“الخدمات الرقميّة” و”حراس البوابة”.. قانونان جديدان لترويض عمالقة التكنولوجيا

“حارس البوابة” تعبير يطلق على الشركة التي تتمتع بوضع قوي وراسخ في مجال الاقتصاد الرقمي بالاتحاد الأوروبي.

 

دخل قانونان رئيسان لتنظيم أنشطة المنصات الرقميّة حيز التنفيذ مؤخرًا في الاتحاد الأوروبي؛ وهما: قانون الأسواق الرقميّة يركز على المنافسة بين الشركات الرقميّة العملاقة، وقانون الخدمات الرقميّة الذي يتناول المحتوى الذي تقدمه المنصات الكبرى، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

جاء هذا الإجراء الأحدث في هذا الإطار، مع نهاية شهر مارس/آذار الماضي، عندما فتحت المفوضية الأوروبية تحقيقات مع شركات آبل وألفابت (الشركة الأم لغوغل) وميتا على خلفية الاشتباه في عدم امتثالها لقواعد المنافسة الخاصة التي ينص عليها قانون الأسواق الرقميّة. وجرى الإعلان عن إجراء التحقيقات بعد أسبوعين فقط من دخول قانون الأسواق الرقميّة حيز التنفيذ في السابع من مارس/آذار الماضي، وهو ما أظهر بوضوح أن “الامتثال لقانون الأسواق الرقميّة أمر نأخذه على محمل الجد”،  بحسب ما ذكرته مفوضة شؤون المنافسة بالاتحاد الأوروبي مارجريت فيستاجر.

لكن كان لصُناع التكنولوجيا نظرة مختلفة، حيث يرى دانييل فريدليندر رئيس رابطة صناعة الحاسوب والاتصالات في أوروبا “سي سي آي إيه” أن: “توقيت الإعلان عن التحقيقات، في خضم ورش الامتثال لقانون الأسواق الرقميّة المنعقدة حاليًا، جعل الأمر يبدو وكأن المفوضية الأوروبية تسبق الأحداث”.

جرت صياغة قانون الأسواق الرقميّة بهدف تنظيم الممارسات التنافسية للمنصات الكبرى، والتي تعدها المفوضية الأوروبية “حراس البوابة” في مجال الاقتصاد الرقمي. و”حارس البوابة” هو تعبير يطلق على الشركة التي تتمتع بوضع قوي وراسخ في مجال الاقتصاد الرقمي بالاتحاد الأوروبي، وهي تعمل وسيطًا بين كثير من المستخدمين وبين الشركات.

أما قانون الخدمات الرقميّة، والذي يعد التشريع الشقيق لقانون الأسواق الرقميّة، فهو قانون لمراقبة المحتوى يجبر المنصات الرقميّة على بذل المزيد لمواجهة المحتوى الضار وغير القانوني. وبدأ في أغسطس/آب 2023 تطبيق المرحلة الأولى من قواعد قانون الخدمات الرقميّة على “المنصات الكبيرة جدا” وعلى “محركات البحث الكبيرة جدا” عبر الإنترنت التي تخدم أكثر من 45 مليون مستخدم شهريًا في الاتحاد الأوروبي. ودخلت قواعد المنصات الأصغر حجما حيز التنفيذ في فبراير/شباط 2024؟

بمقتضى قانون الأسواق الرقميّة، حددت المفوضية الأوروبية 6 شركات من “حراس البوابة”، وهي: ألفابت، وأمازون، وآبل، وتيك توك المملوكة لبايت دانس، وميتا، ومايكروسوفت، ضمن المستهدفين بالقانون. كما حددت المفوضية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، في هذا الإطار 22 خدمة رقمية متميزة منصات ومحركات بحث كبيرة جدًا، بموجب قانون الخدمات الرقميّة.

يشمل هذا الرقم جميع “حراس البوابة” بحسب قانون الأسواق الرقميّة، وهي 5 محركات بحث تعود لشركة غوغل (بحث غوغل وغوغل بلاي، وخرائط غوغل وغوغل للتسوق ويوتيوب)، ومنصتا فيسبوك وإنستغرام (من ميتا)، وبينج من مايكروسوفت، ولينكدإن (مملوكة أيضا لمايكروسوفت)، وتيك توك، ومتجر أمازون للتجارة الإلكترونية، وآبل آب ستور (متجر آبل للتطبيقات).

