أدباء وشعراء

إعداد وحوار الشاعرة رانية مرعي

الشاعر مصطفى سبيتي مواليد بلدة كفرصير في قضاء النبطية جنوب لبنان .
يمتلك ثقة كبيرة بنفسه وعطاءاته غير المحدودة وهو بحق أحد أهم ركائز الشعر الفصيح في هذا الوطن.

له خطه وأسلوبه الخاص المتفرّد في التعبير عن هيامه ومكنونات فؤاده بصور شاعرية وتعبيرية كما عن قضايا الوطن والمواطن .

شاعر لا تغريه الألقاب، تجربته عميقة وحضوره آسر ، كتبَ بالضّاد أجمل القصائد التي تحمل الكثير منه .

الشاعر مصطفى سبيتي:

الشعر احد العناصر الهامة في صهر المواطنين وتحاببهم.

*ما هو أثر ثقافة الشاعر على نصوصه؟

 
الثقافة هي حركة الفكر في المفاهيم, حركة صيرورة لا انقطاع فيها. لولبية متصاعدة تبدأ كل حلقة منها حيث تنتهي سابقتها. وهي تشمل كل ضروب المعرفة.

والمثقف عمومًا صنفان: المتفاعل معها ايجابًا يعمل على دفعها إلى الأمام. والمتفاعل معها سلبًا يعمل على تثبيتها ومنعها من التقدم.

إذًا المثقف لا يكتفي باكتناز المعرفة بالنقل او التلقين بل يتعامل مع المفاهيم بمنهج نقدي يقوي من خلاله ملكة الابداع لديه.

والشاعر يغترف أفكاره من معين الثقافة، والأفكار هي أرواح القصائد. من دونها يصير النص نظمًا لمفردات ولصور ولإيقاعات. وكلما رحب معين الشاعر جاءت قصيدته جزلة كثيفة لها أثر في المتلقين وإلا كانت طربية مؤنسة لحظة سماعها ثم تتبدد.
 
*كيف ترى أحوال الثقافة الراهنة في بلادنا؟

 

الأقوياء يستتبعون الضعفاء فالبلد القوي تتنامى أجزاء قوته بتناسب دقيق في كل الميادين الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقافية. وكذلك تتناسب وجوه الضعف في بلد ضعيف في كل ميادينه.

فتبعيتنا للغرب تجعلنا مستهلكين غير منتجين وخاصة في المجال الثقافي. أنا أرى ان إبداعاتنا ضئيلة وإنتاجنا الفكري والثقافي يكاد لا يذكر قياسًا بالشعوب ذات القوة والهيمنة. والشعر أحد أتعس ضحايا هذا الواقع.
 
*ما رأيك بظاهرة تكاثر الملتقيات الأدبية، خصوصًا المنابر الشعرية عندنا؟
 

إنها ظاهرة صحية تبشر ببداية نهضة أدبية. فالتفاعل بين هذه المنتديات والتنافس وازدحامها بالشعراء والمثقفين يؤدي إلى تحريك المياه الثقافية الراكدة والآسنة. حيث تتعرض النصوص للانتقاد المتنوع ما يحفز الشاعر أو الاديب على العناية بالنص وعلى التجديد والابداع.

إلاّ أنها ظاهرة لم يكتمل إنضاجها بعد لكي تؤتي ثمارها. وما يلفتني فيها أن مشاركة السيدات طاغية وقد يكون ذلك ردة فعل على تاريخ من تقييد المرأة ومنعها من تحقيق ذاتها في مشرقنا العربي والإسلامي.

أما عن كثرة الشعراء والشاعرات. فالأمر يتعلق برغبة الإنسان الفطرية بأن يستخرج الطاقة الكامنة فيه حيث تجد لها متنفسًا. وبأن أبواب العلوم والصنائع والفنون مقفلة في بلدنا، فالطاقة في إنساننا تتجسّد بالمتاح وهو الشعر والرواية والخواطر وبعض السياسة.

وبناءً عليه . أنا احترم كلَّ شاعر أو راغب بالشعر أو متذوق أو صاحب محاولات شعرية فمن بينهم جميعًا سينبثقُ إبداعنا المستقبلي.
 
 
*هل للشعر تأثير في حركة المجتمع عموماً؟

الشعر في زماننا يتمحور في مدارس ثلاث: الخطابية والتأملية والرومانسية ونادراً ما يتجاوزها الى الأبواب التقليدية.

