إدريس للصفحة الأولى: إيران لا تسعي لحرب إقليمية وأمريكا كذلك والكيان الإسرائيلي يتفكك

هل نجح الهجوم الإيراني على الكيان الإسرائيلي، مع محدوديته، في تحقيق أهدافه التي رسمتها طهران، وما أهداف النظام الإيراني من الضربة التي وجهتها، والتي وصفها البعض بالمسرحية، بينما احتفت بها أطراف أخرى في المنطقة، وهل يمكن أن يستمر التصعيد في المنطقة وصولا إلى حرب إقليمية شاملة تتورط فيها الولايات المتحدةفي مواجهة إيران، وما موقف روسيا والصين حال استهداف حليفتهما إيران بشكل مباشر؟ تلك الأسئلة وغيرها، يجيب عنها الدكتور محمد السعيد إدريس، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، رئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب السابق، في حواره مع موقع الصفحة الأولى.

 

تفاهمات غير رسمية

وقال “إدريس” إن القاعدة الأساسية التي كانت ملتزمة بها إيران منذ طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي، من خلال تفاهمات غير رسمية مع الولايات المتحدة الأمريكية، بعدم توسيع الحرب الإقليمية، بعد أن تأكدت واشنطن من أن طهران ليست طرفا مباشرا في عملية طوفان الأقصى، وتفهمت إيرانالرسائل الأمريكية بردع إيران عن طيق تكثيف الوجود العسكري الأمريكي والبريطاني، وحاملات الطائرات التي رست أمام الساحل اللبناني، في الوقت الذي دخل حزب الله في لبنان والمقاومة الإسلامية في العراق والحوثيين في اليمن على خط المواجهة، ولكن دون أن تدخل إيران بشكل مباشر، واستمر ذلك الوضع، حتى كسر الكيان الإسرائيلي هذه المعادلة، من خلال ضرب القنصلية الإيرانية في دمشق.

 

مصلحة إسرائيل في ضرب إيران

وأضاف “إدريس” أن الكيان الإسرائيلي صاحب مصلحة عليا في ضرب إيران، لتحقيق أكثر من هدف، الأول هو الهروب من فشل جيش الاحتلال في غزة، من خلال لفت الأنظار إلى منطقة اخرى، والهدف الثاني هو توريط واشنطن في الحرب مع إيران، لتوسيع الصراع إلى حرب إقليمية إيرانية أمريكية، وليست حرب إيرانية إسرائيلية، حتى تستكمل حربها على قطاع غزة، وتفرض فيها أمر واقع جديد تحت ستار الحرب الإقليمية الأخرى، والهدف الثالث هو درء الخطر الإيراني والقضاء عليه، وصولا إلى تدمير القدرات النووية الإيرانية، وتلك هي الأهداف الحقيقية من الضربة الإسرائيلية للقنصلية الإيرانية في دمشق.

ولفت إلى أن التصور الإسرائيلي تمحور حول جر إيران لتنفيذ ضربة كبيرة ضدها، وبالتالي تستفز أمريكا لتدخل كطرف مباشر في الحرب، أو الصمت الإيراني وعدم الرد، وبالتالي تفرض تل أبيب معادلة جديدة للقوة، وهي أن إسرائيل تضرب وتعتدي بدون أن تتلقى ردا.

ضربة محسوبة تؤدي الغرض الإيراني

وأوضح أن ما حدث، هو ضربة محسوبة تؤدي الغرض الإيراني، وهو رد الاعتبار أولا لقواعد الاشتباك وأن أي اعتداء على الأراضي الإيرانية يعني الرد بقصف مباشر للكيان الإسرائيلي، ما يعني استعادة الخطوط الحمراء مرة أخرى، وثانيا أن الهجوم الإيراني تم حسابه على نفس وزن الخطر والتهديد الذي حدث لطهران، من خلال استهداف مواقع عسكرية معينة، وخاصة تلك التي ساهمت في قصف القنصلية في دمشق، وبالتالي فإن تحجيم الضربة كان مقصودا لتؤدي الغرض، مع التصريح الإيراني الحاسم، بأن أي تدخل من قبل واشنطن معناه استهداف القواعد الأمريكية في المنطقة، مع تهديد الدول الخليجية بعدم تقديم أي مساعدة أو تسهيلات.

