معاداة السامية ومعاداة السعو-وهابية

الحاج أبو كرم


السامية هو مصطلح يصف أي مجموعة أثنية أو ثقافية أو عرقية تتحدث باللغات السامية.
أما الساميون فهم الشعوب الأساسية التي هاجرت ابتداء من سنة 3500 ق.م. من الصحراء العربية إلى ضفاف نهري دجلة والفرات حيث الحضارات المزدهرة.
فالأكاديون الذين سكنوا سومر سميوا بالساميين ، كذلك العرب سكان الجزيرة العربية بالإضافة إلى الشعوب المعتنقة لليهودية المتكلمة بالعبرانية ، وبالتالي نجد أنه لم تكن الميزة المشتركة لهذه الشعوب عرقية بقدر ما كانت خصائص لغوية متشابهة.
أما معاداة السامية فهو لفظٌ كان يقصد به عند نشأته معاداة اليهود ، وقد استعمل هذا المصطلح للمرة الأولى سنة 1860 المفكر النمساوي اليهودي اشتين شنايدر ، وبقي هذا المصطلح غير متداول حتى سنة 1873 حيث استعمله الصحفي الألماني ويلهلم مار في كتيب عنوانه “انتصار اليهودية على الألمانية” احتجاجًا على تنامي قوّة اليهود في الغرب واصفًا إياهم بأشخاص بلا مبدأ أو أصل.
وقد عرف مركز الإتحاد الأوروبي لمراقبة العنصرية ورهاب الأجانب معاداة السامية على أنه:
” كل تمييز ضد اليهود يمكن أن يأخذ شكل الكراهية تجاههم ، أو أنه أفعالٌ ماديةٌ أو تصريحات لفظية ضد ممتلكاتهم أو ضد مؤسسات المجتمع اليهودي الدينية منها وغير الدينية”.
وقد طورت الولايات المتحدة الأمريكية هذا التعريف وفقاً لقانون ” سكوت – كايسي ” الذي أقره مجلس الشيوخ الأمريكي بعد طرحه للتصويت من قبل السيناتور الجمهوري تيم سكوت والديموقراطي بوب كايسي ، وكان هذا التطوير عندما تم توسيعه ليشمل ” معادات السامية ذات الصلة باسرائيل ” ، ويشمل هذا القانون حتى أي خطاب يشيطن الكيان الصهيوني أو ينزع عنه الشرعية.
علماً أنه و لو عدنا تاريخياً فإن ما يسمى بقانون معاداة السامية قد نشأ في أوروبا بسبب اتهام المسيحيين اليهود بصلب السيد المسيح واضطهاد تلامذته وكذلك اتهامهم بتسميم آبار المسيحيين والتضحية بالأطفال كقرابين بشرية ، وكذلك سرقة خبز القربان و تدنيسه.
وكانت كل هذه التهم السبب الرئيسي لطرد اليهود إلى شرق ووسط أوروبا وبلاد المغرب العربي.
إلى أن أصبح في يومنا هذا كل من يكذب المحرقة اليهودية ” الهولوكوست ” أو يشتم الكيان الصهيوني أو يكشف حقائق إجرامه وكذبه أو يرفض احتلاله للأراضي وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه بأنه معادي للسامية ، وتتم ملاحقته ومقاضاته وطرده من وظيفته وتشويه صورته إن كان فرداً ، الأمر حاله مع الدول التي تنتهج حكوماتها وقياداتها هذا الفكر تجاه الكيان الصهيوني وداعميه فتتم محاربته وتدميره وحصاره سياسياً واجتماعياً وإقتصادياً وعسكرياً.
