“نهر الغزيل” تجتاحه النفايات الصلبة

“مصلحة الليطاني” تتجاهل رفع الملوثات الصلبة وتطالب باعتمادات مالية

• البقاع ـ أحمد موسى

لا يزال موضوع تلوث نهر الليطاني، أكبر الأنهار اللبنانية، يشكّل قلق وطني عارم في البلاد، إذ نسب التلوث في النهر وحوضه الجوفي وبحيرة القرعون الاصطناعية “تجاوزت الخطوط الحمر”، ونهر الغزيل “تجتاحه النفايات” الصلبة والسائلة، فيما الحكومات المتعاقبة حجزت مبالغ مالية طائلة والنهر يزداد تلوثاً وموتاً بطيئاً للقاطنين المحيطين به، فضلاً عن موت الحياة الطبيعية بقاعاً

تعاقب التلوث


الملف برمته تحوّل إلى الحكومات المتعاقبة لإيجاد حلول سريعة للحد من التلوث المتفاقم طوال عقود نتيجة عوامل متعددة، أبرزها الإهمال الرسمي وفوضى النمو الصناعي واستخدام المبيدات الزراعية وتحويل مجرى النهر إلى مصب للمياه الآسنة، من دون أن تحرّك الجهات المعنية والوزارية مستميةً بالخطابات دون الفعل على أرض الواقع.


الأسباب والحلول


تتشكل مصادر تلوث نهر الليطاني وبحيرته متعددة، وفق خبراء، بدءاً من النفايات الصلبة والصرف الصحي ونفايات المصانع التحويلية والثقيلة (تشكل أكثر من 50% من نسبة التلوث) ونفايات المستشفيات ومزارع تربية الدواجن والأبقار والاستعمال المفرط والعشوائي للمبيدات الزراعية، حيث هنالك ثلاثمئة ألف نسمة يعيشون في 45 قرية وبلدة على ضفاف النهر وأكثر ما يربو عن 640 مصنعاً من بينها 330 منشأة للصناعات الثقيلة والملوثة بنسب عالية، حيث تدخل فيها مادة الزئبق والسموم القاتلة.

خطة


أما حلّ أزمة تلوث حوض نهر الليطاني ومجراه وبحيرة القرعون يتطلب خطة رسمية واضحة المعالم، لم تخرج إلى العلن سوى بعضٌ من الأشغال في تنظيف بعض المساحات النهرية التي تعمل عليها “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” التي تبقى خجولة وفق ما هو مبيّن على أرض الواقع، حيث تغزو مياه نهر الليطاني الأوزاخ والنفايات الصلبة والسائلة والصرف الصحي والصناعي والمستشفيات، فتحول النهر إلى مجرى للمياه القاتلة.


دعاوى


هذا النهر الذي تحوّل لبياناتٍ ودعاوى قضائية “انفردت” فيها المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، لطالما بقيت في الأدراج دون واقعٍ ملموس لرفع التعديات، عن نهر الليطاني وروافده النهرية من نهري “البردوني” و”الغزيل”، الذي تحوّل الأخير للوحةٍ تشبه الواقع السياسي القائم وفضائح الفساد.


تعقب الخروقات البيئية


فقد أعلنت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني في بيان انه بتاريخ ١٩-١١-٢٠٢٠ أنه وفي تمام الساعة السابعة مساء، وضمن اطار تقصي واستبيان واقع ادارة النفايات السائلة في المؤسسات الصناعية الواقعة في منطقة الحوض الاعلى للنهر ، قام فريق الكشف الليلي بتعقب مخارج الصرف الصناعي في شركة سيكومو – قب الياس، حيث تبين ان الشركة ما زالت تقوم بالتخلص من نفاياتها السائلة في المجاري الطبيعية حيث قام الفريق بجمع عينة منها وذلك بهدف الوقوف على ماهية هذه النفايات السائلة ومدى توافقها مع المواصفات الموضوعة لها في القرار ٨/١ ، خاصة وان مدير الشركة كان قد صرح امام الخبير البيئي بول ابي راشد المكلف من جانب محكمة جزاء زحلة ان الشركة تعمل على معالجة نفاياتها السائلة ومن ثم تعيد استخدامها في العملية الصناعية وانها لم تعد بوارد التخلص منها في المجاري الطبيعية.