فالشعر النثري الخطابي له أثر بارز في استنهاض  الحجم وتنهيض الجمهور حول قضية القصيدة التي غالباً ما تكون وطنية.

وقد لاحظت أن الأكثرية المساهمة من المقاومين يرددون قصائد تثني على المقاومة ويحبذون الأستماع الى الشعر أكثر من المحاضرات السياسية. والشعر التأملي له أثر في صفاء نفس المتلقي فيطرب له. ويسرحُ معه إلى آفاق بعيده من التأمل الوجودي. أما الشعر الرومانسي بكل تشعباته فهو يناغم الذات الإنسانية وتفاعلها مع ظواهر الطبيعة بصفتها جزء منها وعلى العموم لكل نوع من النصوص جمهوره المتفاعل معه والجميع ينتمون إلى الحياة الثقافية عامة والشعرية خاصة تاركين انتماءاتهم الطائفية والمذهبية والحزبية خارج أبوابها . فالشعر أحد العناصر الهامة في صهر المواطنين وتحاببهم.


 
*يطلق عليك البعض لقب شاعر المقاومة ماذا تقول؟

أكاد أجزم بأن كل شعراء الجنوب اللبناني کتبوا قصائد للمقاومة.والكثيرون منهم شاركوا في النضال المقاوم . فالمقاومة ليس لها شاعرٌ مخصوص، إنما لها شعرٌ مخصوص شارك الجميع في إنتاجه. هو الشعر المقاوم. الذي يضج بالقيم الإنسانية لا حزبية ولا طائفية ولا مناطقية.

في قصائدنا إدانة للظلم والقهر والاستبداد ومنها ثورتنا على الإحتلال والإغتصاب. وتعاطفنا مع المظلومين والمشردين في أرضهم وبيوتهم، ومع الشعب الفلسطيني الذي اغتصبت أرضه وطرد منها شريدًا لاجئًا في منافي الأرض، هذا ما يعنيه الشعر المقاوم ببعده الانساني لا الحزبي الضيّق.
والسبب واضح أننا عانينا كما الفلسطنيون من إجرام الصهانية واعتداءاتهم ومجازرهم وذقنا التهجير والتشرد على أيديهم. كما عانينا الحرمان والتهميش من نظامنا السياسي.
 

*أترك لك الختام مع قصيدة تهديها لقرّاء كواليس..

الى زوجتي إبنة مدينة صور المولودة في مثل هذا اليوم من شهر تشرين الثاني.


رأيتُ في وجهكِ الأضداد قد نُسِفَتْ
كأنه بعثٌ من مُبدعٍ بئسِ
         
فالجمرُ في مهجتي يصبو الى بَرَدٍ
في الثغر بين اللّمى والخمرِ منغرسِ
         
والشمسُ مذْ كُوّرت لم تلتقِ غلسا
فكيف آلفْت بين الشمسِ والغلسِ
         
تشرينُ يُشرقُ من جفنيْكَ مكتسياً
بشرى ربيعٍ شذا خدّيك مُختلِسِ
                                                   
حذار فالوردُ أرخى شوكه حنيفًا
ونحوكِ النحلُ جَذَّ الرّحل فاْحترسي
                                                   
لم تعرف الروحُ معنى الحلم من زمنٍ
حتى استظلّت الى أهدابك النعسُ
                                                   
دَخلت قلبي وأقفلتُ الضلوع فما
خطوت إلاّ وضجّ الصدرُ بالحرَسَ
                                                   
وصرتْ أحبسُ انفاسي أخافُ إذا
زفرتُ أن تهجري قلبي على نَفَسي
                                                 
عيناكِ تقبسُ منها ( صورُ ) روعتها
وأنت منها انبثاق النور من قَبَسِ
                                                 
تبدين أبهى شباباً كلّما عبرَتْ
بكِ السنون وتخضرّين في اليَبَسِ
                                               
لم تولدي مثلَ باقي الناس من رحمٍ
أو أنت أنجبتِ من حملٍ بلا دَنَسِ

شاهد أيضاً

مناقشة سبل تعزيز التعاون بين جامعة إب اليمنية وكاك بنك

حميد الطاهري  عقد اليوم بجامعة إب”وسط اليمن ” إجتماعا لمناقشة سبل تعزيز التعاون المشترك بين …