وحيث أننا جميعاً لا نختلف أبداً بحقيقة نشوء الكيان الصهيوني في فلسطين عبر وعد بلفور والأهداف الإستعمارية الاساسية من إنشائه، وبين نشأة الكيان الوهابي عبر الحكومة البريطانية نفسها وبدعم وتخطيط جهاز الاستخبارات البريطاني الخارجي MI6 وكيف تمت رعايته ومده بالرجال والسلاح والأموال ليقف على قدميه وتثبيت زرعه في قلب الأمتين العربية والإسلامية عبر قبيلة بني سعود ذات الأصول اليهودية، والتي لا ينقضها كل عاقل قرأ وسمع وثيقة الولاء والطاعة التي وقعها وختم عليها الملك عبد العزيز والتي يعلن فيها أحقية “الشعب اليهودي المسكين” في أرض فلسطين , وبأنه على العهد لا يخرج عن أمر التاج البريطاني، والوثيقة منشورة ومعروفة للجميع.
كل هذا السرد أعلاه يفسر ما نراه اليوم من إشهار صك الزواج الصهيووهابي للعلن عبر أمراء بني سعود وضباط استخبارات الكيانين و “مفكريهم”.
ولذلك فإن أهمية كلا الكيانين بالنسبة للغرب هو على قدر محدود من التساوي وتميل فيه الأرجحية لصالح الكيان الصهيوني ، مع أهمية الكيان الوهابي ، ودور كلا الكيانين الفعال في تدمير الأمتين العربية والإسلامية وتفتيتها ونهب مقدراتها والقضاء على كل دولة ترفض الخنوع والخضوع للسيطرة الصهيوأمريكية والغربية.
وقد بدأ مؤخراً ظهور مشابه لمعاداة السامية غير معلن رسمياً ولكنه مطبق فعلياً في كل دول الإعتلال العربي هو قانون ” معاداة السعو-وهابية ” ، بحيث يتم محاسبة ومحاربة كل دولة أو مؤسسة أو شخصية سياسية أو إعلامية أو نيابية وترفع عنها الحصانات وحتى الجنسيات لمجرد انتقادها للسعو-وهابية ، كما حصل مع العديد من النواب الكويتين والبحرانين ورجال إعلام و موسسات إعلام خليجية وعربية، وكذلك تمت توجيه التهم للعديد من الحقوقين والإعلاميين المصريين الرافضين للتسلط والتدخل السعودي في بلادهم، ولرفضهم تنازل القيادة المصرية عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية وعبرهم للكيان الصهيوني.
ولعل السبب الرئيسي والأهم لمثل هذه التصرفات من قبل حكومات وقادة دول الإعتلال العربي وعلى الرغم من وجود فوراق هائلة بينها وبين قبيلة بني سعود علمياً وحضارياً وتاريخياً ثقافياً، هو اتقاؤها لشر قبيلة بني سعود المؤسسة والداعمة والممولة للمجاميع الإرهابية في العالم، وخشية تلك الحكومات من معارضة قرارات قبيلة بني سعود لئلا تستخدم تلك المجاميع الإرهابية الوهابية في تدمير تلك الدول كما تفعل في سورية والعراق واليمن وليبيا وافغانستان وغيرها من الدول، وبأن هذه التصرفات من قبل تلك الحكومات الخانعة ليس إيماناً بصوابية وحكمة قيادة قبيلة بني سعود، بل أنه كمثل الذي يعبد الشيطان ويطيعه خوفاً منه واتقاءاً لشره.
وبناءاً على ما تقدم فإننا وبكل فخر فإننا كمعادون للسامية الصهيونية ومعادون للسعوهابية نرى أنه إن أرادت هذا الأمة النهوض والخلاص من الكوارث التي تحيق بها والظلم والقتل والتدمير ونهب الثروات والقضاء على الإرهاب والفكر الإرهابي الوهابي وإزالة الكيان الصهيوني من الوجود لا بد لنا من تحرير مكة قبل القدس ، حتى يكون الطريق سالكاً ومعبداً للقضاء على الكيان الصهيوني ورميه في البحر.

شاهد أيضاً

قميحة: “انعقاد الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني خطوة مهمة في مسيرة التطوير والتحديث”

رأى رئيس معهد طريق الحرير للدراسات والابحاث – كونفوشيوس، رئيس جمعية “طريق الحوار اللبناني الصيني” …