تعدّد الإدارات


معاناة اللبنانيين عامةً والبقاعيين خاصةً مع تلوث الليطاني لا يحتاج إلا إلى موقف جريء من الحكومة لاختيار مؤسسة واحدة لإدارة حوض النهر من كل جوانبه بدل تنوع وتعدد الجهات الرسمية المعنية به، وإيجاد مشروع سريع للمطامر الصحية ومعامل الفرز للنفايات الصلبة، وبناء وتشغيل محطات تكرير المياه الآسنة وشبكات خاصة لتكرير مياه المصانع، بدل رصد أموالٍ لم تعرف وجهتها.


العمل الجزئي


فهناك نحو سبع محطات فقط لمعالجة الصرف الصحي تعمل بشكل جزئي ولا تتوفر لها الطاقة الكهربائية بشكل دائم، كما وهنالك دراسات مشاريع لبناء أربع محطات تكرير كبرى للمدن الواقعة في حوض النهر وهي تخدم أكثر من ستمئة ألف نسمة، والحل السريع يتطلب إنشاء عشر محطات تكرير للصرف الصحي لتأمين حماية نهر الليطاني والحد من نسب تلوثه والبدء بإعادته إلى وضعه الطبيعي، إذا صدقت النواي المحاسبية لا المحاصصية.


الغزيل


ومنذ نحو اسبوعين على كتابة هذه الأسطر، ونهر الغزيل إحدى روافد نهر الليطاني، تحوّل على مسافة مئات الأمتار وبعرضه إلى مكانٍ لتجمّع النفيات الصلبة فضلاً عن النفايات والملوثات السائلة والمسمومة، ليطالعنا بيان مقتضب من بضع كلمات بيان لمصلحة الليطاني يقول فيه: “بعد تجمع بعد النفايات البلاستيكية في احد مقاطع نهر الغزيل بسبب اعمال التعزيل والتنظيف من قبل احد الجهات المانحة، المصلحة الوطنية لنهر الليطاني تتابع اعمال رفع النفايات من مجرى النهر بالتنسيق مع هذه الجهات”.
إلا أن المتابعة من الليطاني وتلك الجهة المانحة (الغير معروفة)، لا تزال تراكم النفايات تتكدس وسط النهر وإلى ازدياد.

زحلة


ومع تجاهل واقع نهر الغزيل، ذهبت مصلحة الليطاني بعيداً، حيث وجهت سلسلة كتب الى وزارات المالية، الداخلية والبلديات، الطاقة والمياه، البيئة والامانة العامة لمجلس الوزراء طلبت بموجبها العمل بشكل فوري على تأمين الاعتمادات اللازمة لضمان استدامة تشغيل وصيانة محطة تكرير الصرف الصحي التابعة لمدينة زحلة من قبل مجلس الانماء والاعمار وذلك تفاديا لوقوع كارثة بيئية وصحية تضاف الى معاناة سكان منطقة الحوض الأعلى لنهر الليطاني، في ظل اعراب مؤسسة مياه البقاع عن عدم قدرتها على تسلم وإدارة وصيانة وتشغيل محطة زحلة نظرا لعدم توفر الخبرات البشرية بالإضافة الى وضعها المالي الحرج، وبالتالي فإنه في حال عدم تجديد عقد الإدارة الحالية أو إيجاد حلول أخرى سيتدفق 18 ألف متر مكعب يوميا من مياه الصرف الآتية من المناطق السكنية التابعة لمدينة زحلة دون معالجة مما سيشكل كارثة بيئية لمياه نهر الليطاني وبحيرة القرعون تضاف الى الوضع البيئي السيء بسبب تدفق حوالي 45 مليون متر مكعب يوميا من مياه الصرف الصحي غير المعالج من 69 بلدة واقعة في الحوض الاعلى لنهر الليطاني، علما أن تكلفة بناء محطة زحلة قد بلغت 36.8 مليون دولار اميركي وإن التوقف عن تشغيل المحطة يكون بمثابة هدر للمال العام وللموارد المائية والبيئية.

شاهد أيضاً

الشيخ الرشيدي:”متمسكون بخيار المقاومة والبندقية، سبيلًا وحيدًا لاستكمال تحرير الأرض والمقدسات”

أكَّد نائب الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان الشيخ خضر الرشيدي: “أننا، كوننا لبنانيين، لا …