ماجدة الخطيب.. ظلمتها السينما ودمرها السجن!!!



زياد سامي عيتاني*


الفنانة الراحلة ماجدة الخطيب التي تحل ذكرى ميلادها (٢ تشرين الأول ١٩٤٣) إبنة شقيقة الفنان الكبير زكي رستم، وصاحبة نبرة الصوت المميزة وإطلالة الوجه التي ناسبت جميع الأدوار، إستطاعت أن تشق طريقها إلى عالم النجومية والبطولة، وسط كثير من النجمات في الستينيات، حيث أن موهبتها جعلتها أيضاً تحظى بالبطولات في العديد من الأفلام، إلا أن الأزمات التي مرت بها جعلت أسهمها تهبط.


ورغم ذلك، فإن أعمالها وصلت إلى أكثر من 180 عملاً فنياً، مما مكنها أن تحصد العديد من التكريمات والجوائز الفنية، أبرزها جائزة التمثيل، الهرم الذهبي، عن دورها في فيلم “دلال المصرية”، عام 1966، كما نالت جائزة أفضل ممثلة دور ثان عن دورها في فيلم “التفاحة”…


ماجدة الخطيب من الفنانات اللوائي تعتبر حياتهن حافلة بالكثير سواء على المستوى المهني أو الشخصي، فقد تعرضت للعديد من التجارب المريرة والمحن، لذا نستعرض أبرز المحطات في حياتها في السطور التالية:
***


النشأة والبدايات:


ولدت ماجدة محمد كامل الخطيب، في 2 أكتوبر 1943، وساعدها خالها الفنان القدير زكي رستم في دخول الحياة الفنية مطلع عام 1960 بدور صغير في فيلم “حب ودلع”، ثم شاركت بعدها في فيلم “لحن السعادة” مع محرم فؤاد وإيمان، وشاركت أيضاً بدور صغير في فيلم “البنات والصيف” لعبد الحليم حافظ، وظلت تقدم الدور الثاني في أفلام مثل “بقايا عذراء” و”الرجال لا الجميلات” و”الأصدقاء الثلاثة” و”قصر الشوق” و”بيت الطالبات” و”شنطة حمزة” و”قنديل أم هاشم”، لكن كان أشهر تلك الأفلام فيلم “نصف ساعة زواج” مع رشدي أباظه وشادية وعادل إمام.
****


الترجح بين البطولة والدور الثاني:


مع بدايات السبعينات قدمت أول بطولة مطلقة لها مع المخرج حسن الإمام في فيلم “دلال المصرية” الذي لفت إليها الأنظار وأهلها لأداء أدوار البطولة في أفلام أخرى.
و بالرغم من حصولها على البطولة المطلقة، إلا أنها عادت لتقدم أدواراً مشتركة في فيلم “الست الناظرة” مع سعاد حسني و”نص ساعة جواز” أمام شادية

.
ثم رُشّحت لتقوم بالبطولة مجدداً في فيلم “دلال المصرية” والذي حقق نجاحاً كبيراً، وقدمت بعده “شقة مفروشة” أمام أحمد مظهر وظهرت بشخصيتها في فيلم “زوجة لخمس رجال”.
ثم قدمت ماجدة الخطيب فيلم “ثرثرة فوق النيل” و”صور ممنوعة” و”البعض يعيش مرتين” و”امرأة من القاهرة” و”امتثال” و”شقة للحب” و”الأحضان الدافئة” و”في الصيف لازم نحب” و”الشوارع الخلفية” و”عجايب يا زمن” و”الحب تحت المطر” و”مجانين بالوراثة” و”احترسي من الرجال يا ماما وأخواته البنات” و”توحيدة” و”أفواه وأرانب” و”مسافر بلا طريق”.
وفي عام 1972 أنتجت لنفسها فيلم “امتثال”.
****


دخولها السجن مرتين:


في أوج نجوميتها، كانت الفنانة المشهورة على موعد مع تجربة جديدة، لكنها هذه المرة مع دراما الحياة، حين دخلت السجن أكثر من مرة لأسباب مختلفة.
فقد سجنت ماجدة الخطيب مرتين، حيث إتُهمت بالقتل في عام 1982، وقضت ثمانية أشهر في السجن الإحتياطي على ذمة محاكمتها، بتهمة القتل عن طريق الخطأ أثناء القيادة، وهي مخمورة، وقد حُكم عليها بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ وغرامة 5000 جنيه، مصري.

 
وبينما كانت الفنانة تحاول التقاط أنفاسها مجدداً، وتبحث عن دور يعيدها إلى هالة الضوء التي استقرت تحت بريقها لسنوات، جاءت الصدمة التالية، فبعد الواقعة الأولى بأربع سنوات وتحديدا في مطلع عام 1986 تم إلقاء القبض عليها مجددا بتهمة تعاطي المخدرات، حيث ضبطت برفقة اثنين من أصدقائها وبحوزتهم المخدر!


