القدس في وجدان وعقل المرجع الراحل السيِّد محمد حسين فضل الله

 

القدس الرمز :

لم تغب قضية اغتصاب فلسطين والقدس عن قلب سماحة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض) وعقله، فكان في كل المناسبات والمواقف والخطب والندوات وغيرها من المنابر، يتحدث عن أهمية القدس ورمزيتها للعرب والمسلمين والعالم..

ففي إحدى المناسبات، يقول سماحته(رض): القدس رمز يعطي الأرض والمنطقة والسياسة معنى، الأرض حجارة وتراب، مهما ارتبط الإنسان بها، فإنها لا تعدو أن تثير فيه شيئاً من الألفة، ولكنها لا تهزّ أعماقه من الداخل.. لهذا فإن قضية أن تتحرك من أجل تحرير أرض اغتصبت، لا بدّ لك من أن تجعل من الأرض قضية، قضية تتعدى حدودها وحجمها، حتى يستطيع اتساع القضية أن يأتي من بعيد ليحقق لك شيئاً في حركتك من أجل الأرض، فتكون بذلك تأتي إليها من أفق واسع، وإذا جئت إليها كذلك، تكون قد طوّقتها من جميع الجهات، فتصبح الأرض قضية ورسالة…

ويتابع سماحته(رض) حديثه عن القدس الرّمز بقوله: معنى أن تكون القدس الرمز، أن تنطلق من موقع كل الرسالات السماوية، لتجعلها طابع سياستك ووطنيتك وإخلاصك لأرضك، ولتجعل من القدس، لا قصة المحاريب التي يصلّي فيها الناس، ولا قصة الهيكل والقبب والمآذن التي يتطلعون إليها، بل أن تحوّلها إلى إنسان، من خلال أن الإسلام يجعل المسجد في خدمة الإنسان، لا الإنسان في خدمة المسجد…
ويشير سماحته إلى مسألة مهمة عندما يقول: إننا نطرح القدس على أساس أن تكون الرسالة المنفتحة التي لا تضيق ولا تتعلّب ولا تختنق بهذا اللّغو الطائفيّ الذي يتحدّث فيه أولئك الذين ينتمون إلى رسالات السماء، عندما يختنقون بهذه الرّسالة بعد أن يخنقوها في داخل أنفسهم…

معنى القدس :
معنى القدس أنك تتحرك في سياستك من موقع إسلامك لله، ومن موقع ما تمثله القدس من معنى رسالي يتحرك في كل رسالات الله، وبذلك يمكن لك أن تتحرك من خلال هذه الرسالة المنفتحة على الحياة كلها والناس كلهم…
لهذا لا بد لنا من أن نعيش القدس كرسالة وقضية، وامتداد سياسي رسالي في حياتنا، ليجعل كل خطواتنا السياسية منطلقةً من خط الإسلام بعيداً عن كلّ لفّ ودوران.. لأن قضية أن تقود الساحة لتغيِّر الساحة، ليس أن تلف وتدور حول الساحة، بل لا بد من أن تواجهها مواجهة حاسمة تربط الساحة بالفكرة، وتوجّه الفكرة لحركة الساحة …

القدس رمز لفلسطين :
وفي هذا اليوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان هو يوم القدس الذي أُريد له أن يذكّر الناس بالقدس على أساس أنها رمز لفلسطين كلِّها، فلسطين التي اغتصبها اليهود وأضاعها العرب والمسلمون، وحيكت حولها المؤامرات الدولية، وفي مقدمتها أمريكا وأوروبا والكثير من الدول التي شرّعت بقرار من الأمم المتحدة، استيلاء اليهود على فلسطين. وإذا كان هؤلاء قد اعتبروا القدس موضع نقاش، فإن الواقع هو أنهم يتحركون مع القرارات الإسرائيلية في ذلك .

لذلك، نحن بحاجة إلى أن نستعيد ذكرى سقوط القدس لتبقى في البال الإسلامي، حتى نستعيدها في المستقبل إذا استطاع المسلمون أن يأخذوا بأسباب القوة في حياتهم العامة .
التوحد بالقدس :
ومن هنا كان لا بدّ لنا من صدمة تصدم واقعنا وطائفيّتنا وأحزابنا وإقليميّتنا.. لتقول لنا: إنّ هناك القدس، فإذا كنتم تفكرون من خلال موسى(ع)، فالقدس قدس موسى(ع)، وإذا كنتم تفكّرون من خلال عيسى(ع)، فالقدس قدس عيسى(ع)، وإذا كنتم تفكّرون من خلال محمد(ص)، فالقدس قدس محمد(ص)..

القدس تريد أن تذكّرنا.. تذكّرنا لنفكر.. تذكّرنا لتنفع الذكرى، تهزّنا، تجعلنا ننطلق لنتوحد بالقدس ..

المصدر : موقع بيّنات الإلكتروني
اعداد : علي رفعت مهدي
الجمعة 23 رمضان 1444 للهجرة .
يوم القدس العالمي

شاهد أيضاً

إيران: نؤكد وجود مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة في مسقط

ممثلية إيران لدى الأمم المتحدة تؤكد الأخبار المتداولة بشأن مفاوضاتٍ غير مباشرة بين طهران وواشنطن …