بطلة شطرنج عالمية تدعو للمقاطعة وجاهزة للانسحاب.. من هي؟

الكاتب عبدالله ذبيان

جيسيكا قبيسي من الجنوب اللبناني الرافد للعزة والأمل رغم الألم.. إحفظوا هذا الإسم جيداً، ابنة الـ 8 سنوات تصنّف أولى عالمياً، بعد تحقيقها لقب “بطلة لبنان” في لعبة الشطرنج.

من معجن التراب المعفّر بالشهادة والتضحيات والتاريخ المجيد التليد، وعلى ربى الجنوب اللبناني توأم فلسطين المرفول بالعزة والخيلاء والكرامة، ولدت طفلة أمست بطلة لبنان في الشطرنج من بلدة أنصار الشهيرة برجالاتها وبمعتقلها الشهير الذي عرف البأس وقوة الشكيمة وتحدّى المحتل في معسكر الظلام الإسرائيلي.

براءة عيون الأطفال تشي بالتصميم فتأتينا بالخبر اليقين.. فأبداً ما أفل نجم شعب تعاهد على الصمود والبذل، لا يترك المطرقة ولا المعوّل والمنجل، ولا الريشة و لا القلم، هو قطعاً لا يبرح سلاحه، فـ “الذئب الإسرائيلي” طامع دائماً بالأرض التي خرج منها مدحوراً  ذات ليل تحت جنح الخيبة..

جيسيكا قبيسي.. إحفظوا هذا الإسم جيداً، فابنة الـ 8 سنوات تصنّف أولى عالمياً، بعد تحقيقها لقب “بطلة لبنان” في لعبة الشطرنج.

والطفلة تسجّل رقماً في الاتحاد الدولي للشطرنج، حيث يُخصص الاتحاد أرقاماً للاعبين في جميع أنحاء العالم، وهم يحصلون على رقم دولي يستخدمونه أثناء مشاركتهم في المباريات، ويتلقون نقاطاً وفقاً لحجم البطولة التي يشاركون فيها.

و جيسيكا تحمل لقب المصنفة الأولى في العالم في فئتها العمرية على مستوى العالم. بفضل نقاطها، فهي الفتاة الأكثر تصنيفًا في فئات الشطرنج الـ 3: (السريع، الخاطف، والكلاسيكي).

الميادين نت منوعات واكب فوز ابنة الجنوب اللبناني الذي يتعرّض لعدوان إسرائيلي غاشمٍ دائم، وتواصل مع مدربها مسلم نصر الله وجمعية “كلمات” الرائدة التي تنظّم نشاطاتها وأيضاً مع ذويها.

تكريم “الميادين أونلاين” للبطلين شربل وناديا

“أكبر من عمرها”.. رغم طراوة عودها، وبراءة مبسمها.. ومن معين “تشبّعها أصالة وصلابة وكرهاً للعدو الغاصب”، تُقاطع جيسيكا البضائع الأميركية، ولا تتردد أبداً في الانسحاب من أي دورة عالمية تشارك فيها “لاعبة إسرائيلية”،  كما فعلت بطلة لبنان في الشطرنج ناديا فواز (11 عاماً) التي سبق للميادين أونلاين أن كرّمها على موقفها الوطني العروبي مع بطل ألعاب القوى شربل أبي ضاهر، لانسحابهما من المسابقة العالمية ورفضهما اللعب مع لاعبيّ العدو.

https://x.com/AlMayadeenNews/status/1569646528658112515

يشرح مدربها مسلم نصر الله  قائلاً  إن “جيسيكا أحرزت لقب بطلة لبنان تحت الـ 8 السنوات إناث وهي لم تتخط  الـ 6 سنوات ونصف لسنة  2024، بعد أن كانت حصلت السنة الماضية على بطولة لبنان تحت الـ 6 سنوات إناث”.

“رقم صعب” في اللعبة!

و “حافظت اللاعبة اليانعة بذلك على لقبها وأثبتت أنها ستكون رقماً صعباً في هذه اللعبة على الرغم من وجود لاعبات باشروا اللعب قبلها بسنوات، إلا أن موهبتها وعزمها على الفوز كانا على موعد رفع كأس البطولة. ولا يمكن كأهل أن ننكر الفخر والاعتزاز الذي نشعر به لما وصلته جيسيكا والمسؤولية والأهداف التي تضعها لنفسها بهذا العمر الصغير”.