وعلى ضوء ذلك حُكم عليها ومن كانوا برفقتها، في أبريل 1987، بالسجن ثلاث سنوات، وقد أنكرت ماجدة وقتها التهمة تماماً، وأكدت أن المواد المخدرة “تمثيل في تمثيل” لغرض تصوير فيلم “ابن تحية عزوز”، وبعد سنة وأربعة أشهر غادرت السحن بعد إثبات براءتها.
****


سجينة الأدوار المساعدة:


وجاءت لحظة الإفراج عن أشهر سجينة آنذاك لتطوي صفحة البطولات السينمائية، لتجد ماجدة الخطيب نفسها حبيسة الأدوار المساعدة لفنانين كانوا يقفون أمامها في أدوار هامشية، حيث تراجعت أسمها كنجمة شباك، وإضطرت إلى إستئناف نشاطها الفني في أدوار صغيرة، وصمدت موهبتها الكبيرة أمام ظهورها في مشاهد قليلة، وبرعت في تجسيد الشخصيات المركبة.
****


معركة مع هياتم على المسرح:


كما أشرنا، فإن حالها مع النجومية قد تأثر نسبياً بعد مغادرتها أسوار السجن، فبعد أن عادت إلى عالم الفن، كانت تلك العودة لا تليق بها، عندما قدمت أدواراً ثانوية في مسلسلات تلفزيونية وأفلام سينمائية لا تناسب حجم موهبتها، حتى عملت في مسرحية “يا أنا يا أنت”، إنتاج وبطولة الفنانة الاستعراضية والممثلة هياتم، وهي المسرحية التي فشلت فشلاً ذريعاً، وأدت إلى إندلاع خلافات مادية جعلت هياتم تعتدي على ماجدة بالضرب، على خشبة مسرح الريحاني في 25 سبتمبر 1997.


مع الإشارة في هذا المجال، أنه في المسرحية مشهد يجمع بينهما، فبدأت مشاجرة عنيفة، وظن الجمهور أنها ضمن أحداث المسرحية، لكن وصل الأمر إلى ان تعدت عليها هياتم بالضرب فأصيبت بالكدمات وكسر الساق، وحينما علم الجمهور أن الموقف حقيقي أعاد المسؤولون لهم ثمن التذاكر، وتوجه الشهود لقسم شركة الأزبكية لتحرير محضر بالواقعة.
وأصدرت محكمة جنح الأزبكية حكماً بالحبس لمدة شهر لكل منهما، فلم يجد طرفا الخصومة أمامهما سوى التصالح لتجنب عقوبة السجن.
****


التكريم رغم المظلومية:


ورغم تغييبها عن البطولة المطلقة، فقد بلغت ماجدة الخطيب ذروة نضجها الفني في الكثير من الأعمال، مما جعلها تحصد جائزتين في فيلمي “يا دنيا يا غرامي” 1996 و”ست الستات” 1998 مع ليلى علوي والمخرج رأفت الميمي.


كما حصلت على جائزة أحسن ممثلة (دور ثان) من مهرجان “القاهرة السينمائي” عن دورها في فيلم “تفاحة”، وجائزة أحسن ممثلة من المهرجان القومي للمسرح المصري في 2006، عن دورها في مسرحية “أكرهك”.


وحصلت أيضا على جائزة من مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون في عام 2006، عن فيلم روائي قصير بعنوان “الزيارة”، التي لم تستطع حضور تكريمها؛ حيث إن المرض قد بدأ ينال منها.
****


المسلسلات:


إضافة إلى مشاركتها في السينما، كان لها بالتوازي أدوار لافتة في الدراما التلفزيونية، ومن أبرز مسلسلاتها: “الفراشة والعملاق” و “إن فاتك الميري” و “شيء من الحنان” و “طريق السراب” و “يا رجال العالم اتحدوا” و “زيزينيا” و “النساء قادمون” و “العصيان” و “اختطاف” و “بطة وأخواتها” و “مشوار إمرأة” و “مصر الجديدة” و “حرب الدخان” و “أحلام البنات” و “ريا وسكينة” و “مسائل عائلية جداً” و “مسلسل بنت بنوت” عام 2006، وهو آخر عمل درامي شاركت فيه.
****


مآسي الحب والزيجات الفاشلة:


تعددت علاقات ماجدة الخطيب، حيث تزوجت لأول مرة من محمد رياض، وكان من رجال الثورة، وحينما انفصلا عاشت فترة عدم توازن نفسي، ثم تعرفت على رجل أعمال سكندري يدعى مدحت الهواري، وفي صيف عام 1974 تزوجا، ولكنهما انفصلا في يونيو 1976 بعدما فشلت محاولاتها في الإنجاب منه، ثم تعرفت على مهندس صوت أمريكي وأحبته، حتى اكتشفت في فترة الاستعداد للزواج أنه مصري نصاب يدعي أنه أمريكي.


أما قصة الحب الحقيقية في حياة الخطيب كانت مع مدير تحرير صحيفة السياسة الكويتية محمد زين، نجل عائلة العيدروس العريقة في اليمن، وانتهت تلك القصة بعدما هددته عائلته بالحرمان من الميراث لو تزوج منها، وكانت تلك الصدمة الحقيقية في حياتها، لتدخل بعد ذلك في حالة إدمان للحبوب المهدئة، ولم تتزوج بعدها!
****


وفاتها:


في عام 2006 أُصيبت ماجدة الخطيب بإلتهاب حاد، وإكتشفت أيضاً في ذلك الوقت إصابتها بفشل كلوي، ووضعت على جهاز تنفس صناعي، حتى توفيت في 16 كانون الأول/ديسمبر عام 2006.
****


يجمع النقاد أن السينما المصرية لم تظلم فناناً في تاريخها كما ظلمت الفنانة الراحلة ماجدة الخطيب، التي إمتلكت كل أدوات النجاح التي تؤهلها لأن تكون نجمة من نجمات الصف الأول، إلا أن حظها السيء، لم يجعل منها نجمة إلا في فترة السبعينات، ليتحامل عليها بعد ذلك الزمن والوسط الفني، مما إضطرها للقبول بأدوار ثانوية، حتى لا تغيب عن الساحة الفنية!!!
****


إعلامي وباحث في التراث الشعبي.

شاهد أيضاً

ملف “أنا والزمن والفن” الحلقة 18 والأخيرة

  المخرج القطري أحمد المفتاح : أنا لست أنا ولا أدعي الإخلاص وأعيش الاقصاء والعراك …