رمضانيات [ 14 ] . الأسلوب الحسن من وحي ذكرى ولادة الإمام الحسن (ع) ج1

المرجع السيد محمد حسين فضل الله

5/2/1996 بيروت

نحن عندما نطلّ على ذكرى هذا الإمام العظيم، فإننا نلتقي بكل القيم الكبرى التي تتمثّل بالإسلام كلّه، فكراً وروحاً وعاطفة وحركة..
في هذا الأجواء التي نعيشها في منتصف هذا الشهر المبارك شهر رمضان ، نلتقي بذكرى الإمام الحسن بن علي(ع) .. ونحن عندما نطلّ على ذكرى هذا الإمام العظيم فإننا نلتقي بكل القيم الكبرى التي تتمثّل بالإسلام كلّه، فكراً وروحاً وعاطفة وحركة لأننا عندما نتذكّر هذا الإمام العظيم فنحن نتنفّس الجنة بكل طيّباتها ، وبكل روحانيتها ووداعتها، وبكل رضوان الله فيها لأن من نتذكره هو أحد سيّديّ أهل الجنة، “الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة”، وفي ذلك، قد نحتاج إلى أن نطلّ في روحانية هذا الشهر المبارك شهر رمضان على علاقة هذا الإمام العظيم بالله، فقد كان الحسن(ع) يمارس العطاء الكلّي في حياته باسم الله كما لو كان يتعبّد الله، فقد ورد في سيرته أنه خرج من ماله مرتين، بحيث أنه كان يتصدق بكل ماله وشاطر الله ماله (أي أعطى الله النصف وأبقى لنفسه النصف ثلاث مرات) وكان يحج إلى مكة من المدينة ماشياً على قدميه، لخمسة وعشرين مرة، تواضعاً لله وإخلاصاً له، ولم يكن ذلك من خلال حاجة للراحلة فقد كانت الإبل والخيول تتحرك بين يديه، بل إنه أراد أن يشهد الله على أنه يرهق جسده في طريق طاعته ليعلّمنا من خلال ذلك أن نعيش في الحياة العطاء للإنسان كلّه باسم الله وأن لا يتعقّد الإنسان من عطاء أو جهد يبذله من أجل الله، فنحن عباد الله في الأرض وقد أرادنا الله أن نتحمّل مسؤولياتنا في طاعته في عباد الله وإعمار الأرض وبنائها وتقويمها وتصحيح مسارها على ما يحبه الله ويرضاه.. وعلى هذا الأساس فإن علينا عندما ندرس هذه المسؤولية في حياتنا بين يديّ الله أن لا نفكّر بأن الدنيا هي فترة راحة بالنسبة إلينا، أي أن السعادة كل السعادة أن نحصل على الراحة، راحة الجسد، ولكن أن نفكّر أن الحياة دار مسؤولية والسعادة فيها هي أن نعرف كيفية القيام بمسؤولياتنا في ما أوجبه الله علينا..

راحة الروح :
إن الراحة المطلوبة للإنسان المسؤول في الحياة هي راحة الروح لا راحة الجسد وراحة العمل لا راحة الفراغ، وراحة الضمير عندما يتحسس في وجود الإنسان أنه قام بمسؤوليته … وعلى ضوء هذا تكون السعادة كلّها هي أن نحصل على رضى الله تعالى .. فإننا عندما نعيش حياتنا العاطفية ربما يفكّر أي واحد منّا رجالاً ونساءً أن السعادة المثلى هي أن يرضى عنه من يحب، ألسنا نفكّر في أن يرضى عنا من نحبهم ونودّهم وأن يرضى عنا من نخلص لهم؟ فأي محبوب أعظم من الله؟ وأي محبوب أحبّ إلينا من الله؟ وأي موجود أعطانا مثل الذي أعطانا إياه الله؟ وأي موجود يملك من عظيم الصفات التي تجذب القلب والعقل والروح كما يملكه الله تعالى؟

 

محبة الله:

فالله هو المحبوب في عظمته وهو المحبوب في نعمه وهو المحبوب في أسمائه وصفاته الحسنى.. ولذلك أن يحبنا الله ويرضى عنّا فتلك هي السعادة المطلقة. لأن الله كلّما أحبّنا رحمنا وكلّما رحمنا أنعم علينا، وكلما أعطانا من نعمه رزقاً وراحة وأمناً وعافية وصحة وسلامة وطمأنينة …..

تنسيق :
علي رفعت مهدي
14 رمضان 1444 للهجرة

شاهد أيضاً

الشارقة تتصدر المشهد اليوناني مع الاحتفاء بها ضيف شرف الدورة الـ20 من “معرض سالونيك الدولي للكتاب”

بدور القاسمي: لسنا مجرد ممثلين لدولنا ولكننا مسؤولون عن قصة إنسانية مشتركة ● عمدة مدينة …