كما يصنّف قانون الخدمات الرقميّة منصة إكس (تويتر سابقا) على أنها منصة كبيرة جدًا على الإنترنت، وهي تخضع للتحقيق بالفعل بسبب انتهاكات مشتبه بها للقواعد. ولمّا يُحدد بعد بأن إكس “حارس بوابة” بمقتضى قانون الأسواق الرقميّة، مع أن الشركة أخطرت المفوضية الأوروبية بأنها مستوفية للمعايير في هذا الشأن.

في موضوع إخضاع شركات التكنولوجيا الكبرى للتدقيق على خلفية مخاوف بشأن المنافسة وفي سياق التحقيقات الجديدة بمقتضى قانون الأسواق الأوروبية، تشتبه المفوضية الأوروبية في أن شركتي غوغل وآبل لم تتخذا إجراءات فعالة تسمح لمطوري تطبيقات الهاتف المحمول بإبلاغ المستخدمين بعروضهم خارج متاجر التطبيقات الخاصة بـ”حارسي البوابة”، والتي تقتطع جزءًا من جميع المعاملات.

كما تشتبه المفوضية في أن شركة غوغل تعطي أفضلية لخدماتها الخاصة في ما يتعلق بنتائج البحث الخاصة بها، على سبيل المثال: إعطاء “جوجل للتسوق” أولوية على حساب الخدمات المنافسة.

علاوة على ذلك، تجري المفوضية تحقيقا مع “ميتا” بشأن سياسة الشركة التي طبقتها مؤخرا، والتي تطلب من المستخدمين بمقتضاها الاختيار بين الدفع مقابل الوصول وبين الموافقة على مشاركة البيانات الشخصية الخاصة بهم مع خدمات الشركة، مثل فيسبوك، وإنستغرام من أجل استخدامها في الإعلانات المستهدفة. وتسعى المفوضية كذلك إلى “توضيح” ما إذا كانت شركة أمازون تعطي أفضلية للمنتجات التي تحمل علامتها التجارية الخاصة، وما إذا كان هيكل الرسوم الجديد لمتجر تطبيقات شركة آبل يتوافق مع قانون الأسواق الرقميّة.

كما تعتزم المفوضية الانتهاء من تحقيقاتها خلال 12 شهرًا، ومن الممكن أن تتعرض الشركات التي يتبين أنها خرفت قانون الأسواق الرقميّة لغرامات تصل قيمتها لنحو 10% من إيرادتها السنوية، أو 20% حال تكررت الانتهاكات. واستخدمت المفوضية الأوروبية الشهر الماضي صلاحياتها التي يخولها لها قانون الخدمات الرقميّة، لمطالبة تيك توك وفيسبوك وإنستغرام، وإكس وغوغل سيرش، ويوتيوب، وسناب شات، وبينج بتوضيح التدابير التي تتخذها كل منها لإدارة المخاطر الناشئة عن المحتوى الناجم عن استخدام الذكاء الاصطناعي، مثل التزييف العميق.

تأتي مطالبة هذه الشركات باتخاذ إجراءات ضد المخاطر التي تتعلق بالذكاء الاصطناعي في إطار مجموعة من الإرشادات المنشورة بموجب قواعد تخفيف المخاطر الخاصة بالمنصات الكبيرة، ضمن قانون الخدمات الرقميّة. وتخاطر الشركات التي يثبت أنها انتهكت قواعد تخفيف المخاطر بالتعرض لغرامة تصل إلى 6% من إيراداتها السنوية على مستوى العالم. وكان أمام الشركات التي يشملها طلب المفوضية للحصول على معلومات مهلة حتى 5 أبريل/نيسان للإجابة على الأسئلة المتعلقة بحماية الانتخابات، وحتى 26 أبريل/نيسان للباقي.

وكما هو الحال مع جميع لوائح الاتحاد الأوروبي، كان لا بد من تحويل قانون الخدمات الرقميّة إلى قانون وطني، أي يطبق في كل دولة عضو. وأثار ذلك جدلاً في بعض الأوساط، بما يشمل اتهامات بأن القانون من شأنه أن يؤدي إلى رقابة مفرطة وإلى قمع المحتوى غير القانوني من الناحية الفنية.

المصدر : الألمانية

شاهد أيضاً

نبوءة الغراب بزوال الكيان

احمد الشريف  قبل فترة ليست بطويلة من حدوث عملية طوفان الأقصى يوم 7أكتوبر من العام …