أفريقيا-
“عندما عدت من غينيا، أخبرني والدي أنه عليّ الاستعداد لحفلة زفافي، لم أكن أعلم شيئا عن الموضوع، فلم يخبرني أحد عن زوجي، بل إني لم أره سوى ليلة الزفاف”. هكذا تقول النيجرية “بلكيسا” من قبيلة التبو، التي أرسلها والدها إلى غينيا لإتمام درجة الماجستير، وهي تعمل موظفة بالجمارك حاليا.
تمثل قبيلة التبو 3.5% من المجتمع في النيجر، وهي تنتشر في منطقة ديفا حيث تلتقي الحدود بين النيجر ونيجيريا وتشاد، وهي أكثر القبائل المحلية تشبثا بتقاليد الزواج الذي يعتبر اختيار الآباء أزواج أبنائهم أكثر مظاهره تجليا، كما أن قبائل عربية موجودة في مناطق “طاو” و”زيندر” ما زالوا متمسكين بهذا التقليد إلى اليوم، وهم يمثلون أقل من 10%، ثم يليهم في ذلك “الطوارق“، في حين يقل عند قبيلة “الزرما”.
في حديث سابق خصه به الجزيرة نت يقول الناشط المدني إبراهيم القاسم الذي كان حتى عام 2017، رئيسا لجمعية نور الهدى الخيرية بالنيجر، عن الأسباب التي أدت إلى اندثار هذه العادة داخل قبيلة الزرما، وقال إن الأخيرة اختلطت وتزاوجت بالفرنسيين أيام الاستعمار، وأضاف “قبيلة الزرما لا تمثل اليوم سوى 24% من المجتمع، لكنهم يشغلون كل المناصب الإدارية والوزارية.
وحظيت قبيلة الزرما أكثر من غيرها بالتقرب الفرنسي، لهذا فإن عادات وتقاليد كثيرة اندثرت عندهم أو امتزجت بنظيرتها الغربية، بحسب القاسم.
![بعد الانتهاء من تزيين العريس، يبقى جالسا داخل الخيمة حتى انتهاء مراسم العرس بينما تقف أخواته من خلفه لتريده](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2024/05/yui3-1716879544.jpg?w=770&resize=770%2C513&quality=80)
بين المهر والهدية
في النيجر لا يمكنك حجز موعد لعقد قرانك على هواك، إذ إنه لا يتم سوى أيام السبت والأحد صباحا للعزاب، أما للأرامل والمطلقين، فقد خصص لهم يومي الخميس والجمعة بعد صلاة العصر.
وحول سقف المهور، يقول القاسم “كان الرئيس سيني كونتشي الذي حكم البلاد بين عامي 1974 و1987، قد استحدث بعض القوانين لتيسير الزواج أمام الشباب، ولتحسين وضع المطلقات أيضا، إذ حدد قيمة المهر بـ50 ألف فرنك أفريقي (حوالي 89 دولارا) بغض النظر عن الحالة الاجتماعية للزوج، وما زاد عنه يعتبر هدية”.
ويؤكد أن دستور الدولة لا يزال يخضع للمذهب المالكي في باب المعاملات، إذ إن المرأة التي تخلع زوجها عند القاضي يتوجب عليها دفع 50 ألف فرنك أفريقي، أو ثمن المهر القانوني فقط.
وعن قيمة المهور، يقول سائق تاكسي بنيامي للجزيرة نت إن المهور لا تقل عن 300 ألف فرنك أفريقي (530 دولارا) ولا تزيد على مليون فرنك أفريقي (حوالي 1769 دولارا). بعض الناس يشتري سلاسل ذهب وملابس للعروس ويقدمها مع 300 ألف فرنك أفريقي، لكن أغلبية الأزواج يفضلون تقديم 500 ألف فرنك أفريقي (884 دولارا) لتتصرف فيها العروس كما تشاء.
تقاليد حسب القبيلة
وعن تقاليد الزواج في قبيلة التبو، تقول بالكيسا “تقوم والدة العروس بصرف مهرها في تجهيزات الحفلة، فهناك مصاريف الولائم ليومين كاملين، بالكاد تكفي بقرة بـ200 ألف فرنك أفريقي (354 دولارا) لإطعام الضيوف، ثم مصاريف الفستان والحناء، والبقية على أثاث البيت، لكن في العادة لا يبقى شيء للأثاث، لهذا يدبر الزوجان أمورهما شهرا على الأقل على حصير، ودلو وإبريق للوضوء، وكيس أرز وأطعمة ترسلها والدة العروسة لها، حتى تستقر حالتهما المادية”.
في العاصمة نيامي، تحكي سيدة طارقية تعمل مزينة للعرائس، عن تقاليد الزواج في قبيلتها قائلة “متوسط المهر عندنا 400 ألف فرنك أفريقي (حوالي 700 دولار) وغالبا ما يقوم والد العروس بصرفه كله على الأثاث، في حين يتكلف من ماله الخاص بمصاريف الزفاف”.