ويقر الجميع أن “صناعة بطل هو أمر غير سهل، فهناك الكثير من العوامل التي يجب ان تكون متوفرة و أهمها الموهبة التي من خلالها يتم صقل الخامة الموجودة، وهذا تحقق عبر فريق عمل متكامل داخل جمعية كلمات التي تعتبر “الأب الروحي” لجيسيكا والداعم المعنوي والمادي الأول لها، فقامت بتوفير أمهر المدربيين لها”.

كانت الجمعية المذكورة “مؤمنة بقدرات جيسيكا على إحراز البطولة، كما كانت مؤمنة بالعديد من المواهب داخلها،  فقامت بوضع جدول تدريبي على مدى شهرين تقريباً قبل البطولة وبدأ الاستعداد من خلال تكثيف التدريبات والدروس اللازمة ليصبح لاعبوها جاهزين”.

برنامج نفسي وغذائي

والملفت للنظر أن برنامج التدريب لم يقتصر فقط على العملي بل انتقل إلى الشق الغذائي وتعريف اللاعبين ومن ضمنهم جيسيكا على جميع الأطعمة الصحية التي تساعد على التركيز والصفاء الذهني بالإضافة إلى النوم باكراً وفوائده..

كما تم الاستعانة بأمهر الاساتذة بلعبة الشطرنج في لبنان للاستفادة من خبرته في المجال والذي كانت حصته لها وقع جيد على مجريات التدريب، ولا ننسى الحصة الأهم والتي ساهمت بشكل كبير بفوز جيسيكا وهي الحصة التي قام بتحضيرها المدرب ومنسق الشطرنج في “كلمات” مسلم نصر الله والتي تتناول الشق النفسي وقت المباريات  ومنها:

-عدم الاستهانة  أو الخوف من الخصم.

– عدم الفرح مبكراً خلال المباراة وانتظار نهاية الجولة، وغيرها من العوامل النفسية التي تؤثر على أداء اللاعب”.

وخلال البطولة كان هناك متابعة يومية من قبل المدرب لما بعد الجولات والتحضيرات لكل جولة وذلك من أجل ضمان الفوز.

الشغف هو البداية

يقول نصر الله “أهم عامل جعل جيسيكا تفوز بالبطولة هو شغفها بلعبة الشطرنج فهي تواظب على التمرين يومياً من دون كلل أوملل، تزاوجَ مع الإصرار على الفوز بوجود فريق عمل متكامل دعم هذه الموهبة وقدم ما يلزم للوصول الى اللقب”.

تم اكتشاف موهبة جيسيكا في الشطرنج على يد اللاعبة والمدربة ضمن فريق “جمعية كلمات” للشطرنج سارة نصر الله والتي كانت أول من قام بتدريبها و مع تطور مستواها،  انتقلت عملية التدريب إلى اللاعب والمدرب مسلّم نصر الله والذي يشرف الآن على تدريبها.

دور الأهل كان أساسياً  من “خلال  التحفيز المستمر ومتابعة تعليمات مدربها خلال التدريب اليومي المنزلي بالإضافة الى مساعدة شقيقها الذي يكبرها بـ 6 سنوات، ثم مواكبتها إلى جميع البطولات المتاحة على مختلف الأراضي اللبنانية،  فقد لعبت جيسيكا إلى اليوم أكثر من 37 بطولة كانت في جميعها من الأوائل ضمن فئتها العمرية.

بالاضافة إلى متابعتها بطولة أسبوعية مصغّرة في” كش مــات” مع أهم اللاعبيين في لبنان باشراف أكاديميتها ومدربها.

قبيسي لأطفال لبنان والجنوب: لاحقوا أحلامكم

طالبت جيسيكا رفاقها وجميع أطفال لبنان وخاصة في الجنوب المقاوم والتي هي منهم، “بملاحقة أحلامهم وإلى السعي إلى اكتشاف مواهبهم”، وقد وجهت رسالة للأهل “كي يتابعوا أولادهم ويعملوا على اكتشاف مواهبهم في شتى المجالات” فهي تقول أن “لكل طفل حلم ويجب عليه أن يسعى إلى تحقيقه كما تعمل هي على تحقيق أحلامها بأن تصبح واحدة من أفضل لاعبي الشطرنج محلياً وعالمياً”.

