رمضانيات [ 16] الحسن (ع): الإمام القدوة :

إنّنا عندما ننفذ إلى داخل شخصيَّة الإمام الحسن (ع)، نرى فيها شخصيَّة رسول الله (ص) في عناصرها الإنسانيَّة والروحيَّة والأخلاقيَّة، ونرى فيها علم عليّ بن أبي طالب (ع)، وروحانيَّة فاطمة الزّهراء (ع)، فلقد كان الإنسان الَّذي يمثّل هؤلاء كلّهم، وكانت شخصيَّته اختصاراً لشخصياتهم، لذلك، فإنّنا عندما نلتقي بالإمام الحسن (ع)، فعلينا أن نخرجه من جوّ المأساة إلى آفاق الرسالة، وعلينا أن نقتدي به في صبره وحلمه، وانفتاحه على المجتمع، وإحساسه بالمسؤوليّة في الحياة، وهكذا كان أئمّتنا(ع) في خطّ جدهم رسول الله (ص) الخطّ المستقيم، وعلينا أن نحسّ أنهم حاضرون معنا من خلال ما نمارسه من قول هو قولهم، ومن فعل هو فعلهم، ومن موقف هو وقفهم …

وقد ذكرنا مراراً أنّ هناك فرقاً بين (الحبّ) و(الولاية)، فالحبّ نبضة قلب وخفقة إحساس ودمعة تسيل، ولكنَّ الولاية موقف، فعلينا أن نقف حيث وقفوا، وأن نسير حيث ساروا، وأن نحقّق الأهداف الّتي انفتحوا عليها، لنكتشف الطّريق المستقيم في كلماتهم …..

الوصايا الرساليّة :
من الكلمات والحكم القصيرة للإمام الحسن المجتبى (ع) :

قال (عليه السلام): “ما تشاور قوم إلا هدوا إلى رشدهم. اللّؤم أن لا تشكر النّعمة”. وقال لبعض ولده: “يا بنيّ، لا تؤاخ أحداً حتى تعرف موارده ومصادره. القريب من قرَّبته المودّة وإن بعد نسبه، والبعيد من باعدته المودّة وإن قرب نسبه. الخير الّذي لا شرّ فيه الشّكر مع النعمة، والصبر على النازلة. العار أهون من النار”.

وقال في وصف أخٍ صالحٍ كان له: “كان من أعظم النّاس في عيني، وكان رأس ما عظم به في عيني، صغر الدنيا في عينه، كان لا يشتكي ولا يسخط ولا يتبرّم، كان أكثر دهره صامتاً، كان إذا جالس العلماء على أن يستمع أحرص منه على أن يقول، كان إذا غلب على الكلام لم يغلب على السكوت، كان لا يقول ما لا يفعل ويفعل ما لا يقول، كان إذا عرض له أمران لا يدري أيّهما أقرب إلى ربّه، نظر أقربهما من هواه فخالفه، كان لا يلوم أحداً على ما قد يقع العذر في مثله”.

وقيل له: فيك عظمة، فقال: “بل في عزّة الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}” [المنافقون: 8].

وسئل عن المروءة فقال: “شحّ الرّجل على دينه وإصلاحه ماله وقيامه بالحقوق .”

وسأله رجل أن يجالسه، فقال: “إيّاك أن تمدحني، فأنا أعلم بنفسي منك، أو تكذبني، فإنه لا رأي لمكذوب، أو تغتاب عندي أحداً”. فقال له الرّجل: ائذن لي في الانصراف. قال: نعم، إذا شئت.

ومرّ (عليه السلام) في يوم فطر بقوم يلعبون ويضحكون، فوقف على رؤوسهم فقال: “إنّ الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه، يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وقصّر آخرون فخابوا. فالعجب كلّ العجب، من ضاحك لاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون. وأيم الله، لو كشف الغطاء، لعلموا أن المحسن مشغول بإحسانه، والمسيء مشغول بإساءته”. ثم مضى، وقال: “هلاك المرء في ثلاث: الكبر، والحرص، والحسد. فالكبر هلاك الدّين، وبه لعن إبليس، والحرص عدوّ النفس، وبه خرج آدم من الجنّة، والحسد رائد السّوء، ومنه قتل قابيل هابيل .”

وقال (عليه السلام): “لا أدب لمن لا عقل له، ولا مروءة لمن لا همّة له، ولا حياء لمن لا دين له، ورأس العقل معاشرة النّاس بالجميل، وبالعقل تدرك الداران جميعاً، ومن حرم العقل حرمهما جميعاً” .

تنسيق : علي رفعت مهدي
الجمعة : 16 رمضان 1444 للهجرة

شاهد أيضاً

إيران: نؤكد وجود مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة في مسقط

ممثلية إيران لدى الأمم المتحدة تؤكد الأخبار المتداولة بشأن مفاوضاتٍ غير مباشرة بين طهران وواشنطن …