 

أمريكا تعود لفرض الموقف

وبعد إتمام الضربة الإيرانية، عادت أمريكا لتفرض الموقف، وهو عدم الرد الإسرائيلي، حتى الآن، لعدم توسيع الحرب، وبالتالي فيمكن تصنيف ما حدث، بأنه ضربة أمام ضربة، لتعود قواعد الاشتباك كما كانت، لأن إيران أيضا حريصة على عدم توسع الصراع إلى حرب إقليمية، وهو ما ضغط الرئيس الأمريكي جو بايدن لتحقيقه، من خلال مكالمة هاتفية طويلة مع بنيامين نتنياهو.

 

تناقض المصالح الإسرائيلية والأمريكية

وردا على سؤاله حول مدى احتمالية استمرار الكيان الصهيوني في سعيه لتوريط إيران وأمريكا في حرب شاملة، قال “إدريس” إنه لأول مرة في تاريخالاحتلال يحدث تناقض بين المصالح الإسرائيلية والأمريكية، وتتحول تل أبيب إلى عبء على واشنطن، وهو ما يمثل خطرا على الاحتلال، ويفسر حالة الهلع التي يعيشها الكيان الإسرائيلي، وهروب سكانه عبر التزاحم على المطارات، ما يعني أن الكيان يتفكك، مع تزايد الضغوط على نتنياهوالذي أصبح يلفظ أنفاسه الأخيرة، خاصة إذا لم يستطع الرد على الهجوم الإيراني، وأن التغيير آت في الكيان الإسرائيلي.

وكشف مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عن أن هناك تراجعا إسرائيليا عن دخول رفح الفلسطينية، كما ان الهجوم الإيرانيسيؤدي إلى تخفيف العدوان على قطاع غزة، كما أن الشعب الفلسطيني كان سعيدا برؤية الطائرات والصواريخ الإيرانية وهي تحلق في السماء، وخاصة أثناء مرورها فوق مسجد قبة الصخرة في مشهد لا ينسى.

وأضاف أن إيران في الفترة الأخيرة تعرضت من الداخل لضغوط شديدة من التيار الإصلاحي، ولكن بعد الهجوم الأخير، عاد التيار المحافظ ليثبت مكانته وقوته، كما أصبح للحرس الثوري كلمة كبيرة في الدولة، خاصة بعد الحرب النفسية والإعلامية الشديدة التي تعرضت لها البلاد، وأن هناك ثورة ملونة تقوم في إيران.

وعن المشهد الدولي الحالي، قال الدكتور محمد السعيد إدريس، إن اللعبة الأمريكية تهاوت في روسيا، وإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أصبح أقوى، وفاز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة وسيبقى في السلطة لسنوات مقبلة، وبالتالي سيستمر الدعم الروسي لإيران، خاصة بعد الموقف الأمريكي المخزي في مجلس الأمن ورفضها إدانة العدوان على القنصلية الإيرانية في دمشق، وأن تل أبيب لجأت للمنظمة الدولية للشكوى من الهجوم الإيراني، متوقعا ان روسيا ستستخدم حق النقض الفيتو، ضد أي إدانة دولية للضربة التي وجهتها طهران.

 

علاقات استراتيجية

وأشار إلى أن إيران دخلت في علاقات استراتيجية مع الصين وروسيا، وان طهران انضمت كعضو عامل في منظمة شنغهاي للتعاون، وبالتالي فإن كلا من بكين وموسكو لن يسمحا باستهداف طهران أو التصعيد ضدها، كما ان الرئيس فلاديمير بوتين حذر من أنه في حالة ضرب إيران، فإن روسيا لن تكون خارج المعادلة، وبالتالي فإن الأمور تسير نحو الأفضل، وأن العتمة بدأت في التلاشي.

 

دعم المقاومة

ودعا “إدريس” إلى دعم المقاومة في فلسطين، ودعم الصمود العربي، لأن اللوبي الإسرائيلي والأمريكي ليس سهلا أو بسيطا، وهو مدرب ومتغلغل، ومتخصص في غسيل الأدمغة وتسويق النموذج الأمريكي، والترويج دائما للدعاية بأن أمريكالا تغلب وأنها رقم 1 في العالم، وأن من يريد النجاح عليه التعلق بالقطار الأمريكي، من خلال سياسات التكيف الهيكلي للاقتصاديات العربية، وأن الديمقراطية الليبرالية هي مفهوم الحرية الوحيد ووسيلة النجاة، وأن هذه المدرسة فرخت الآلاف من مريديها.

 

شاهد أيضاً

نبوءة الغراب بزوال الكيان

احمد الشريف  قبل فترة ليست بطويلة من حدوث عملية طوفان الأقصى يوم 7أكتوبر من العام …