رمضانيات [ 15] الأسلوب الحسن من وحي ذكرى ولادة الإمام الحسن (ع) (ج 2)

المرجع السيّد محمد حسين فضل الله

التفكير بالله :

…. لقد كان الإمام الحسن(ع) كجدّه وأبيه وأخيه دائم التفكير بالله قبل أن يفكر بالناس وكان يقول: “من أراد عزّاً بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان فلينتقل من ذلّ معصية الله إلى عزّ طاعته”، فالعزّ هو في طاعة الله أكثر والذلّ هو بمعصية الله أكثر. ففي الدنيا يشعر الإنسان بالعزّة عندما يشعر أنه مع الله كما كان يشعر رسول الله بالعزّة والدنيا تقف ضده فيقول الرسول: “إن لم يكن بك غضب عليّ (يا رب) فلا أبالي” ويقول لصاحبه في الغار مطمئناً له: “لا تحزن إن الله معنا” وكذا المسلمون من صحابة الرسول الذين قيل لهم إن الناس قد جمعوا لكم فخافوهم واخشوهم فزادهم الله إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. وهكذا نجد زين العابدين(ع) وهو يلتفت إلى ما عند الناس من قيم كاعتبارهم أن الشريف هو من يملك الجاه والثروة والسلطة، وأن الحقير الوضيع من لا يملك ذلك، يقول مناجياً ربه : “واعصمني من أن أظن بذي عدم حساسة أو أظن بصاحب ثروة فضلاً فإن الشريف من شرّفته طاعتك والعزيز من أعزّته عبادتك”.

إننا نستوحي من ذلك كلّه أن لا نتألّم ولا نجزع ولا نشعر بالإحباط عندما تدفعنا مسؤولياتنا إلى أن نعاني بعض الآلام ونواجه بعض المشاكل لأن الإنسان المسؤول يستمدّ طعم الألم في حركة مسؤوليته لأنه يشعر أن الله يراه وهو يتألم، فلا تحدّقوا في عيون الناس كيف تلمع لنجاحاتكم في مسؤولياتكم ولكن انظروا إلى الله تعالى الذي يتقبل منكم أعمالكم، في خط مسؤولياتكم حيث عليكم في هذه الأعمال أن تعتبروا أنفسكم في صلاة وعبادة. فما هو موقفكم في الصلاة؟ أليس همّكم رضى الله تعالى؟ وأن يتقبل منكم؟

التربية الصلاة :
إن العمل في تربية الجيل صلاة، والعمل في تثقيف الجيل صلاة، والعمل في رفع مستوى الجيل صلاة. لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وتقرّب الإنسان إلى الله، والله يريد للجيل أن يبتعد عن الفحشاء والمنكر، ويريد للجيل أن يحب الله ويريده أن يكون قريباً منه لهذا كلما علّمنا الجيل أكثر ربّيناه أكثر وفتحنا قلبه للمسؤولية أكثر، وعقله على الله أكثر. وكلّما جعلناه يحب الإنسان أكثر كلّما كان جيلاً يحبه الله.

العطاء الروحي:
ولهذا لا تعتبرواّ عملكم في هذه المؤسسة أو غيرها من المؤسسات مجرد مهنة للعيش ولكن اعتبروها رسالة للحياة ورسالة للإنسان، ورسالة في سبيل الله.. حتى يكون عطاؤكم عطاءاً روحياً بالإضافة إلى ما فيه من عناصر ثقافية وتربوية.
إن مَن أحبّ الله، أحب عباده، وكلما أحببنا الناس أكثر استطعنا أن ننفعهم أكثر.. والقلوب المغلقة عن الناس لا تستطيع أن تفتح قلوب الناس عليها، وعقول الناس، فالقلب المفتوح هو الذي يفتح القلوب الأخرى بانفتاحه.. وهذا ما عبّر عنه أمير المؤمنين(ع): “أحصد الشرّ من صدر غيرك بقلعه من صدرك” فعندما نقتلع الشرّ من صدورنا تنفتح قلوبنا على الناس وعلى الخير للناس والقلب الإنساني ودود وعطوف وهو ينفتح على القلب الآخر عندما ينفتح عليه.. ولن نستطيع أن نفتح عقول الناس علينا إلاّ إذا استطعنا أن نفتح قلوب الناس علينا، لأن أقرب طريق إلى العقل هو القلب.. فإذا استطعنا أن نربح قلوب الناس كانت الطريق إلى العقل أقرب الطرق ….

✍️ تنسيق :
علي رفعت مهدي
15 رمضان 1444 للهجرة .

شاهد أيضاً

مختار الشويفات يونس الضاهر يرد على “صفحات وهمية باسم العرب” تسيء إلى الجيش اللبناني

رد مختار الشويفات والعرب يونس الضاهر على “الصفحات الوهمية التي أساءت باسم العرب الى قيادة …