تبييض صفحة “إسرائيل” في المنهج البحريني لم يمرّ … “نرفض إعادة صياغة هويتنا”

سحبت وزارة التربية والتعليم البحرينية مؤخراً، عدداً من كتب التربية الإسلامية واللغة العربية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية، وأحدثت عليها بعض التعديلات، ثم أعادت توزيعها على الطلبة، إلا أن التعديلات التي قامت بها لم تلقَ استحساناً من قبل أولياء الأمور، والمتابعين للشأن العام.
تضمنت التعديلات استبدال قصيدة عن القدس، وحذف أحاديث نبوية عن اليهود، ضمن خطة الوزارة لتطبيق “التعايش وحرية الدين في المناهج التعليمية بالمملكة”، التي صرح بها وزير التربية والتعليم الدكتور محمد مبارك جمعة، في أيار/ مايو الجاري، “فمناهجنا التعليمية تحمل هذه الروحية وهذه المبادئ، وطرق التدريس التي تتبعها الوزارة مهمة جداً لإيصال هذه القيم، من خلال إستراتيجية التدريس وغرس هذه القيم في أنفس الطلبة”، وذلك خلال انطلاق أعمال مؤتمر حرية الدين والمعتقد في نسخته الثانية، في إشارة إلى التعديلات التي أحدثتها الوزارة على المناهج.
وُوجهت التعديلات بهجوم وغضب على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد نشر الأخصائي الاجتماعي والمشرف التربوي أحمد الساعي، فيديو بعنوان “فلسطين خط أحمر”، اتهم فيه الوزارة بـ”تغيير بعض النصوص المتعلقة بالقضية الفلسطينية في بعض المناهج الدراسية والعبث فيها من خلال استبدال قصيدة بقصيدة أخرى، وتلميع صورة الكيان المحتل، وتزييف بعض الحقائق التاريخية والعقدية والإسلامية، وهو أمر مرفوض جملةً وتفصيلاً”.

تضمنت التعديلات استبدال قصيدة عن القدس، وحذف أحاديث نبوية عن اليهود، ضمن خطة الوزارة لتطبيق “التعايش وحرية الدين”

وعلى أثر الفيديو، اشتكت وزارة التربية لدى الإدارة العامة لمكافحة الجرائم الإلكترونية، متهمةً إياه بـ”إساءات واتهامات ومعلومات غير دقيقة”، مؤكدةً أن “أي إساءة أو تطاول على المختصين في قطاعاتها التعليمية من خلال تلفيق ونشر مواد تحريضية وإلصاق اتهامات لا صحة لها بهم، سوف يتم التعامل معه وفقاً للإجراءات القانونية المعتمدة”.

وتُعرف الوزارة بتشددها مع أي من منتقديها، وملاحقتهم/ ن قانونياً خاصةً خلال السنوات الأخيرة.

تحوّل في المشهد

الأمور لم تنتهِ هنا، فقد أصدر 82 عالماً وداعيةً من العلماء والدُعاة في البحرين بياناً رفضوا من خلاله هذه التعديلات، وجاء فيه: “هذا الصنيع مساس جسيم غير مسبوق بثوابتنا وقيمنا وانتمائنا، وتغييب واضح لقضيَّة المسجد الأقصى المبارك، أُولى القبلتين وثالث المسجدين، والتغييرات الأخيرة غير المبررة في مناهجنا لا تمت إلى التسامح والتعايش بأي صلة، وننبه هنا إلى أننا لا نقبل إطلاقاً أن يفرض علينا أحد وصايةً في ذلك أو أن يحاول إعادة صياغة هويتنا الإسلامية والعربية”.

واستنكر البيان “ما أقدمت عليه وزارة التربية والتعليم مؤخراً، من تغييرات مشبوهة في عدد من المناهج الدراسية المقررة في المدارس الحكومية؛ كحذف بعض الأحاديث الشريفة التي رواها البخاري ومسلم، والتصرف في بعض وقائع السيرة النبوية وأحداثها، واستبدال قصيدة عن القدس والمسجد الأقصى المبارك بأخرى فيها من المحاذير الشرعية ما فيها، وغير ذلك، وصل إلى حدّ تحريف المضامين وتزييف الحقائق”، مطالبين الوزارة بالتراجع الفوري عن هذه الخطوة، وإعادة الأمور إلى نصابها، وتعزيز الثوابت والمقدسات في مناهجنا الدراسية.
وهذا ما دفع بولي العهد ورئيس مجلس الوزراء البحريني سلمان بن حمد آل خليفة، ليأمر الوزارة بالوقف الفوري لأي تغييرات طالت المناهج التعليمية غير المتوافقة مع “قيمنا الوطنية المتمثلة في حماية الدين وعدم المساس بثوابته والتمسك بالإسلام عقيدةً وشريعةً ومنهاجاً، وفق ما ورد في ميثاق العمل الوطني والدستور”، وهو ما غيّر موازين المواقف بالكامل.
اضطرت الوزارة إلى الامتثال مباشرةً لأمر رئيس الوزراء، و”تكليف فريق من المختصين بإجراء مراجعةٍ شاملة لجميع المناهج الدراسية للتحقق من جميع عمليات التعديل والتغيير التي طالتها، وتقييم حجم هذه التغييرات والتعديلات، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمعالجة كل ما من شأنه المساس بالثوابت الوطنية والدينية، مع وضع المعايير والتدابير العلمية والمنهجية اللازمة للحفاظ على ما تتمتع به المناهج من ثراء في التعاطي مع الثوابت الدينية وتعزيز التعاليم الإسلامية”، كما قال وزير التربية في تصريح له، من دون اعتذار أو تحمّل المسؤولية عن التغييرات التي حدثت والأموال العامة التي أُهدرت في طباعة الكتب الجديدة التي تم إيقاف اعتمادها.
ويُعرف وزير التربية والتعليم البحريني، محمد بن مبارك جمعة، الذي عُيّن في شباط/ فبراير الماضي، بأنه مناصر للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث شارك عندما كان وكيلاً للوزارة في اجتماعات مع وزراء إسرائيليين، ودعا إلى مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي ليتسنى له ولمحبّي/ ات التطبيع الآخرين/ يات “مدّ جسور السلام والصداقة” مع الشعب الإسرائيلي.

كيّ الوعي واغتصاب السلطة

يقول عضو الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني، غسان جاسم سرحان، لرصيف22: “تهدف هذه التغييرات إلى كيّ الوعي وخلق جيل جديد لا ينتمي إلى الثقافة العربية ولا ينتمي إلى القضية الفلسطينية، لأن الهدف هو نقل التطبيع من المستوى الرسمي إلى المستوى الشعبي على مستويات عدة، منها تطبيع خدمات لا يمكن للمواطن البحريني مقاطعتها لأنه لا يوجد بديل لها، كالخدمات الصحية والتعليمية، وتالياً يتم كسر الحاجز النفسي في التعامل مع العدو”.

شاهد أيضاً

إيران: نؤكد وجود مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة في مسقط

ممثلية إيران لدى الأمم المتحدة تؤكد الأخبار المتداولة بشأن مفاوضاتٍ غير مباشرة بين طهران وواشنطن …