جيسيكا المقاطعة للبضائع: سأفعل مثل ناديا فواز

يذكر أن الطفلة البطلة جيسيكا كانت تطلب وجبات الأكل السريع للاطفال من سلسلة مطاعم عالمية معينة،  ولكن مع بداية الحرب على غزة وعلى الجنوب اللبناني، والجنون الذي أصاب العدو عبر قتل الأطفال، عرفت بأن سلسلة المطاعم تدعمه، فامتنعت عن شراء وجبتها المفضلة، بل ذهبت أكثر من ذلك فقد قامت بمقاطعة الكثير من المنتجات لشركات داعمة للعدو.

ويوضح المدرب “من هنا أريد أن أوضح أن “جيسيكا ابنة لبنان المقاوم وابنة الجنوب المقاوم وابنة العروبة الأصيلة فهي قد ترعرعت في الجنوب وتشبعت أصالته وصلابته وكرهه للعدو الغاصب، وما يحدث الآن خير دليل على أنها لن تتأخر في فعل ما فعلته البطلة ناديا فواز (عدم اللعب مع “إسرائيلي”) من تلقاء نفسها وليس بطلب منا ومن أولياء أمرها”.

بطولتان محليتان خلال أسبوع

لم تكتفِ جيسيكا وذلك بتوجيه من جمعية “كلمات” ومدربييها ببطولات الفئات العمرية بل ذهبت أبعد من ذلك من خلال مشاركتها ببطولات مفتوحة مصنفة دولياً، واستطاعت في أسبوع واحد  المشاركة في بطولتين محليتين مختلفتين، مع  إحراز التصنيف الأول عالمياً لفئتها العمرية بـ “الشطرنج السريع” والثالث بـ “الشطرنج الخاطف”.

أصبحت جيسيكا ملهمة للكثير من الأطفال للدخول إلى عالم الشطرنج وهي رفعت اسم لبنان عالياً في المحافل الدولية حيث قامت مؤخراً باحراز التصنيف الثاني بالشطرنج الكلاسيكي لفئتها العمرية ووضعت علم بلادها في مقدمة أهم الدول التي تعمل ليلاً نهاراً على تطوير اللعبة . وبذلك جسدّت قصة صمود جديدة للبنان والجنوب فبالرغم من كل الصعوبات التي يمر بها البلد ما زال أطفاله يثبتون انفسهم ويصنعون مجده”، يوضح نصر الله.

جيسيكا تمارس الكثير من النشاطات وذلك ضمن الجمعية من ضمنها علوم “الروبوت” و “ستيم”  والحساب الذهني إلا أنها تحب حصص الرسم والاشغال اليدوية والتي تبدع بها كابداعها بالشطرنج بل أكثر.، وتمضي الكثير من الوقت بممارسته”.

خطة عمل طويلة

مدرب جيسيكا  يقول إننا “نعمل ضمن خطة عمل طويلة المدى لتحقيق المزيد من البطولات محلياً , إقليمياً , و عالمياً.إيماناً منا بالموهبة و قدرات جيسيكا و الثقة في آداء فريق العمل و الداعمين لها , بالإضافة السعي لتحقيق لقب (Master) في عالم الشطرنج  والتصنيف رقم 1 عالمياً للاعبات مواليد 2017 في الشطرنج السريع، بحسب موقع الاتحاد الدولي للشطرنج.

أما عن مشاريعها مستقبلاً،  فهي تسعي إلى تطوير مهارتها في الشطرنج والحصول على لقب ( International Grandmaster ) أي  أعلى لقب يمكن أن يحققه لاعب الشطرنج، وأن تستغل موهبة الرسم والأشغال اليدوية لتصبح مصممة أزياء.

شاهد أيضاً

بعضها ساعدت في البحث.. أبرز الدول التي “دعمت” إيران بعد حادثة مروحية رئيسي

أثار حادث المروحية التي كانت تقل الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، الأحد، ردود فعل واسعة حول …