة الانظمة الديكتاتورية في كلّ مكان وعلى رأسه هذا العالم العربي الذي صار خارج حركة الوجود والصراع والكون والحياة بفعل انبطاحه وانهزامه امام الاخطبوط الامريكي والجرذ الإسرائيلي الذي قضم بلداننا واوطاننا تطبيعًا واستسلامًا وتبعيّةً واستزلامًا وتطويعًا وسلبًا للإرادات والمقدّرات …
لقد عمِل السيد الراحل ليله ونهاره على ايقاظ الوعي في مفاصل جسد الامة ؛ وحذّر من أنّ الكثير من حكّامِنا ورؤسائنا هم مجرد ادوات نصّبتها اجهزة الاستخبارات في العالم وفي طليعتها الاميركية والصهيونيّة ليكونوا حرّاس مصالحها ؛ وقادة قواعدها الإستعماريّة المتقدِّمة والمتحكّمين برقاب البلاد والعباد بحجة قوانين الطوارئ التي اخضعت شعوبهم _ العربيّة _ لكل انواع الذل والخنوع والخضوع والتجويع والترهيب والإستغلال ؛ حتى انتهى العام 2020 على تسابق انظمة الذل والهزيمة الى استجداء التطبيع من الإسرائيلي ؛ التطبيع الذي كان سائدا منذ عشرات السنين مقنّعًا بشعارات دعم القضية الفلسطينية التي كان السيد يكرّر دائما ” ان مشكلة العرب هي كيف يتحرّرون من فلسطين لا كيف يحرِّرون فلسطين ..” وتحرّر الاجلاف اعراب النفاق والخديعة والذل من فلسطين وقدسها ومعراج رسالة ِ نبيّها ..
حين قرّرت الإدارة الأميركية شنّ الحرب على العراق من خلال الكذب والتدجيل الذي مارسه كولن باول وزير خارجية جورج بوش الأرعن تحت عنوان كذبة اسلحة الدمار الشامل حذّر المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله من السياسة الاميركية الاخطبوطية التي قرّرت الاستيلاء على بلاد الرافدين وتدمير حضارته بالتكافل والتضامن مع العالم المستكبر والصهيوني الطاغي ؛ وقد وجه السيد كلامه يومها لوفود الحج العراقية بقوله :
” لقد كنت أقول دائماً ـ لكل إخواننا العراقيين ـ كونوا معارضين في الداخل ولا تقتصروا على معارضة الخارج، عليكم بالداخل الذي يجب فيه تقوية الناس، ونحن نعرف مأساة الناس، ليس تهويناً من وحشية المأساة التي يعيشها العراقيون في الداخل والخارج ولكن علينا أن نعرف ما تعرفونه أنتم في الغرب من خلال إقامتكم الجبرية فيه بعيداً من الوطن .
إن الدول ليست جمعيات خيرية حتى هذه الدول تقول: “ليست عندنا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة” إن أميركا التي تبكي على الشعب العراقي هي التي ورطته بصدام، عندما رأوا أيام عبد السلام عارف أن عبد الناصر بدأ يستولي على الشارع العراقي، حيث دخل الشيوعيون والقوميون الاتحاد الفدرالي وبدأت المناداة بالوحدة، ودخل حزب البعث من الباب الأميركي ليربك كل المسألة الإسلامية والعربية في العراق ويربك المنطقة. وحين حصلت الثورة الإسلامية ولتحجيم هذه الثورة وتفليس الخليج الذي دفع (36) مليار دولار لتمويل الحرب على إيران من قبل العراق وحرب الكويت التب خططت لها أميركا سنة (88) كما تحدثت “غلاسبي” سفيرة أميركا التي اغتالوها في ما بعد ـ مع المسؤولين العراقيين حيث وضعت أميركا خطاً أحمر على السعودية ولم تضعه على الكويت. لأنهم أرادوا لنظام صدام احتلال الكويت، وأرادت أميركا الدخول للعالم من الباب الواسع في تلك المرحلة، وأميركا الآن وبعد استغنائها عن الطاغية في العراق تريد أن تصنع الطغاة وتستبدلهم بطغاة آخرين مع إدخالهم إلى قسم الطب التجميلي والسياسي ….
إن أميركا تريد الدخول من الباب الأوسع ـ وهذا الحديث ليس انطباعات ـ بل هي معلومات أتحمل مسؤوليتها وهي تريد من خلال حربها على العراق السيطرة على العراق جملةً وتفصيلاً احتلالاً واستعماراً، وهم يصرحون بذلك. وهي تريد تنظيف الخليج سياسياً لا عسكرياً لأن الخليج ينام على بحر من “بن لادن” وهي تريد محاصرة أوروبا واليابان والصين وروسيا وتخلق حزاماً من القواعد العسكرية في العالم بدأته بآسيا وركزت جماعة يتحركون في الأفق الواسع، ونحن نتحرك في داخل الزنزانة من خلال الاستغراق بالداخل … وأخشى ما أخشاه أن نكون من قبيل الإنسان الذي يصح فيه قول الشاعر:
ربَّ يومٍ بكيتُ فيه فلمّا صرتُ في غيرِه بكيتُ عليهِ
نحن ـ وجيل ـ 1958 كنا بالعراق نتألم من العهد الملكي، رغم قلة الحرية فيه، وحين جاء عبد الكريم قاسم صفق العراقيون على اساس أنه الزعيم الأوحد والأوحد ، ولكن العراق لم يرَ المجازر التي رأيناها في التاريخ ، وتمت اللعبة، في زمن عبد السلام عارف وغيره ، ولم يستقر العراق حتى الآن ….
ما أقوله إن علينا أن يكون لدينا الوعي السياسي المنفتح، فليس عندنا قضية سياسية محلية، بل إن القضايا المحلية مرتبطة بالأخطبوط الإقليمي ، المرتبط بالأخطبوط الدولي ، ولا يمكن فهم قضية تحدث في بغداد إذا لم تفهم كيف انطلقت القصة من أميركا ، وخفايا السياسة الأميركية ، ومراكز التخطيط الغربية … “
هذا التحذير والتوجيه كان في الاول من شهر شباط لعام 2003 ….
تحذيرٌ وتوجيه سيبقى يحفرُ في ذاكرة كل من القى السّمع وهو شهيدٌ على استكبار اميركا وخفافيش ظلامها ومصّاصي دماء الشعوب من خدّامها واوباشها .

7 كانون الاول 2020

شاهد أيضاً

حاكم الشارقة يوجه بتخصيص 2.5 مليون لتزويد مكتبات الإمارة بأحدث إصدارات “مهرجان الشارقة القرائي للطفل”

الشارقة – من عمر الجروان المكتب الإعلامي لصاحب السمو حاكم الشارقة المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة …