قوس قُزح

د٠ عباس وهبي

إنّني على يقين ، وأشعر في كثير من الأحايين أنّنا نعيشُ على جمر الحياة ، لكنّنا رغم ذلك نُطلُّ من نوافذَ على بساتينَ من الزهر لا بل على بساتين من الإبداع والنبوّة حيثُ نبتت الحكمة ، و أثمر الوعيُ والفعلُ لأنّنا نرفضُ اليأسَ و نلتحفُ بالأمل… فالظروف التي تحيقُ بنا على مختلف الصعد هي ظروفٌ خانقة ، فهل هناك أمقتُ وأصعبُ من أن ترى مجزرةً قام بها عدوٌّ لئيمٌ ، و أن ترى أطفالاً محروقين و مُقطّعين ، وأن ترى شعباً جائعاً مُدمّراً في غابةٍ متوحشة يسودها الصمتُ ؟! و رغم ذلك “لا نرى إلّا جميلا “! لأنّنا نرى الجمال في صمودِ هذا الشعب ، و في بطولاتِ الصناديد و في بذلِ أنبلِ الناس ، و في صمود شتلةِ التبغ ، أو في إبداعات براعمنا ، أو عند سماع خرير المطر ، أو في قلعةٍ أثرية ما انفكّت تفوح منها روائح المجد والتاريخ ، لا بل عندما نُقوّمُ سيرورة التاريخ لأنّنا نحنُ الذين نمرّ على الزمن الجامد ، ونحنُ الذين نُشاركُ في صنع الأحداث…وأمّا الحقيقة فلا نراها إلّا من عدسة تقلّب الأحوال و رقصها على واقعٍ يبدو لأول وهلة أنّه طوفانٌ ما بعده طوفان ! و هل من الحقّ والحكمة أن نُفضّل ما يؤذي على ما يرحم ؟!
تلك هي المشكلة التي تُجابهنا بين فينة وفينة لأنّنا هائمون على تيّار قد يُضلّلنا الطريق… ولكنّ الغبطة و السكينة قد تُداهماننا لتنشلانا من الغرق عندما نُقدّر عُظماءنا ، وعندما نزرع سنابلَنا ، و نشدّ أوزار المزن لكي تبدأ دورة الحياة رغماً عن شياطين فاغرة الفاه … على أمل انبلاج قوس قُزحٍ يُزيّنُ سماءنا بالنصر … والنصرُ لا يكونُ على الأعداء فحسب ، بل و على المستحيل أيضاً !

شاهد أيضاً

سلسلة ثقافة الأدب الشعبي وثيقة إحياء الأصالة عن تراث (ج /٣٣)

الباحث الثقافي وليد الدبس الأدب الشعبي و صفر دائرة الثقاقة السياسية _ تعتبر الثقافة صفر …